قلعة صيدا تتألق مجدداً بمبادرة إيطالية

نقوش على الحجارة في قلعة صيدا المرممة
نقوش على الحجارة في قلعة صيدا المرممة
TT

قلعة صيدا تتألق مجدداً بمبادرة إيطالية

نقوش على الحجارة في قلعة صيدا المرممة
نقوش على الحجارة في قلعة صيدا المرممة

تعد قلعة صيدا، على الساحل الجنوبي في لبنان، واحدة من الأماكن الأثرية التي تجذب السياح، من أجانب ومقيمين. وهي قلعة بناها الصليبيون على جزيرة في مدينة صيدا عام 1228م، وتبعد نحو 80 متراً من الشاطئ. وتكمن أهميتها في أنها مرتبطة بجسر صخري مبني على تسع قناطر. ويعتقد أنه شيد مكان معبد فينيقي مخصص لعبادة الإله ملكرت بسبب النقوش على الحجارة التي استعملت في بناء القلعة. وكان القسم الشرقي من القلعة يعد مركزها الرئيسي، وهو عبارة عن برج كبير له عدة بوابات من الجهة الجنوبية لا تزال بقاياها ظاهرة حتى اليوم. وطول البرج 27 متراً، وعرضه 21 متراً، وبناؤه ضخم سميك الجدران. وقد استعمل في بناء السور الخارجي أعمدة من الغرانيت. ويزين مدخل القلعة أحجار سوداء منحوتة، ويقع داخلها مسجد بناه الأشرف صلاح الدين خليل، وجدده الأمير فخر الدين.
وشهدت القلعة البرية في صيدا إهمالاً ملحوظاً، إذ لم يجرِ ترميمها منذ سنوات طويلة. وبناء على مشروع مكتمل وتمويل تقدمت به الدولة الإيطالية من أجل الحفاظ على التراث اللبناني، أُعيد ترميم هذه القلعة، وجرى الاحتفال بإعادة افتتاحها بحضور السفيرة الإيطالية لدى لبنان نيكوليتا بومبادييري، ووزير الثقافة اللبناني محمد مرتضى.
وبلغت كلفة ترميم هذه القلعة 650 ألف يورو، وشمل قسماً من هياكلها القديمة وممرات أثرية، إضافة إلى استحداث أقسام خدماتية جديدة فيها، كمدخلها الرئيسي، وشباك التذاكر، والمراحيض. ويأتي المشروع ضمن مبادرة قامت بها الدولة الإيطالية، لتشمل أماكن أثرية أخرى، وهما قلعتا صور وبعلبك. وقد رصدت ميزانية لهذا المشروع، بلغت 12 مليون يورو، تكفلت بها إيطاليا.
وأكدت السفيرة الإيطالية لدى لبنان نيكوليتا بومبادييري أن اهتمام إيطاليا بلبنان الثقافة يعود إلى التاريخ الغني الذي يملكه. وشددت خلال افتتاح القلعة على أن البلد مدعو اليوم لمواجهة تحديات وصعوبات كبيرة يمكن أن يشكل غنى تراثه الثقافي أحد الأسلحة للتغلب عليها. وأضافت أن هذه المبادرة تتعلق بقطاع كغيره من القطاعات التي تشهد على التزام إيطاليا الدائم بأن تكون إلى جانب بلاد الأرز.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، ذكر مكتب التعاون الإنمائي الإيطالي الذي شارك في هذا المشروع أنّ القلعة أصبحت أبوابها اليوم مفتوحة أمام الزوار. وأضاف: «لقد استعنا بخبرات إيطالية في هذا القطاع، وقمنا بالأعمال المطلوبة، بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار والمديرية العامة للآثار في لبنان».
وكانت قد حددت طبيعة الأعمال في القلعة، حسب مكتب التعاون الإنمائي الإيطالي، بناء على مسح أظهر الأماكن التي هي بحاجة أكثر من غيرها لإعادة ترميمها وتنظيفها. وقد أضاف: «قمنا بجميع هذه الأعمال بالشروط الدولية الموافقة لعمليات ترميم الآثار عالمياً، فأنجزنا أعمال ترميم وتدعيم وصيانة للقلعة ومحيطها، وشملت المباني الرئيسية التي عملنا عليها تلك التي تعود إلى الحقبة الرومانية والقرون الوسطى التي هي جزء لا يتجزأ من الممر الذي يؤدي إلى المسرح الروماني الموجود داخل القلعة».
وكان لوزير الثقافة اللبناني محمد مرتضى كلمة خلال افتتاح قلعة صيدا البرية، شكر فيها حكومة إيطاليا على مبادرتها ودعمها الثقافي للبنان. ومما جاء فيها أنّ «هدفنا هو تنشيط الحركة الثقافية والسياحية في هذا المكان، والحفاظ على التراث التاريخي كنزاً للأجيال المقبلة، فلا تحيا أمة تتنكَّرُ لماضيها}.
وخصصت المبادرة الإيطالية قسماً كبيراً من أعمالها الترميمية لـخان القشلة، الواقع في السوق القديم في صيدا. ويوضح المكتب الإنمائي الإيطالي أنّ العمل لا يزال قائماً في هذا المكان المهمل منذ سنوات طويلة، وسيُحول إلى مركز للحرف اليدوية. أما كلفة ترميمه، فتبلغ نحو مليوني يورو.
ويعود خان القشلة إلى القرن الثامن عشر، وقد خضع لتغييرات وتحولات على مر القرون حتى هجره بالكامل. وحسب ما قاله المكتب الإنمائي الإيطالي لـ«الشرق الأوسط»، فإنه تم رصد ميزانية بقيمة مليوني يورو لهذا المكان، وأعيد ترميمه نظراً لقيمتيه الثقافية والتاريخية الكبيرتين. وسيقام فيه مساحات مخصصة للتدريب، وتسويق منتجات محضرة ومنفذة من قبل أهالي مدينة صيدا.
وتشمل المبادرة الإيطالية إعادة ترميم قلعتي صور وبعلبك. وفي هذه الأخيرة، أُضيف إلى ترميم هيكل جوبيتر تجديد مبنى البلدية. ويتوقع المكتب الإنمائي الإيطالي إنهاء كل الأعمال الترميمية العام المقبل. وقد بدأت المبادرة منذ عام 2016، إلا أنها توقفت لفترة في عام 2019. وعما إذا كانت هذه المبادرة تشمل إعادة ترميم قلعة جبيل في شمال لبنان، أكد مكتب الإنماء الإيطالي أنها لا تدخل في صلب مبادرتهم، وأنه سبق أن عمل على ترميمها من قبل البنك الدولي.
واليوم، تتألق قلعة صيدا الأثرية من جديد بفضل المبادرة الإيطالية، وقد نُظفت بالكامل، وشُيد جدار إسمنتي وأسوار لها للإسهام في حمايتها والحفاظ عليها.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.