مؤتمر «كوب 26»... هل الدول الغنية مستعدة للتعامل بجدية مع تغير المناخ؟

تلوّث صناعي في مدينة ليون الفرنسية (أ.ف.ب)
تلوّث صناعي في مدينة ليون الفرنسية (أ.ف.ب)
TT

مؤتمر «كوب 26»... هل الدول الغنية مستعدة للتعامل بجدية مع تغير المناخ؟

تلوّث صناعي في مدينة ليون الفرنسية (أ.ف.ب)
تلوّث صناعي في مدينة ليون الفرنسية (أ.ف.ب)

قبل أسبوعين من مؤتمر الأطراف حول المناخ «كوب 26» في اسكوتلندا، شكلت اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اختبارا لتحديد مدى استعداد الدول الغنية للتعامل بجدية مع تغير المناخ، مع أن المنتقدين تكاتفوا للدعوة إلى اتخاذ إجراءات أقوى، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، أمس الخميس، في حدث نظمه البنك الدولي: «أظن أن الوقت قد حان لنشمر عن سواعدنا ونضع خطة تحركنا بالتفصيل».
وأضاف: «مع (...) تراجع التنوع البيولوجي وفي حين أصبح الانتقال في مجال الطاقة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، لا يمكنني سوى التشجيع على العمل لحل هذه المشكلة».
لكن وراء الخطابات يكمن الواقع المرير نظرا لحجم المهمة التي يتعين القيام بها لتحقيق الأهداف. وأشارت «بلاك روك»، أكبر مجموعة لإدارة الأصول في العالم، إلى أن الاستثمارات مكلفة جدا لكنها ضرورية لتجنب كارثة عالمية. وأضافت أنه يجب على الدول الغنية أن تقدم المال لمساعدة البلدان الناشئة على تحقيق الانتقال الاقتصادي. وقال رئيسها لاري فينك: «يجب على الدول الغنية تخصيص مقدار أكبر من أموال دافعي الضرائب لضمان الانتقال في الخارج إلى انبعاثات كربونية معدومة».
وسيتطلب تحقيق هدف انعدام الانبعاثات استثمارات بقيمة تريليون دولار سنويا في البلدان الفقيرة، حسب فينك الذي أوضح أن هذه الدول تحتاج إلى مائة مليار دولار من المساعدات السنوية لتكون قابلة للاستمرار. وقال: «على الرغم من أن الرقم يبدو مخيفا لا سيما أن العالم يتعافى من جائحة كوفيد، سيؤدي عدم الاستثمار الآن إلى ارتفاع التكاليف في المستقبل».
وقد وثّق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي آثار تغير المناخ والأثر المدمر إذا لم يتحرك العالم.
وأصدر البنك الدولي الشهر الماضي تقريرا يوضح أنه بسبب تراجع الإنتاج الزراعي ونقص المياه وارتفاع مستوى سطح البحر والآثار السلبية الأخرى لتغير المناخ، قد يُدفع عدد يصل إلى 216 مليون شخص إلى الهجرة داخل بلادهم بحلول 2050.

في الوقت نفسه، كشفت دراسة لصندوق النقد الدولي أن قيمة الدعم المالي المباشر وغير المباشر للوقود الأحفوري بلغت 5.9 تريليون دولار أو نحو 6.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2020، مما يساهم في تقويض الأهداف المناخية من خلال ابقاء أسعار مصادر الطاقة هذه متدنية.
ويرى بعض المعارضين، أن البنك الدولي الذي يمول العديد من مشاريع التنمية في البلدان الفقيرة لا يبذل جهودا كافية. ووصل الأمر بتحالف من 77 مجموعة إلى المطالبة باستقالة رئيسه ديفيد مالباس.
بيد أن مالباس دافع عن أداء هذه المؤسسة المالية، مؤكدا أن نصف القروض مخصصة الآن لمشاريع لمصلحة مكافحة تغير المناخ، في تغيير للمسار مقارنة بالسنوات الماضية عندما كانت المؤسسة تمول مشاريع تثير جدلا حادا بسبب تأثيرها على البيئة.
ودانت مجموعات الناشطين من جهتها توجيه المؤسسة المالية 12 مليار دولار نحو الوقود الأحفوري منذ اتفاق باريس للمناخ المبرم في 2015.
وقالت لويزا غالفاو من الفرع الأميركي لمنظمة «أصدقاء الأرض» إن «البنك الدولي يحتاج إلى قيادة من شأنها أن تدعم البلدان بمسارات حقيقية لتنمية خضراء وشاملة».
وتوجهت الأنظار هذا الأسبوع إلى الولايات المتحدة، البلد المضيف لهذه الاجتماعات وواحدة من أكبر الدول المسببة لانبعاثات الكربون في العالم.
وفي السياق، تعهد الرئيس جو بايدن بالتحرك لمعالجة تغير المناخ. وجمعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين هذا الأسبوع رؤساء الكثير من المؤسسات المقرضة المتعددة الأطراف - بينها البنك الدولي ومصارف التنمية في أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا - وحضتهم على إنفاق مزيد من الأموال على مشاريع تهدف إلى التخفيف من تغير المناخ.
ويفترض أن تدرس وزارة الخزانة أيضا التأثير على سكان الولايات المتحدة التي شهدت شتوية أسفرت عن سقوط قتلى هذا العام في ولاية تكساس ومنطقة الوسط الغربي، واجتاحت حرائق غابات كاليفورنيا وسجلت أعاصير متتالية ضربت الساحل الشرقي المطل على المحيط الأطلسي.


مقالات ذات صلة

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات البيئية.

آيات نور (الرياض) عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية د. أسامة فقيها مع عدد من المتحدثين (الشرق الأوسط) play-circle 01:04

فقيها لـ«الشرق الأوسط»: مساعٍ سعودية لزيادة التزامات الدول بمكافحة تدهور الأراضي

أكد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية الدكتور أسامة فقيها لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تسعى ليكون مؤتمر «كوب 16» نقطة تحول تاريخية بمسيرة «الاتفاقية».

زينب علي (الرياض)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».