خلافات بين بنيت ولبيد تؤخر فتح قنصلية أميركية في القدس

خلافات بين بنيت ولبيد  تؤخر فتح قنصلية أميركية في القدس
TT

خلافات بين بنيت ولبيد تؤخر فتح قنصلية أميركية في القدس

خلافات بين بنيت ولبيد  تؤخر فتح قنصلية أميركية في القدس

كشفت مصادر سياسية مقربة من رأس الهرم السلطوي في إسرائيل، أن الخلافات الداخلية وتحديداً بين رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، وبين رئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية، يائير لبيد، هي التي تؤخر تنفيذ قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، إعادة فتح قنصلية بلاده في القدس لخدمة مواطني السلطة الفلسطينية.
وقالت المصادر وفقاً لمسؤول رافق لبيد في زيارته الرسمية إلى واشنطن، إن نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، احتج على السلوك الإسرائيلي في هذا الموضوع وإن اللقاء بين الطرفين شهد توتراً حول القضية. وأضافت أن بلينكن اشتكى من نقص التنسيق بين بنيت ولبيد.
وتبين من متابعة تطورات هذه المسألة أن الإدارة الأميركية كانت تنوي إعادة فتح القنصلية في القدس، والتي كان قد أغلقها الرئيس السابق، دونالد ترمب، عقاباً للسلطة الفلسطينية على رفضها خطته «صفقة القرن» لتسوية الصراع، وخططت تنفيذ ذلك في شهر يوليو (تموز) الماضي. لكن الحكومة الإسرائيلية توجهت إليها بطلب عاجل لتجميد تنفيذ القرار بضعة أسابيع. وفي حينه اتصل لبيد مع بلينكن وتعهد له بدعم قرار إعادة فتح القنصلية. ولكنه وبسبب تعقيدات الائتلاف الحكومي في إسرائيل، اقترح لبيد القيام بذلك بعد المصادقة على ميزانية الدولة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وذكرت المصادر الإسرائيلية أن الوزير بلينكن وافق على رؤية وطرح لبيد، وبدأ بالترويج لعملية فتح القنصلية في وزارة الخارجية الأميركية على أن يكون ذلك بالموعد الذي اقترحه وزير الخارجية الإسرائيلي، وذلك بغية ضمان استقرار الحكومة الإسرائيلية، وعليه تم تأجيل تنفيذ القرار الأميركي لحين المصادقة على ميزانية الدولة. لكن بعد نحو شهر من المكالمة الهاتفية بين لبيد وبلينكن وتشكيل الحكومة الإسرائيلية، بدأت اتصالات بين مستشاري بنيت والإدارة الأميركية حول مسألة القنصلية الأميركية في القدس، وتبين لدى إدارة بايدن أن بنيت يعارض من حيث المبدأ فتح القنصلية بغض النظر عن التوقيت السياسي وحتى بعد المصادقة على ميزانية الدولة في الكنيست. وقد عاد بنيت وعبر عن هذا الموقف أيضاً خلال زيارته لواشنطن في الشهر الماضي.
ودفع التناقض بالمواقف الإسرائيلية وزير الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي بالحديث أنه ينوي إعادة فتح القنصلية بوجود لبيد بجانبه خلال لقائهما في واشنطن، إذ يعلم بلينكن بموقف إسرائيل المعارض لهذه الخطوة. وكان بين طاقم بلينكن من اتهم لبيد بمحاولة تضليل. وقال إنه سمع بلينكن يعبر عن خيبة أمل واشنطن من التناقض في الموقف الإسرائيلي. ويتهمه بالجبن، ويقول: «كما يبدو فإن لبيد يسمح لنفسه بالتراجع عن موقفه المؤيد لفتح لقنصلية لأنه يعرف أننا سنقوم بفتح القنصلية بكل الأحوال، في حال التوصل أو عدم التوصل معهم إلى اتفاق. فيتركنا نقرر فتح القنصلية من جانب واحد وهو يكسب على الطرفين: فتح القنصلية من جهة واعتباره رافضاً لفتحها من جهة أخرى.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم