تشكيل حوثي جديد متخصص في جمع الجبايات لتمويل الحرب

TT

تشكيل حوثي جديد متخصص في جمع الجبايات لتمويل الحرب

إلى جانب الجبايات التي تأخذها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تحت أسماء هيئات حكومية غير قانونية، كشفت مصادر تجارية يمنية عن أن الميليشيات استحدثت تشكيلا جديدا ضمن التشكيلات الموازية التي أوجدتها مهمته جمع الأموال بالقوة من التجار والباعة وتحت اسم جبهة الإمداد والتموين، كإطار فرعي للكيان المالي الذي يديره صالح مسفر الشاعر والمسمى هيئة الدعم اللوجستي وهو تاجر سلاح سابق وبات اليوم المسؤول المالي في قيادة الجماعة الانقلابية.
في هذا السياق تحدث تجار وباعة في مناطق سيطرة الميليشيات لـ«الشرق الأوسط» مشترطين عدم ذكر أسمائهم خشية الانتقام، عن أن الجماعة الحوثية كانت تعتمد خلال السنوات السابقة على مشرفيها في جمع الأموال من التجار والباعة ومن السكان تحت اسم المجهود الحربي، ولكنها أخيرا وبعد زيادة الشكوك من استيلاء المشرفين على جزء كبير من المبالغ التي يجمعونها وظهور الثراء الفاحش عليهم تم استحداث هذا التشكيل.
وبحسب المصادر أقرت الميليشيات استحداث مسمى «جبهة الإمداد والتموين» تحت إشراف ما تسمى هيئة الدعم اللوجيستي وهي الإمبراطورية المالية التي يديرها مسفر الشاعر بإشراف مباشر من قائد الميليشيات عبد الملك الحوثي بعد أن تم منحها صلاحية إدارة أموال وممتلكات المعارضين السياسيين للميليشيات، والاستحواذ على تجارة الوقود والخدمات اللوجستية للمنظمات الإغاثية.
ووفق ما جاء في أحاديث المصادر فإن هذا الكيان الجبائي الجديد يتولى جمع الأموال فقط وتوريدها إلى حساب بنكي يشرف عليه الشاعر، حيث يقوم بجمع الأموال من التجار والباعة وشيوخ العشائر والمناطق الذين تتم مقايضتهم بدفع ملايين الريالات مقابل احتفاظهم بمواقعهم الاجتماعية وعدم إرسال مقاتلين إلى الجبهات.
ومع مساعي الجماعة للتقليل من الهدر الذي يصاحب هذه الجبايات، فإن المصادر أكدت أن نصف المبالغ التي يتم جمعها تذهب إلى جيوب مندوبي التشكيل الجديد الذين يدونون في الإيصالات نصف المبلغ فقط.
وذكر أحد شيوخ العشائر لـ«الشرق الأوسط» أنه دفع مائة مليون ريال (الدولار في مناطق سيطرة الجماعة حوالي 600 ريال) ليجنب أسرته ومنطقته إرسال مجندين لكن المبلغ الذي أعلن عنه لم يتجاوز نصف ما دفع.
وأضاف «نحن مكرهون ندفع لتجنب الإهانات فقد بطش الحوثيون بالناس واستحلوا كرامتهم إذا لم يرضخوا لمطالبهم، وليس أمامنا من خيار سوى الدفع لأن قادة الجماعة يعبثون بالناس مستغلين القوة التي يملكونها في فرض كل شيء حتى الاحتفالات بالمولد النبوي أصبحت إلزاما بالحضور وإلزاما بالدفع لإحياء هذه المناسبة، فكل مسؤول محلي وشيخ مطالب بإرسال ما لا يقل عن خمسين فردا إلى ما تسمى ساحة الاحتفالات وإلا اعتبر منافقا وغير مخلص، وبسهولة بإمكان مشرف الحوثيين إقالته أو إهانته أمام الناس وتجريده من كل صلاحياته».
وعلى صعيد متصل بالجبايات التي فرضتها ميليشيات الحوثي على كل المحلات والتجار والشركات والمؤسسات الحكومية، قال موظفون وعاملون إن الميليشيات فرضت مبالغ مقطوعة على كل الوزارات والمؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها وأن أقل جهة حكومية دفعت نحو خمسة ملايين ريال، في حين أن موظفيها من دون رواتب منذ خمس سنوات. وقال أحد الموظفين لـ«الشرق الأوسط» «لو قاموا بدفع المبلغ للموظفين الذين من غير رواتب لكان خيرا لتلك المؤسسة التي تزايد باسم المولد النبوي».
من جهته، قال موظف آخر «لو خصصوا (الحوثيون) المبالغ التي صرفت على شراء أشرطة القماش الأخضر وتلوين السيارات والمباني والكهرباء تحت اسم الاحتفال بالمولد النبوي في زرع مليوني شجرة مثمرة في البلاد لكان خيرا من هذا الاستعراض الفارغ».
ومنذ ما بعد سيطرة الميليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء كانت استحدثت كيانات موازية بهدف السيطرة على الأموال والتحكم بعمليات الإغاثة وتجارة الوقود تحديدا، حيث أوكلت لهيئة الدعم اللوجستي مهمة مصادرة أموال وممتلكات المعارضين والشركات التابعة لهم وإدارتها، إلى جانب تجارة المشتقات النفطية والغاز المنزلي وإدارة السوق السوداء الواسعة في مناطق سيطرتها.
كما أوكلت الجماعة إلى ما يسمى المجلس الأعلى لإدارة الشؤون الإنسانية مهمة الإدارة والتحكم بالمساعدات الإنسانية والاستيلاء على بعضها وتوجيه البعض الآخر لخدمة مقاتليها وأنصارها واستحداث منظمات محلية تعمل كشريك للمنظمات الأممية بعد سحب تراخيص كل المنظمات التي كانت قائمة ولا تتبع للميليشيات.
إلى ذلك استحدثت الجماعة الانقلابية هيئتين جديدتين لجمع الأموال الأولى باسم الهيئة العليا للزكاة، والثانية هيئة الأوقاف، ومنحت هاتين الجهتين صلاحيات جمع مليارات الريالات وإنفاقها على المقاتلين وأسرهم وعلى قياداتها، كما منحت هيئة الأوقاف سلطة إدارة ومصادرة مساحات كبيرة جدا من الأراضي بحجة الوقف، ورفع أسعار العقارات المؤجرة بأضعاف ما كانت عليه، وأعطت الأولوية للعناصر التي تنتمي لسلالة زعيم الجماعة في السكن والانتفاع بتلك الأراضي.
ولم تكتف الميليشيات بذلك، بل استحدثت ما تسمى «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي ومنحتها سلطة إدارة القضاة والمحاكم ووجهت عملها نحو مصادرة حق توثيق عقود البيع والشراء ومصادرة الأراضي بحجة أنها ملك عام أو مملوكة للأئمة الذين كانوا يحكمون شمال اليمن قبل الإطاحة بهم، كما منحت لهذه الهيئة حق فرض ضرائب كبيرة على عملية البيع والشراء أو توثيق عقود البيع.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).