«بلو إنجين استوديوز»: سنكون لاعباً أساسياً

الشريكان المؤسّسان يتحدثان لـ «الشرق الأوسط» عن المشاريع والمفاجآت

الشريك المؤسّس زياد كبي
الشريك المؤسّس زياد كبي
TT

«بلو إنجين استوديوز»: سنكون لاعباً أساسياً

الشريك المؤسّس زياد كبي
الشريك المؤسّس زياد كبي

خبيران في حقل الإنتاج والتسويق، يطلقان مشروعهما الحلم من دبي: شركة «بلو إنجين استوديوز» لابتكار المحتوى الإعلامي وإنتاجه. زياد كبي وهاني الغريّب هما الشريكان المؤسّسان: الأول، منتج شهير للبرامج التلفزيونية ومسوّق الصيغ العالمية المعدّلة من برامج «الفورمات» العالمي، وهو أيضاً مطوّر برامج أصلية. الثاني، رائد أعمال في الإعلان والإعلام، ساهم في مرحلة تأسيس «شاهد» وريادته، وفي توسّع «إم بي سي». يضاف إليهما اسم له بصمته: المخرجة والمنتجة التلفزيونية جنان منضور، المشرفة في الشركة على العمليات وملاحقة الإنتاج. ثلاثية لبنانية تُقدم على المغامرة بشجاعة.
راودتهما الفكرة، وانتظرا الوقت المناسب لتنفيذها. ما المختلف في «بلو إنجين استوديوز»، الشركة المولودة؟ يجيب هاني الغريّب «الشرق الأوسط»: «أربع مسائل أساسية؛ أولاً: خبرتنا العالمية في الوصول إلى أضخم الفورمات والمسلسلات العابرة للجغرافيا، وإنتاجها. ثانياً: علاقاتنا الراسخة مع عمالقة التلفزيونات والمنصات التفاعلية الرقمية في الشرق الأوسط. ثالثاً: إدراكنا أهمية وضع المستهلك العربي أمام خيارات وفرص لمشاهدة محتوى عربي جديد خارج التوقعات، سيشكل مفاجأة. ورابعاً: فهمنا العميق للمعلِن وحاجاته. فهو شديد الاهتمام بإيصال منتجه إلى أكبر فئة استهلاكية بأسلوب مبتكر وعصري. هذه خلطة الشركة السحرية، عنوانها التكامل في الإنتاج والإعلام والتلقي والمحتوى لمصلحة العمل. من هنا ننطلق، وننتظر أفضل نتيجة».
المقر الرئيسي للشركة في دبي، والخطوة المقبلة في السعودية. يتحدث الشريكان عن انفتاح وتسهيل إنتاج تتيحهما الأخيرة لتحفيز الأفكار المبدعة: «سنسجل الشركة في المملكة، فنكون أقرب ما يمكن من المستهلك السعودي وشركات الإنتاج والمنصات هناك».
ويفجّران مفاجأة كبرى: «وقّعنا مع (إم بي سي) و(شاهد) لإنتاج البرامج الضخم «AvaSTAR»، مفهوم إبداعي لصناعة المواهب، يجمع الغناء والرقص بأحدث التقنيات». يكمل هاني الغريّب وزياد كبي بعضهما بعضاً؛ والثنائية تصبح ثلاثية بوجود جنان منضور وخبرتها في الإنتاج. أكثر ما يهمها هو التشديد على التناغم ضمن الفريق. تُخبر «الشرق الأوسط» أنّ النجاح لا يتحقق بوجود عناصر مبدعة، بل الأهم بالتناغم بين العناصر. هي المشرفة على عمليات الإنتاج، تلاحق تركيبة البرامج والمسلسلات، مع إعلاء روحية الانسجام ضمن الفريق، مما يتيح تنفيذ رؤية الشركة وتحقيق طموحاتها في الوصول والانتشار.
شعارها: «نعمل على تفاصيل صغيرة من أجل صورة كبيرة». إلى جانبها زياد كبي، المدرك أنّ شكل السوق تغيّر منذ «كوفيد»، وبات المتلقي هو المتحكم الأول بوقته، يختار الساعة المناسبة للمشاهدة، وما يريد مشاهدته وفق مزاجه. يضع وشريكه آمالاً كبرى على شركة تولد من خبرات وتنطلق من أرضية متينة. يسرد كيف زجّ «كوفيد» البشر في منازلهم مما زاد من حجم الاستهلاك التلفزيوني، مع التركيز على المسلسلات الدرامية كورقة رابحة في الاستثمارات.
