تجيب ستيفاني عطاالله على أسئلة «الشرق الأوسط» ببحة تلفح الصوت؛ فاللقاء يصادف في يوم ميلادها، وهيا نخوض معاً رحلة تقييم ذاتية للعام وشكل المستقبل. ممثلة لبنانية، حضورها مريح أمام الكاميرا كفرد من عائلة. سنتها مزدحمة، كثيرة الأسفار. وقبل أن ندق بابها، ألحت عليها رغبة في الجلوس مع ذاتها، لجردها وربما جلدها. أطلعت أمها على إحساسها بأنها كبرت خمسة أعوام في عام. وفي مراجعة سريعة لأجرأ قرارات السنة، تفتخر لتمكنها أخيراً من الرد بـ«لا» على عروض وفرص. التجارب تعلم، وبعض الأبواب قد يفتح ولا بأس حين يغلق. تنتقد نفسها، «ولا أندم على شيء».
شغلت بال «السوشيال ميديا» بنشرها صورة لها بشعر مصبوغ ووزن ناقص. تنمر البعض: «تتبشعين! ماذا تفعلين بنفسك؟». لم يدروا أنها تتمعجن وفق قالب الشخصية وتذهب إلى النهاية في سكبها. ««I feel lucky تقول، مع حسرة: «حتى الآن لم أحظ بفرصتي الكبيرة في بلدي. منذ «حادث قلب» وأنا أنتظر عرضاً مناسباً. لا أريد أي أدوار». يتشعب الحديث، وهذه الخلاصة: «أشعر أنني أخفق في الكلام (كما يخفق الخلاط البيض!). ينقصني الكثير. الحياة تارة تسدد كفوفها نحوي وتارة تهديني حلوى بالشوكولاته». غادرت لبنان إلى الإمارات التي منحتها الإقامة الذهبية بعد تصوير مسلسل «السنونو» مع ياسر العظمة. ثم عادت إلى بيروت وصورت بينها وبين الإمارات أيضاً مسلسلاً لم يحسم اسمه. يلفتها الاهتمام الخليجي بالمبدعين وتخصيص ميزانيات ضخمة للفن. تصف دورها بـ«الصعب. تطلب مني خسارة سبعة كيلوغرامات وتعديل شكلي». يفتح المسلسل نقاش إشكالية «السوشيال ميديا» والصحة النفسية للمرأة المعرضة للأذى. يتألف من ثماني حلقات، بكاميرا مازن فياض. تقول عن كاتبته ناديا طبارة بأنها تمتلك «نظرة فريش» تجاه قضايا المجتمع، ولا تكرر الخبز بالعجينة نفسها. شقاء الشخصية يجعلها تطرح أسئلة عن هشاشة صحة الممثل النفسية. فعدا عن صعوبات الكراكتير ذاته، يعيش أيضاً صعوباته الشخصية حين يبدل مظهره ويتلبس الأدوار: «تلقى علينا نظرة ظالمة. إن اجتهدنا فنياً واتحدنا بالشخصية، نرشق بالإدانة. ينبغي تقبل أنفسنا وتقبل الآخرين لنا، قبل سماع إشارة (أكشن كاميرا). الدرب طويل».
ثم انتقلت إلى قبرص مع ريتا حايك لخوض تجربة سينمائية: «نحن البطلتان العربيتان، والطاقم بأسره قبرصي». تحمل اسم الفيلم: «إيمان». وتكشف المسموح كشفه: «يتعمق في دراسة الحالة النفسية للإنسان، وعلاقته بقضايا مصيرية كالعنف والحياة والموت». عشرة أيام أمضتها في بيروت بعد تصوير الفيلم، ومرة أخرى حزمت الحقائب إلى أوروبا. فرحت حين تلقت اتصالاً للمشاركة في عمل خليجي. «القائمة السوداء»، هو المقصود. يتألف من تسع حلقات من بطولتها وعبد الله بو شهري «الحبوب والصادق بنظراته وتمثيله»، تصفه بلطف. اسمها «نور»، وما تستطيع قوله إن المسلسل «أكشن هوليوودي». الكتابة للكويتي حسين الدشتي وإخراجه: «يتنفس الكاميرا ويعمل 24/7». ماذا سنشاهد؟ تجاوب بالمختصر المفيد: «نتقلب بين الحالات، فنصل إلى نهاية الحلقة التاسعة لنجد أن الشخصيتين قد أصبحتا عشرين شخصية!». حط بنا مركب «ستيف» عند «السنونو» (قناة «أبوظبي»). هي في المسلسل ابنة ياسر العظمة: «الفكرة بذاتها جعلتني أوضب الحقيبة وأسافر إلى الإمارات». تصفه بـ«وان مان شو»، طاقته لا يهزمها عمر. تجري الأحداث على باخرة، والشخصيات في رحلة، فيدخلون حياة البطل (العظمة) وابنته ثم يغادرون: «لن يكون مسلسلاً عادياً».
