توقع إعلان النتائج النهائية للانتخابات العراقية اليوم أو غداً

تراجع الاحتقان السياسي بفضل تفاهمات في الكواليس

جانب من عملية عد وفرز الأصوات يدوياً من قبل موظفي المفوضية العليا للانتخابات العراقية في بغداد (أ.ف.ب)
جانب من عملية عد وفرز الأصوات يدوياً من قبل موظفي المفوضية العليا للانتخابات العراقية في بغداد (أ.ف.ب)
TT

توقع إعلان النتائج النهائية للانتخابات العراقية اليوم أو غداً

جانب من عملية عد وفرز الأصوات يدوياً من قبل موظفي المفوضية العليا للانتخابات العراقية في بغداد (أ.ف.ب)
جانب من عملية عد وفرز الأصوات يدوياً من قبل موظفي المفوضية العليا للانتخابات العراقية في بغداد (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى اللقاءات المعلنة بين القيادات السياسية العراقية بشأن النتائج غير النهائية للانتخابات العراقية، فإن هناك تفاهمات الكواليس التي تجري بين معظم القيادات، والتي لم تنشر في وسائل الإعلام. وطبقاً لما أفاد به سياسي عراقي كبير لـ«الشرق الأوسط»، فإن «اللحظات الأولى بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات كانت صعبة، لا سيما أن النتائج كانت غير متوقعة لأكثر من طرف، وهو بدا صعباً تفهمه حتى بافتراض أن النتائج النهائية يمكن أن تغير المعادلة».
وحسب المصدر، فإنه «في الوقت الذي بدا فيه الفائزون الكبار أكثر حرصاً على التهدئة وعدم المجازفة بكيل الاتهامات إلى المفوضية بالضلوع بالتزوير، فإن كبار الخاسرين بدا من الصعب إقناعهم بقبول النتيجة، أو التحلي بالصبر بانتظار النتائج النهائية التي لن تغير كثيراً من المعادلة». ويضيف السياسي العراقي: «حتى بين القوى الخاسرة والأكثر خسارة هناك من بدا أكثر تفهماً في التعامل مع ما بدا له نتيجة لم تكن متوقعة، بينما هناك من رأى أن هناك أيادي خفية داخلية وإقليمية تقف خلف ما حصل مما بدا تزويراً منظماً بالنسبة له».
وبشأن ما بدا أداءً متناقضاً من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يقول هذا السياسي إن «مشكلة المفوضية إنها بقدر ما أدت عملاً مهنياً لا غبار عليه حتى باعتراف البعثات الدولية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي) بدا أداؤها مرتبكاً حين أعلنت النتائج الجزئية التي يلزمها القانون بإعلانها خلال 24 ساعة مما أوقعها في هذا التناقض بين ما تراه هي سليماً مائة في المائة حين قامت بالتطابق العشوائي بين الفرز والعد الإلكتروني، والعد والفرز اليدوي، وبين ما بدا أنه غير مقبول للعديد من الكيانات السياسية التي وجدت هناك تناقضاً حتى في تصريحات أركان المفوضية».
وحول الأجواء السياسية الحالية في البلاد، يقول السياسي: «هناك نوعان من الأجواء؛ نوع يمكن أن يكون تقبل النتيجة ونوع آخر ينتظر النتائج النهائية ليقرر الخطوات التالية». ورداً على سؤال بشأن المسار الآخر، وهو البدء بتشكيل الوفود لأغراض إجراء المفاوضات قبيل إعلان النتائج، وفيما إذا كان سيترتب عليها تغيير المعادلة، يقول هذا السياسي إن «الجميع يعرف أنه مهما كثرت الاعتراضات والطعون لن تتغير المعادلة إلا بنسب بسيطة، وبالتالي فإن تشكيل الوفود يأتي في مسارين؛ الأول يتعلق بالكتلة الأكبر، لا سيما في ظل بوادر أزمة بين مقتدى الصدر (المتصدر) والمالكي (الثاني شيعياً) بشأنها، والثاني حول تشكيل الحكومة القادمة، وهو ما يعطي مؤشراً بأن جميع القوى الفائزة في الانتخابات تسعى لحجز ما تعتقده استحقاقات لها ولجمهورها الذي انتخبها».