يكشف لـ«الشرق الأوسط» أنّ الشركة ستتخصص، إلى إنتاجات أخرى، بإنتاج مسلسلات قصيرة (6 إلى 10 حلقات)، مع فارق أنّ إنتاجاتها الأصلية ستخضع لـ«رحلة تطوّر» متعلقة بالشخصيات والفكرة، فلا تصبح جاهزة للعرض على عجل: «سيشعر المشاهد بالفرق. لدينا نحو 7 مسلسلات قيد التطوير، ونعمل على كل فكرة وشخصية بعناية فائقة».
تلتزم الشركة بتسليم محتوى إبداعي يفي بالغرض إلى التلفزيونات أو المنصات التي يعود لها الخيار بعرضها لمشتركيها حسب الطلب أم بإتاحتها للجميع مجاناً، بالاعتماد على الإعلانات المدفوعة. نسأل الشريكين عن شراسة المنافسة والاستعدادات للمواجهة.
يتمسك زياد كبي بضرورة تصدير المحتوى ورفض الاكتفاء باستيراد «الفورمات» وتعريبه. ويعترف هاني الغريّب بأنّ «المنافسة موجودة بقوة، لكننا لا نزال قادرين على القيام بالكثير فيما يتعلق بتطوير المحتوى العربي، فيكون بمستوى المحتوى العالمي». تحفّز المنافسة على تحسين الإنتاج، خصوصاً أنّ المستهلك العربي لم يعد محصوراً بمنصات محلية، والجميع يشاهد المحتوى الضخم على المنصات العملاقة، من دون أن تشكل اللغة عائقاً أمام إنتاج ممتاز يتخطّى الجغرافيا: «طموحنا صناعة مسلسلات تتجاوز حدود المنطقة. الأهم هي القصة الأصلية ونوعية السرد. نطمح أن نكون لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط، فنصدّر الإنتاجات من مسلسلات وبرامج إلى الخارج. على العالم أن يشاهد قصصنا ويفهمنا أكثر من خلال إنتاجاتنا».
هل هي مغامرة أم ورقة رابحة مضمونة؟ بالنسبة إلى الشريكين: لا شيء مضموناً في الحياة، «لكن مع خبرتنا وعلاقاتنا والتوليفة التي ننطلق منها، يمكن تسمية ما نقوم به: calculated risk (خطر محسوب). كل الأحلام تنطوي على أخطار. وفي زوايا كل بداية يسكن الخطر. الفارق هنا أننا لا نرمي أنفسنا في مغامرة نجهل أبعادها. لدينا الخبرات والعلاقات والحماسة، فننطلق بثقة».
متى نشاهد أولى الإنتاجات الدرامية؟ «العمل على السكة، ونواصل التحضير لفورمات وأفكار لم تشاهدوا مثلها من قبلـ«، يحمّسنا الغريّب وكبي. يعلنان أيضاً عن تصوير إنتاج جديد في السعودية يحاكي ذوق المشاهد العربي: «التفاصيل في الوقت المناسب». وماذا بعد؟ «نؤسّس لشراكة عالمية مع جهة أوروبية لديها تاريخها الطويل في الإنتاجات والمسلسلات والفورمات. ستكون شريكاً استراتيجياً لتقديم نوعية جديدة ومختلفة في منطقتنا».
لا مفر من السؤال عن التمويل، ما مصدره وهل من أطراف تتدخّل في الرأسمال فتفرض أجندتها على التوجّه والمحتوى؟ يؤكدان: «التمويل فردي، ونحن من أسّسنا رأسمال الشركة»، ثم يمدّان جسراً مستقبلياً لمن تهمّه الشراكة، مع إبداء الانفتاح على أفكار تحمل قيمة مضافة، «لكننا حالياً نكتفي بالتمويل الذاتي. أكثر ما يهمنا هو بدء العمل بالأفكار، والنجاح».
نحزن لأحوال بيروت التي تهجّر مبدعيها، وما يعني الشريكين هي المواهب في الأوطان، لا موقع الشركة الجغرافي: «طموحنا هو الاستثمار في الطاقات الخلاقة من كل دولة. الوجهة الحالية هي السعودية: البحر الأحمر، جدة، الرياض مع هيئة الترفيه أو في (نيوم)». الانفتاح يفتح كل الأبواب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».