في يوم ميلاد المرء، تباغته حاجة إلى عناق السعادة، كتعويض عما فات. تشعر ستيفاني عطاالله بنقص الأمان في لبنان، وتشرد في التفكير بما يخبئ الغد. العام، برغم صخبه المهني، أتعبها قليلاً. فهي بعيدة عن عائلتها بسبب «الكوفيد»، وقد أرهقها أيضاً فقدان الوزن والأسفار الطويلة. كلها مضخات تصب في نبع التجارب العظيم؛ الخيارات، زيارة الأماكن، ثقافات الدول، الطعام المختلف، والهواء الجديد: «أشعر بشبع يمنحني طمأنينة».
طريفة وضحكتها عريضة، فلم الغياب عن التمثيل الكوميدي؟ أهي أزمة نصوص، أم مزاج عربي ميال إلى الدراما؟ ستيفاني عطاالله إن وقعت أرضاً تضحك، وإن أحرجت تضحك لتغطية الحرج: «نوعي كوميدي». المعضلة، تضيف، «في الافتقار إلى نصوص ذكية وشخصيات مركبة خارج الابتذال». تدرك وقع الأزمات في النفوس، وتتساءل: «كيف يجلس كاتب لبناني مثلاً تحت ظل شجرة لكتابة نص كوميدي؟ من أين يأتي به؟ من الضربات المؤلمة أم من مأساة المرفأ؟ أقصى ما تقدمه النصوص اليوم مواقف كوميدية ضمن سياق درامي. الكوميديا التي (تطقطق الخواصر) من الضحك وتمتد لمواسم، مفقودة».
لا تنسى الدور الأول في مسلسل «ورد جوري»، وتشكر مخرجه سمير حبشي لمنحها الفرصة. اليوم، ترى أن أنضج الأعمال هي المصورة أخيراً. تعترف أنها حين شاهدت «حادث قلب»، استغربت نفسها: «هذه ليست أنا». تكون هي، بخياراتها الواعية وبالغناء الذي تحبه وتتحضر له، بالتعبير الكتابي وبعض الرقص: «لا أجزئ الفن. حياتي تدور حوله».
يؤلمها الاحتفال مع قلة في عيدها، بعدما غادر أعز أصدقائها الوطن. تحمل الجنسية الفرنسية من أمها، ومع ذلك: «في شي ما عم بخليني فل». يحول القهر اللبناني دون جعلها واثقة من قدرتها على تأسيس عائلة وبناء مستقبل على أرض اللهب: «قدم هنا وقدم في الخارج. إلى أين يميل الوزن، لا أعلم».
تهوى التخطيط، في يدها دائماً دفتر وقلم. تشاء الإحساس بأن الأمور ستصبح بخير بمجرد أن تضع خططاً مستقبلية وتنظم أفكارها. «لكن كيف، ويومياً ثمة صدمة؟». السؤال الكليشيه في أعياد الميلاد: كيف تتخيلين نفسك بعد عشر سنوات؟ «بالتمثيل طبعاً، وأنواع الفن الأخرى كالموسيقى والكتابة. الأهم، بما يكفي من هدوء وسكينة. أخاف من الضياع وارتفاع قدمي عن الأرض. لا أدري إلى أين ستقودني الحياة. آمل أنه مكان أفضل».
جردة حياة مع الممثلة اللبنانية ستيفاني عطا الله
سنة حافلة بالتجارب تقيمها مع «الشرق الأوسط»
جردة حياة مع الممثلة اللبنانية ستيفاني عطا الله
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة