الحكومة المغربية تراهن على إصلاح القطاع العمومي وتعزيز الحكامة

الملك محمد السادس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الوزاري (ماب)
الملك محمد السادس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الوزاري (ماب)
TT

الحكومة المغربية تراهن على إصلاح القطاع العمومي وتعزيز الحكامة

الملك محمد السادس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الوزاري (ماب)
الملك محمد السادس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الوزاري (ماب)

أفاد بيان للديوان الملكي المغربي، صدر مساء أول من أمس، إثر اجتماع للمجلس الوزاري بمدينة فاس، ترأسه الملك محمد السادس، وخصص للمصادقة على مشروع قانون المالية (موازنة) 2022، بأن الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش، تضع ضمن توجهاتها «إصلاح القطاع العام، وتعزيز آليات الحكامة»، من خلال تنزيل ورشات «الجهوية المتقدمة»، واتخاذ التدابير اللازمة لتطبيق القانون الإطار؛ المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، وإقامة «الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة».
وأشار البيان إلى أن الحكومة ستنكب أيضاً على تنزيل «إصلاح الإدارة»، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتعميم الإدارة الرقمية، وإعمال ميثاق اللاتمركز الإداري.
في غضون ذلك، صادق المجلس الوزاري على مشروع قانون تنظيمي يعدل قانون التعيين في المناصب العليا، وينص على إضافة «الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي» (مؤسسة عمومية جرى إحداثها لتنظيم زراعة القنب الهندي وتوجيهها لأغراض طبية) إلى لائحة المؤسسات العمومية الاستراتيجية، التي يتم التداول بشأن تعيين مسؤوليها في المجلس الوزاري.
وبخصوص مشروع موازنة 2022، أفاد البيان ذاته بأن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، قدمت عرضاً أمام العاهل المغربي حول «الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية لسنة 2022»، مشيرة إلى أنه تم إعداد هذا المشروع في سياق «مطبوع ببروز بوادر لانتعاش الاقتصاد الوطني، واستخلاص الدروس من تدبير الأزمة الوبائية، وبداية تنزيل النموذج التنموي».
وترتكز توجهات قانون الموازنة على 4 محاور؛ أولها تقوية أسس انتعاش الاقتصاد الوطني «لإضفاء دينامية جديدة على مختلف القطاعات الإنتاجية، والرفع من قدرتها على الحفاظ على مناصب الشغل، وخلق فرص عمل جديدة، من خلال مواصلة تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي، وتفعيل (صندوق محمد السادس للاستثمار)، وإخراج ميثاق الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، وتفعيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي».
أما المحور الثاني فيتعلق بـ«تعزيز آليات الإدماج ومواصلة تعميم الحماية الاجتماعية، وتعميم التغطية الصحية الإجبارية لفائدة العاملين غير الأجراء».
وأوضح البيان أن سنة 2022 ستعرف إطلاق «المرحلة الثانية من هذا الورش الكبير»، الذي يتعلق بتوسيع قاعدة المستفيدين لتشمل الفئات الهشة والفقيرة.
كما سيتم اتخاذ التدابير المتعلقة بالتعميم التدريجي للتعويضات العائلية، وإعطاء عناية خاصة لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة. «إضافة إلى جعل المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات إحدى أولويات العمل الحكومي».
ويتعلق المحور الثالث بتأهيل الرأسمال البشري، حيث جاء في البيان أن الحكومة ستعمل على «تسريع تعميم التعليم الأولي»، و«تعزيز المعارف الأساسية للأطفال من التعليم الابتدائي»، و«دعم تعليم الأطفال من الفئات الهشة»، خصوصاً في العالم القروي، إضافة إلى إصلاح منظومة تكوين الأساتذة وإعادة تأهيل مراكز التكوين. إضافة إلى إطلاق إصلاح عميق للمنظومة الصحية، بما يواكب ورش تعميم الحماية الاجتماعية.
وبخصوص علاقات المغرب الخارجية، صادق المجلس الوزاري على 7 اتفاقيات دولية؛ منها 4 اتفاقيات ثنائية، و3 متعددة الأطراف. وتهم الاتفاقيات الثنائية تعزيز الجانب الإنساني في علاقات المغرب مع دول من أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية، وتتعلق بمجالات المساعدة القضائية المتبادلة، وتطوير التعاون في مجال الخدمات الجوية، والثقافة والرياضة والشباب.
أما على المستوى متعدد الأطراف، فتتعلق الاتفاقيات بانضمام المغرب لـ«ميثاق النهضة الثقافية الأفريقية»، والاتفاق «المنشئ» لمؤسسة التمويل الأفريقية، وبروتوكول تعديل اتفاقية مجلس أوروبا لحماية الأشخاص تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي.
وبخصوص التعيينات الجديدة، صادق المجلس الوزاري على تعيين سفيرين للمغرب لدى فرنسا والاتحاد الأوروبي. ويتعلق الأمر بتعيين محمد بنشعبون سفيراً للمغرب لدى باريس، خلفاً لشكيب بنموسى الذي عين وزيراً للتعليم في الحكومة الجديدة. وتعيين يوسف العمراني سفيراً لدى الاتحاد الأوروبي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.