«روح المدينة» يعيد اكتشاف التراث المعماري للقاهرة الخديوية

عبر رحلة صوتية تجريبية يقدمها مهرجان «دي – كاف»

«روح المدينة» يعيد اكتشاف التراث المعماري للقاهرة الخديوية
TT

«روح المدينة» يعيد اكتشاف التراث المعماري للقاهرة الخديوية

«روح المدينة» يعيد اكتشاف التراث المعماري للقاهرة الخديوية

يسعى «مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة» (دي – كاف)، في دورته التاسعة، اليوم (الجمعة)، إلى إعادة اكتشاف التراث المعماري لمنطقة القاهرة الخديوية (وسط القاهرة)، عبر عرض صوتي مبتكر بعنوان «رحلة صوتية في القاهرة»، ضمن برنامج «روح المدينة» الذي يعد أحد أبرز برامج المهرجان.
وحسب إدارة المهرجان، فإن العرض الصوتي تجربة فنية تهدف لاكتشاف ثراء شوارع القاهرة التاريخية، حيث يستقل الجمهور حافلة تجوب أبرز مناطق وسط البلد مع الفنانين الذين يحملون معهم المعدات الصوتية التي تسمح لهم بخلق مزيج من الأصوات الخاصة بالمدينة.
ويقدم العرض الذي يبدأ، اليوم (الجمعة) ويستمر حتى الأحد 17 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، كل من إيزيس فهمي وبينوا رينودا من سويسرا، ويصفان العرض بكونه رحلة تميل للتجريبية في مساحات الصوت بوسط القاهرة، ليعيش الجمهور في الحافلة تجربة مميزة، حيث يتداخل صوت العاصمة مع معدات الصوت لخلق نوع من الموسيقى، والغوص في أعماق السيمفونية المتفردة للقاهرة.
العرض من إنتاج شركة «أي إف» السويسرية، التي تهتم بإنتاج أعمال فنية متداخلة المجالات الإبداعية، مثل الحوار بين المسرح والفلسفة، والموسيقى التجريبية والتكنولوجيا الحديثة، في شكل تركيبات صوتية مبتكرة.
وبعد توقفه العام الماضي بسبب جائحة «كورونا»، يعود مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة في نسخته التاسعة ليجوب منطقة وسط البلد بعروض مسرح وموسيقى ورقص معاصر، وفنون بصرية وعروض الشارع وورش عمل متنوعة، ويشارك به 50 فناناً من مختلف دول العالم على مدار ثلاثة أسابيع، يقدمون ما يقرب من 20 عرضاً فنياً بهدف إمتاع الجمهور ونقل خبرات وتجارب فنية فريدة من نوعها.
ووفق أحمد العطار، المخرج والمدير الفني لمهرجان «دي – كاف»، فإن تأجيل المهرجان العام الماضي منحهم فرصة لإعادة البحث عن أعمال فنية وإضافة أعمال جديدة ومنوعة إلى برنامج الفعاليات، إذ يقدم برنامج الفنون الأدائية هذا العام عروضاً تجمع فنانين من تشيلي والدنمارك وفرنسا وسوريا ومصر.
وأضافت إدارة المهرجان، في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «النسخة التاسعة تقدم لأول مرة على المستوى العالمي عرض (التي سكنت البيت قبلي) للمخرج الفرنسي هنري جول جليان، بمشاركة الشاعرة السورية رشا عمران، ويقدم العرض أجزاءً من ديوان الشاعرة يحمل الاسم نفسه بطريقة مبتكرة باللغتين العربية والفرنسية باستخدام ثلاثة عناصر رئيسية (الشعر والموسيقى والتمثيل)».
ونجح مهرجان «دي – كاف» في السنوات الأخيرة في دمج تركيبات الواقع الافتراضي والأفلام في برنامج فعالياته، ليتيح للجمهور تجارب فنية غير مسبوقة. وفي النسخة التاسعة اهتم المهرجان بتنفيذ تجارب الواقع الافتراضي VR، تلك التجربة الاستثنائية التي تحتوي على تركيبات «أوكيولس كويست» ينظمها خبير الواقع الافتراضي عمر كامل، مع وجود مجموعة من أفلام الواقع الافتراضي VR التي يقدمها «دي – كاف» بالتعاون مع المعهد الثقافي الفرنسي بمصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».