«الجونة» السينمائي يحتفي بالمخرج البولندي كيشلوفسكي

عبر معرض يبرز صوره ونسخاً مرممة من أفلامه

بوستر معرض المخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي
بوستر معرض المخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي
TT

«الجونة» السينمائي يحتفي بالمخرج البولندي كيشلوفسكي

بوستر معرض المخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي
بوستر معرض المخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي

يحتفي مهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة بالمخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي، الذي يعد أحد أباطرة السينما في العالم الذين يجري تدريس أفلامهم في المعاهد والأكاديميات الفنية، ويأتي هذا الاحتفاء في ذكري مرور 25 عاماً على رحيله 27 يونيو (حزيران) 1941 - 13 مارس (آذار) 1996 حيث يقيم المهرجان معرضاً استعادياً يتضمن صور أفلامه، وهي ليست مجرد لقطات ومشاهد، بل رسومات خطها بيده، توضح مسارات مختلفة لرؤيته للعمل، كما يتضمن مواد أصلية من أرشيف السينما «سينماتك» بإجمالي 50 صورة لملصقات وصور من أفلام كيشلوفسكي الأيقونية، تظهر مواقع التصوير، بجانب صور شخصية للمخرج ويضم المعرض 23 ملصقاً من متحف السينما في لودز، قام بتصميم المعرض منسق المناظر ومهندس الديكور الفنان أنسي أبو سيف، وتم تخصيص قاعة داخل المعرض لعرض فيلم وثائقي عنه، يعرض بشكل متتالٍ لجوانب مذهلة من حياة المخرج الراحل وأفكاره، الفيلم بعنوان: «كريستوف كيشلوفسكي... أنا بين بين» من إخراج كريستوف فيشبيسكي.
ويقول أنسي أبو سيف، مصمم المعرض لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ليس معرض صور للمخرج وأفلامه، بل عرض لتاريخ واحد من أهم مخرجي السينما في العالم، حيث نقدم رحلة داخل عقله عبر أفلامه ومواقفه وأسلوبه الذي تميز به، لذا أضفنا لوحة تتضمن رحلته مع الأفلام منذ البداية وحتى النهاية».
فيما أكد المخرج أمير رمسيس، المدير الفني لمهرجان الجونة أن «الاحتفاء بهذا المخرج الكبير يعد تكريماً للفنان الذي ألهم أجيالاً متعددة من صانعي السينما في العالم، فأنا من بين الذين تأثروا به، فقد حملت أفلامه لغة سينمائية خاصة، وتعلمنا منها كيف يمكن للسينما أن تصبح أكثر تعبيراً من خلال الصورة واللون والموسيقى». وينفرد المهرجان بعرض بعض أفلامه المرممة ضمن برنامج تكريمه، تشمل أفلامه الثلاثة التي تندرج تحت عنوان ثلاثية الألوان «أزرق، أبيض، أحمر» التي ترمز إلى العلم الفرنسي، وحصل بها على جائزتي «الأسد الذهبي» من مهرجان فينسيا، و«الدب الفضي» من برلين، إضافة لترشحه لثلاث جوائز في الأوسكار، وهي آخر ما قدمه سينمائياً خلال عامي (1993 - 1994)
ويروي المخرج الكبير عبر فيلمه الوثائقي كيف تم رفض طلبه مرتين للانضمام لمدرسة السينما بمدينة لودج، وهي المدرسة التي درس بها رومان بولانسكي وأندريه وإيدا، بسبب عدم تأديته للخدمة العسكرية، إلا أن طلبه تم قبوله في المرة الثالثة ليدرس بها خلال فترة الستينات (1964 - 1968) ويقرر الاتجاه إلى إخراج الأفلام الوثائقية التي بدأها بفيلم (عمال 71) وعرض فيه لمناقشات العمال للإضرابات التي وقعت في بولندا، وقد فرضت رقابة على الفيلم من قبل السلطات البولندية في ذلك الوقت، مثلما طاردته الرقابة بسبب فيلمه «كاميرا بوف» 1979 وتم منع عرض الفيلم لفترة، وجاءت المفاجأة بفوزه بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي، وظلت أفلامه تحت أعين الرقابة التي تدخلت لتعديل بعضها، وإعادة تصوير مشاهد منها، بل إن فيلمه «فرصة عمياء» 1980 تعرض للمنع من العرض ولم يفرج عنه سوى بعد ست سنوات من إنتاجه، ويعد فيلمه (لا نهاية 1984) من أهم أفلامه التي صنفت كفيلم سياسي والذي تعرض بسببه للمحاكمات السياسية في بولندا خلال فترة فرض الأحكام العرفية.
ويعد فيلم «الوصايا العشر» 1988 أحد أهم أفلام كيشلوفسكي الذي قدم من خلاله عشرة أفلام قصيرة، وقال عنه المخرج الأميركي ستانلي كوبريك في الفيلم: «كنت دائماً أمام السمة المميزة لسينما كيشلوفسكي، التي بدت جلية بالنسبة لي عندما شاهدت فيلم (الوصايا العشر) فقد أصبحت موقناً بأن هذا المخرج لديه قدرة فريدة على تحويل ما يحمله من أفكار إلى دراما».


مقالات ذات صلة

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».