عبادي الجوهر يغني في «الموسيقى العربية» للمرة الأولى

الدورة الـ30 للمهرجان في القاهرة تشهد عودة أصالة وغياب أنغام

الفنان السعودي الكبير عبادي الجوهر (أرشيفية)
الفنان السعودي الكبير عبادي الجوهر (أرشيفية)
TT

عبادي الجوهر يغني في «الموسيقى العربية» للمرة الأولى

الفنان السعودي الكبير عبادي الجوهر (أرشيفية)
الفنان السعودي الكبير عبادي الجوهر (أرشيفية)

يشارك الفنان السعودي الكبير عبادي الجوهر في الدورة الـ30 من مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة للمرة الأولى، ضمن مشاركات عربية واسعة في المهرجان المقرر انطلاقه في بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لمدة أسبوعين.
وتشهد الدورة الـ30، تكريمات ومشاركات عربية مميزة، أبرزها مشاركة الجوهر الذي يكرمه المهرجان هذا العام، وكذلك الموسيقار السوداني محمد الأمين.
وكشفت إدارة المهرجان، مساء أول من أمس، خلال المؤتمر الصحافي الخاص بالإعلان عن تفاصيل الدورة الـ30، عن تقديم مجموعة منوعة من الحفلات الفنية عبر 6 مسارح بالقاهرة ودمنهور ومكتبة الإسكندرية للمرة الأولى. وقد تم الإعلان عن إقامة 33 حفلاً بمشاركة 101 فنان من 10 دول، بالإضافة لمشاركة 50 باحثاً عربياً وأجنبياً في المؤتمر العلمي المصاحب للمهرجان الذي يناقش موضوع (الآلات الموسيقية في الإبداع الموسيقي العربي المعاصر).
ويهدي المهرجان هذا العام دورته إلى روح كل من الموسيقار جمال سلامة والموسيقار عبده داغر وتقدم الدكتورة إيناس عبد الدايم، خلال حفل الافتتاح (لمسة وفاء) للراحل جمال سلامة، حيث تشارك بالعزف على آلة الفلوت في مجموعة من مؤلفاته مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو ناير ناجي، إلى جانب عدد من أعمال الموسيقار عبده داغر بقيادة المايسترو هاني فرحات.
وفيما تعود الفنانة السورية أصالة للمشاركة في المهرجان العام الجاري، فإن الفنانة المصرية أنغام تغيب بسبب ارتباطاتها الفنية، بحسب الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية.
وتتواصل الفعاليات على مدار 15 يوماً لأول مرة في تاريخ المهرجان منذ احتفائه باليوبيل الفضي قبل خمس سنوات، بمشاركة عربية كبيرة من بينها الفنانة سميرة سعيد، ومدحت صالح، وأصالة، ومروان خوري، ووائل جسار، وهاني شاكر، وعلي الحجار، وصابر الرباعي، ونجمة حفل الختام الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي.
وأشادت جيهان مرسي، مديرة المهرجان، في كلمتها، بالفنانين الذين رحبوا بكل حب وود بالمشاركة في هذه الدورة، قائلة: «مهرجان الموسيقى العربية شرف لكل فنان مصري وعربي، فنحن نبحث عن الفن والطرب الأصيل من خلال المهرجان ومن يشارك يعي جيداً قيمته ومن لم يشارك هو الخاسر».
وتتضمن فعاليات المهرجان عدداً من المسابقات، أبرزها المسابقة الكبرى التي تشترط أن تكون الأغنية جديدة، ومسابقة الارتجال في العزف على آلات التخت الشرقي، ومسابقة الدكتورة رتيبة الحفني للغناء العربي لشباب وأطفال ذوي القدرات الخاصة.
وارتفعت قيمة الجوائز المادية هذا العام مقارنة بالعام الماضي، حيث أعلنت جيهان مرسي، مديرة المهرجان، أن قيمة الجائزة الكبرى وصلت إلى 150 ألف جنيه.
وقال الموسيقار المصري حلمي بكر، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الموسيقى العربية يقف كحائط صد في وجه الفن (الهابط) والإسفاف الذي انتشر بقوة في الآونة الأخيرة، وإن الحفاظ على الهوية العربية من خلال هذا المهرجان يؤكد أن الريادة الفنية كانت ولا تزال وستستمر في مصر».
ويكرم المهرجان هذا العام 18 شخصية من رواد الأغنية العربية أبرزهم الشاعر المصري مدحت العدل، وهشام نزيه، ومحمد ضياء، والفنان السعودي عبادي الجوهر، ومروان خوري، والموسيقار السوداني محمد الأمين، وعازف القانون فرات قدوري، والموسيقي التونسي محمد المصمودي، والدكتور جمال سلامة، والموسيقار خالد الأمير، والفنان عبده داغر.
وأعلن الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية، خلال المؤتمر، أن أسعار تذاكر الحفلات ستكون غير مبالغ فيها ومناسبة للجميع، من أجل إسعاد الجمهور الذي يهوى الفن الأصيل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».