«تتبع الحجارة»... بينالي الدرعية يعلن قائمة الفنانين المشاركين

الأول للفن المعاصر بالمملكة وينطلق في 11 ديسمبر

حي جاكس (الصورة مقدمة  من مؤسسة بينالي الدرعية)
حي جاكس (الصورة مقدمة من مؤسسة بينالي الدرعية)
TT

«تتبع الحجارة»... بينالي الدرعية يعلن قائمة الفنانين المشاركين

حي جاكس (الصورة مقدمة  من مؤسسة بينالي الدرعية)
حي جاكس (الصورة مقدمة من مؤسسة بينالي الدرعية)

كمن ينتظر فتح هدية فخمة، ينتظر محبو الفنون في السعودية انطلاق فعاليات أول بينالي في المملكة وهو بينالي الدرعية للفن المعاصر والذي ينطلق في 11 من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وجاء الإعلان عن قائمة أسماء الفنانين المشاركين أمس ليزيد من الشوق لرؤية أعمال بعض أهم فناني المملكة والعالم تتجاور وتتحاور في محفل فني من الطراز الرفيع.
ضمت قائمة المشاركين التي أعلنها بينالي الدرعية فنانون وفنانات من 18 دولة من بينهم نخبة من فناني المملكة والعرب. وحسب البيان الصادر عن مؤسسة بينالي الدرعية، سيضم الحدث المرتقب الذي طوّره فريق عمل مؤلّف من نخبة دولية من القيمين الفنيين تحت إشراف فيليب تيناري، المدير العام والرئيس التنفيذي لمركز UCCA للفن المعاصر في الصين، ستة أقسام زاخرة بأعمال فنية من إبداع فنانين محليين وعالميين تتناول موضوعات حيوية ومتنوعة تشمل الذاكرة والمحافظة على التراث، والتطور الثقافي، والمشاركة المجتمعية، والتأثيرات العالمية.
أما المكان الذي سيشهد كل ذلك الفن فهو حي «جاكس» في الدرعية الذي تحوّل من منطقة صناعية إلى حي فني بامتياز وتحولت المستودعات الضخمة فيه، وهي أكثر من 100 مستودع، لتصبح قواقع فنية من المعدن تضم إبداعات الفنانين المحليين. في شهر يوليو (تموز) الماضي كان لـ«الشرق الأوسط» زيارة خاطفة لحي جاكس، حيث بدأ بعض الفنانين في نثر فنونهم في أرجاء المستودعات الضخمة، فمن التركيبات الفنية لفنانين مثل سعيد قمحاوي الذي وضع عمله «سجادة أمي» في أرضية المستودع وغيرها من الأعمال التي علّقها على الحوائط، كان العمل يجري في مستودعات أخرى على قدم وساق في طلائها وتحضيرها. الموقع كله كانت تلفه روح جميلة جمعت الفنانين معاً كعائلة واحدة، «سنعد الليلة وجبة من الأرز واللحم، شرفونا بالحضور» قال أحدهم. تركنا الحي وفي البال تصور جميل لما سيضم من أعمال وإلهام وأحداث وها هو البينالي يأتي ليفتح أبواب المستودعات القديمة على العالم والفن.
في الدورة الأولى التي تقام تحت عنوان «تتبع الحجارة» تحمل قائمة المشاركين أسماء لمعت في محافل المملكة الفنية وأيضاً خارجها، مثل أيمن زيداني، وأحمد ماطر، وحمود العطوي، وجوهرة آل سعود، ودانية الصالح، وراشد الشعشعي، وزهرة الغامدي، وسارة أبو عبد الله، وسارة إبراهيم، وسلطان بن فهد، وشادية عالم، وعبد الله العثمان، وعبد الله حمّاس، وعمر عبد الجواد، وفلوة ناظر، والراحل فهد الحجيلان، وفيصل سمرة، ولولوة الحمود، والراحل محمد السليم، ومروة المقيط، ومنال الضويان، والراحلة منيرة موصلي، ومهدي الجريبي، ومها الملّوح، ومهند شونو، ودانا عورتاني، وأيمن يسري ديدبان، إلى جانب منيرة القادري من الكويت، وإبراهيم الدسوقي من مصر، وأسامة السيد من سوريا، ومحمد المليحي من المغرب وفنانين من أميركا والصين وبريطانيا وغيرها من دول العالم.
ومن جانبه قال القيّم الفني للبينالي فيليب تيناري، إن البينالي يأتي استلهاماً للمقولة الشهيرة «عبور النهر من خلال تتبّع الحجارة»، «حيث يستكشف المعرض دروب التطورات الاجتماعية معتمداً على أسلوب يجمع بين التكرار الممنهج والتجريب العملي، وإننا نأمل أن يغمر الجمهور إحساس فضولي متزايد يدفعهم إلى التعرّف والاستكشاف، بعد أن يخوضوا تجربة شمولية تربط بين المشهد الفني الحيوي في المملكة والممارسات الفنية في جميع أنحاء العالم».
وعلقت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة «بينالي الدرعية» آية البكري: «اختيار قائمة الفنانين المشاركين يرمز إلى دعمنا اللامحدود تجاه المجتمع الفني السعودي وتفعيل دوره من خلال استعراض ممارساته الإبداعية وعرض منتجاته الفنية أمام الجمهور العالمي، وذلك ضمن حوار ملهم تشارك فيه نخبة من الفنانين المرموقين من جميع أنحاء العالم».
ويكتسب بينالي الدرعية للفن المعاصر زخماً كبيراً بوصفه أول بينالي دولي يتطرّق إلى الفنون المعاصرة بمختلف أشكالها في المملكة العربية السعودية، حيث سيوفر منصّة فنية إبداعية رائدة تعزز من مفهوم التأمل والاستكشاف والانفتاح على الآخر، كما ستعزز من مكانة المملكة بوصفها مركزاً ثقافياً رئيسياً إقليمياً ودولياً.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».