أزمة الطاقة تهدد التعافي الاقتصادي الدولي

مخاوف من تأثير صيني على صناعات العالم

توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تؤدي أزمة الطاقة العالمية إلى إبطاء التعافي العالمي من جائحة كوفيد-19 (رويترز)
توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تؤدي أزمة الطاقة العالمية إلى إبطاء التعافي العالمي من جائحة كوفيد-19 (رويترز)
TT

أزمة الطاقة تهدد التعافي الاقتصادي الدولي

توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تؤدي أزمة الطاقة العالمية إلى إبطاء التعافي العالمي من جائحة كوفيد-19 (رويترز)
توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تؤدي أزمة الطاقة العالمية إلى إبطاء التعافي العالمي من جائحة كوفيد-19 (رويترز)

قالت وكالة الطاقة الدولية أمس (الخميس)، إنها تتوقع أن تؤدي أزمة الطاقة العالمية إلى زيادة الطلب على النفط نصف مليون برميل يومياً، وقد تؤدي إلى زيادة التضخم وإبطاء التعافي العالمي من جائحة «كوفيد - 19».
وارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي مؤخراً إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة لمستويات غير مسبوقة في الوقت الذي يعصف فيه عجز الطاقة بآسيا وأوروبا بشكل كبير. وقالت الوكالة في تقريرها الشهري عن النفط إن «أسعار الفحم والغاز غير المسبوقة، وكذلك الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي، تدفع قطاع الطاقة والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى التحول إلى النفط لإبقاء استمرارها وتواصل العمليات».
وقالت: «يضيف ارتفاع أسعار الطاقة أيضاً إلى الضغوط التضخمية التي قد تؤدي، إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي، إلى انخفاض النشاط الصناعي وتباطؤ التعافي الاقتصادي». وأضافت الوكالة التي مقرها باريس أنه نتيجة لذلك، صار من المتوقع أن يتعافى الطلب العالمي على النفط العام المقبل إلى مستويات ما قبل الجائحة. وأجرت تعديلاً بالزيادة على توقعاتها للطلب في العامين الحالي والمقبل، لترفعها 170 ألفاً و210 آلاف برميل يومياً على الترتيب.
وقالت إن زيادة الطلب في الربع الأخير أدت إلى أكبر سحب من مخزونات المنتجات النفطية في ثماني سنوات، بينما كانت مستويات المخزونات في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عند أدنى مستوياتها منذ أوائل 2015.
في غضون ذلك، أشارت تقديرات الوكالة إلى أن مجموعة منتجي «أوبك+» من المقرر أن تضخ 700 ألف برميل يومياً أقل من الطلب المقدر لخامها في الربع الرابع من هذا العام، مما يعني أن الطلب سيتجاوز العرض على الأقل حتى نهاية 2021.
وحذرت من أن الطاقة الإنتاجية الفائضة للمجموعة ستتقلص بسرعة من تسعة ملايين برميل يومياً في الربع الأول من العام الجاري إلى أربعة ملايين برميل يومياً فقط في الربع الثاني من 2022. وقالت إن الطاقة الإنتاجية تتركز في عدد محدود من دول الشرق الأوسط، ويؤكد تراجعها الحاجة إلى زيادة الاستثمار لتلبية الطلب في المستقبل. وقال التقرير إن «الزيادة في الإنفاق على التحول لمصادر طاقة نظيفة تمهد الطريق للمضيّ قدماً، لكن يجب أن يحدث هذا بسرعة وإلا ستواجه أسواق الطاقة العالمية طريقاً وعراً في المستقبل».
كانت وكالة الطاقة الدولية قد قالت أول من أمس (الأربعاء)، لدى إصدار توقعاتها السنوية حول الطاقة قبل مؤتمر مهم للمناخ في بريطانيا الشهر المقبل إن التعافي الاقتصادي من الجائحة «غير مستدام» وشديد الاعتماد على الوقود الأحفوري. وقالت إن الاستثمار في الطاقة المتجددة يحتاج لأن يزيد لثلاثة أمثاله بحلول نهاية العقد الحالي إذا كان العالم يأمل في مكافحة تغير المناخ بشكل فعال.
وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في العقود الآجلة بالولايات المتحدة، في ظل ارتفاع معدلات التخزين قبل موسم الشتاء. وفي ذات الوقت يحذّر المحلل الاقتصادي ديفيد فيكلينغ، من أن أزمة إمدادات الكهرباء والطاقة التي تعاني منها الصين حالياً ستؤثر على الصناعات في مختلف أنحاء العالم.
كانت أسعار الفحم قد ارتفعت في الصين إلى 1508 يوان (234 دولاراً) للطن نتيجة وقف العمل في مناجم إنتاج الفحم بإقليم شانشي بسبب الفيضانات، في الوقت الذي تحاول فيه الصين زيادة إنتاجها ضمن إجراءات إضافية لمنع شركات إنتاج الكهرباء في الصين من خفض إنتاجها نتيجة نقص إمدادات الوقود وحدوث انقطاعات في الكهرباء في شمال البلاد.
في الوقت نفسه أشار فيكلينغ في تحليل نشرته «بلومبرغ» إلى تضرر القطاع الصناعي في الصين من أزمة إمدادات الكهرباء، حيث يستهلك القطاع نحو 59% من إجمالي إنتاج الكهرباء في الصين مقابل 25% فقط بالنسبة إلى القطاع الصناعي في الولايات المتحدة. وكانت أسعار الكهرباء الرخيصة في الصين عنصراً رئيسياً في التنمية بالنسبة إلى الصين، وكانت الحكومة تشجع كبار مستهلكي الكهرباء على زيادة استهلاكهم من خلال الأسعار الرخيصة. ومع اعتماد نحو ثلثي محطات توليد الكهرباء في الصين، على الفحم، من المنتظر أن تزداد تكلفة إنتاج الكهرباء في الصين خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيؤثر على نفقات الشركات الصناعية الأخرى التي تستخدم الكهرباء.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )
خاص سقوط جدار برلين كَسر القواعد التي كانت تنظّم التنافس بين القوى القديمة (غيتي)

خاص فشل القوة وثلاثة إخفاقات عالمية

هُزمت الولايات المتحدة في الصومال والعراق، ثم في أفغانستان، وسرعان ما ظهرت الصين بوصفها المستفيد الأكبر من العولمة، التي كانت تُحرر نفسها من المجال الأميركي.

برتراند بادي

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
TT

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام، على الرغم من ارتفاع التضخم، واحتمال فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق في ظل إدارة ترمب المقبلة.

وقال كريستوفر والر، العضو المؤثر في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إنه يتوقع أن يقترب التضخم من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في الماضي في الأشهر المقبلة. وفي بعض التعليقات الأولى التي أدلى بها مسؤول في بنك الاحتياطي الفيدرالي حول التعريفات الجمركية على وجه التحديد، قال إن الرسوم الجمركية الأكبر على الواردات من غير المرجح أن تدفع التضخم إلى الارتفاع هذا العام، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال والر في باريس في منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية»: «رسالتي الأساسية هي أنني أعتقد أن مزيداً من التخفيضات ستكون مناسبة». وأضاف: «إذا لم يكن للتعريفات الجمركية، كما أتوقع، تأثير كبير أو مستمر على التضخم، فمن غير المرجح أن تؤثر على وجهة نظري».

وتُعد تعليقاته جديرة بالاهتمام؛ نظراً لأن تأثير الرسوم الجمركية يشكل بطاقة جامحة هذا العام بالنسبة للاقتصاد الأميركي. وقد هبطت الأسواق المالية في الأشهر الأخيرة جزئياً بسبب المخاوف من أن التضخم قد يستمر في كونه مشكلة، وأن التعريفات الجمركية قد تجعل الأمر أسوأ. ويميل المنتجون إلى رفع الأسعار للعملاء للتعويض عن التكاليف الزائدة للرسوم الجمركية على المواد والسلع المستوردة.

ومع ذلك، فإن والر أكثر تفاؤلاً بشأن التضخم من كثير من مستثمري «وول ستريت». وقال: «أعتقد أن التضخم سيستمر في إحراز تقدم نحو هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، ​​وأن مزيداً من التخفيضات (للمعدلات) ستكون مناسبة». وفي حين ظل التضخم ثابتاً في الأشهر الأخيرة - حيث ارتفع إلى 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي - زعم والر أن الأسعار خارج قطاع الإسكان، وهو ما يصعب قياسه، تتباطأ.

وتتعارض تصريحات والر مع التوقعات الزائدة في «وول ستريت» بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفض سعر الفائدة الرئيس كثيراً، إن فعل ذلك على الإطلاق، هذا العام مع استمرار ارتفاع الأسعار. ويبلغ المعدل حالياً حوالي 4.3 في المائة بعد عدة تخفيضات في العام الماضي من أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن عند 5.3 في المائة. وتتوقع الأسواق المالية خفض أسعار الفائدة مرة واحدة فقط في عام 2025، وفقاً لتسعير العقود الآجلة التي تتبعها أداة «فيد ووتش».

ولم يذكر والر عدد التخفيضات التي يدعمها على وجه التحديد. وقال إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعوا خفضين هذا العام في ديسمبر (كانون الأول). لكنه أشار أيضاً إلى أن صناع السياسات دعموا مجموعة واسعة من النتائج، من عدم التخفيضات إلى ما يصل إلى خمسة تخفيضات. وأضاف أن عدد التخفيضات سيعتمد على التقدم نحو خفض التضخم.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن تأثير التعريفات الجمركية على سياسة الفيدرالي والتضخم يصعب قياسه مسبقاً، حتى يتضح أي الواردات ستتأثر بالتعريفات، وما إذا كانت الدول الأخرى سترد بتعريفات خاصة بها. ولكن في المؤتمر الصحافي الأخير لـ«الفيدرالي» في ديسمبر، أقر باول بأن بعض صناع السياسات التسعة عشر في البنك المركزي بدأوا في دمج التأثير المحتمل لسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب على الاقتصاد.

وقال باول: «لقد اتخذ بعض الناس خطوة أولية للغاية وبدأوا في دمج تقديرات مشروطة للغاية للتأثيرات الاقتصادية للسياسات في توقعاتهم في هذا الاجتماع». وقال إن مسؤولين آخرين لم يتخذوا مثل هذه الخطوة، في حين لم يحدد البعض ما إذا كانوا قد فعلوا ذلك.

وقد اقترح مسؤولون آخرون في «الفيدرالي» مؤخراً أن يتحرك البنك ببطء أكبر بشأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، بعد الخفض في كل من اجتماعاته الثلاثة الأخيرة في عام 2024. وقالت ليزا كوك، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الاثنين، إن البنك المركزي يمكنه «المضي قدماً بحذر أكبر» في خفض أسعار الفائدة.

وقال والر، في جلسة أسئلة وأجوبة، إن أحد أسباب ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل يرجع إلى القلق من أن عجز موازنة الحكومة الفيدرالية، الضخم بالفعل، قد يظل كذلك أو حتى يزيد. وقد أدت أسعار الفائدة طويلة الأجل المرتفعة إلى ارتفاع تكلفة الرهن العقاري والاقتراض الآخر، مما زاد من الضغوط على كل من الشركات والمستهلكين.

وقال: «في مرحلة ما، ستطالب الأسواق بقسط لقبول مخاطر التمويل»، مثل هذا الاقتراض الزائد.