وفيما رأى المصدر أن في هذا الحراك المبكر «بادرة إيجابية بخصوص المضي في المسار الديمقراطي بعيداً عن محاولات التصعيد، لكنه من جانب آخر يشير إلى عدم رغبة أي طرف من الأطراف الاتجاه نحو المعارضة، ذلك أن الجميع الآن يريد أن يتقارب، وهو ما يعني العمل على تشذيب السقوف العالية في المطالب تمهيداً للقبول بمعادلات الترضية».
مفوضية الانتخابات من جانبها ورغم كل الضغوط التي تمارس عليها تبدو طبقاً للبيانات والتصريحات الصادرة عنها واثقة من إجراءاتها حتى في ظل التشكيك واسع النطاق، الذي بات يجعل قوى كثيرة خاسرة، في المقدمة منها قوى «الفتح» بزعامة هادي العامري، إلى إعادة العد والفرز يدوياً لكل مراكز الاقتراع، وهو ما يعني حصول تأخير في إعلان النتائج لفترة قد تزيد على الشهر ونصف الشهر. وطبقاً لآخر المعلومات، فإن النتائج النهائية ربما تظهر اليوم الأحد أو غداً الاثنين، وهو ما يضع الجميع أمام امتحان القبول والرفض.
وبشأن المفوضية وإجراءاتها، يقول عادل اللامي، الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية في المفوضية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الانتخابات «شهدت أقل محاولات تزوير لأسباب مختلفة، في مقدمتها أن الدوائر الانتخابية أصبحت صغيرة، وبذلك الرقابة عليها كانت شديدة، كما أن القوات الأمنية فرضت إجراءات أكثر صرامة من قبل، فضلاً عن وجود مراقبين دوليين ومحليين أكثر مهنية واحترافاً من السابق، وبأعداد كبيرة، بالإضافة إلى وجود ما يزيد عن 465 ألف وكيل كيان سياسي يراقبون 55 ألف محطة».
وأضاف اللامي أن «الإرباك الذي حصل في إعلان النتائج الأولية كان بسبب القانون الذي وضعه أعضاء حزبيون في مجلس النواب لا يفقهون بشكل جيد الصياغة التشريعية كونهم غير مختصين، فعلى سبيل المثال فقرة كوتا (حصة) النساء تم نقلها نصاً من القانون السابق، في حين أن كوتا النساء متحققة في كل الأحوال، لأنها مقسمة على كل الدوائر». وأشار اللامي إلى أن «هناك نقصاً في الخبرة لدى أعضاء مجلس المفوضين، رغم أنهم قضاة، لكن هم حديثو العهد في إدارة الانتخابات التي تتطلب لباقة في اتخاذ القرار في اللحظات الحرجة، إضافة إلى إبعاد الكوادر العليا والوسطى من أصحاب الخبرة في المفوضية، وصعود الكوادر الدنيا التي لم تكن على تماس بالمسائل العملياتية المعقدة، وعدم إرسال ما يقارب 3500 صندوق عبر الوسط الناقل من مجموع 55 ألفاً». وبين اللامي أن «هناك ثلاثة أنواع من الصناديق غير المرسلة؛ النوع الأول التي لم ترسل عبر الوسط الناقل وعددها 3500 صندوق، لكن معلوماتها موجودة في صندوق الاقتراع وموجودة إلكترونياً في غطاء الصندوق وتم نقلها إلى بغداد، ولن يتم عدها وفرزها يدوياً، بل تنقل إلكترونياً إلى السيرفر الرئيسي في المكتب الوطني، والنوع الثاني هو وجود 500 صندوق نقلت إلى المكتب الوطني، لكن لم تنقل إلى عصا الذاكرة لوجود خلل تقني لكنها موجودة في المكتب الوطني، أما النوع الثالث فهو 140 صندوقاً معلوماتها لم تأت عبر الوسط الناقل ولا مخزونة في عصا الذاكرة، لكنها موجودة كأوراق اقتراع في الصندوق، وسيتم عدها وفرزها يدوياً».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.