مصر أمام تحدٍ أمني جديد اليوم عبر استئناف النشاط الكروي

الداخلية تفرض ضوابط مشددة لمنع تكرار كارثة «الدفاع الجوي»

مصر أمام تحدٍ أمني جديد اليوم عبر استئناف النشاط الكروي
TT

مصر أمام تحدٍ أمني جديد اليوم عبر استئناف النشاط الكروي

مصر أمام تحدٍ أمني جديد اليوم عبر استئناف النشاط الكروي

تدخل مصر تحديا أمنيا جديدا باستئناف النشاط الكروي مرة أخرى، بعد توقف دام 50 يوما، بسبب كارثة استاد الدفاع الجوي في فبراير (شباط) الماضي، التي راح ضحيتها 20 مشجعا من أنصار نادي الزمالك، حيث تقام اليوم (الاثنين) خمس مباريات «دون جمهور» وفقا لقرار مجلس الوزراء.
وتسعى السلطات المصرية، من خلال قرار عودة الدوري العام لكرة القدم، إلى التأكيد على حالة الاستقرار، التي بدأت تشهدها البلاد مؤخرا، رغم أعمال العنف والتفجيرات المتفرقة، خاصة بعد نجاحها في عقد مؤتمري دعم مصر الاقتصادي والقمة العربية في شرم الشيخ خلال شهر مارس (آذار) الحالي، لكنها أيضا تخشى من رد فعل انتقامي لرابطة مشجعي نادي الزمالك (الوايت نايتس)، التي يحاكم العشرات من أعضائها بتهم تتعلق بالشغب.
ووضعت الجهات الأمنية ضوابط مشددة على الأندية كشرط لعودة النشاط حتى لا تؤدي عودة الدوري لاندلاع أعمال عنف في الملاعب مرة أخرى، من أبرزها العدول عن قرارها السابق بحضور الجماهير للمباريات، وضرورة أن تقام جميع المباريات نهارا، وسط حراسة أمنية مشددة وتنسيق من جميع الجهات.
وعانت مصر من اضطرابات أمنية وحوادث عنف راح ضحيتها الآلاف منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وكان لملاعب كرة القدم نصيب كبير منها. وفي حادثة استاد الدفاع الجوي قتل 20 مشجعا من نادي الزمالك على مدخل الاستاد قبيل مباراة إنبي في الثامن من فبراير الماضي، أثناء محاولتهم دخول الملعب بسبب تدافع الجماهير وإطلاق قوات الأمن لقنابل غاز مسيل للدموع، كما سبق أن قتل 74 مشجعا من النادي الأهلي في استاد بورسعيد عام 2012.
وقال هاني عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار مجلس الوزراء بالموافقة على استئناف مسابقة الدوري العام لكرة القدم دون حضور جمهور اعتبارا من 30 مارس، اشترط التنسيق بين كل من وزارة الشباب والرياضة ووزارة الداخلية، والاتحاد المصري لكرة القدم، في ما يتعلق بالإجراءات التنظيمية والإدارية اللازمة لاستكمال المسابقة، بما يحقق صالح الرياضة المصرية». وناشد المتحدث باسم الوزارة «اتحاد الكرة والأندية ضرورة الالتزام بالأمور التنظيمية والإدارية في ما يخص عدد الأفراد المسموح لهم بدخول الملعب (مجالس الإدارات والصحافيين)».
ومن جهته، أرسل الاتحاد المصري لكرة القدم خطابا رسميا لمختلف الأندية المشاركة في مسابقة الدوري الممتاز لإخطارها بضوابط وشروط المباريات وتحديد المسؤوليات قبل استئناف المسابقة. وتضمن الخطاب ضرورة الحصول على موافقة الجهة الأمنية التابع لها النادي لإقامة المباراة، وعدم السماح بدخول جماهير داخل الملعب حيث يقتصر الحضور على أعضاء مجلس إدارة كل ناد فقط، بالإضافة إلى تحمل النادي، الذي تقام المباراة على ملعبه، المسؤولية في ما يتعلق بالتنظيم الكامل للمباراة، وعن أي أخطاء داخل الملعب أمنيا وتنظيميا.
كما أخطر الاتحاد الأندية أيضا بضرورة تحديد المسؤول الأمني عن كل مباراة لعمل اجتماع تنسيقي مع مسؤولي مديرية الأمن التابع لها النادي قبل إقامة المباراة، على أن يتم تحديد مسؤولية النادي عن التنظيم الداخلي، ويكون الأمن مسؤولا عن التنظيم معه داخل الملعب وخارج الأسوار.
ويبدأ الدوري اليوم بخمس مباريات، تنطلق أربع منها الساعة الثانية ظهرا وهي «سموحة وطلائع الجيش، والمصري والمقاولون العرب، واتحاد الشرطة ووادي دجلة، وإنبي والاتحاد السكندري»، فيما تختتم بمواجهة بين الزمالك والداخلية في الساعة الرابعة والنصف عصرا باستاد السويس. وتمنع هذه التوقيتات الملايين في مصر من مشاهدة مباريات كرة القدم، حتى على شاشات التلفزيون، حيث تتقاطع مع مواعيد العمل الرسمية، والدراسة في المدارس والجامعات.
ويتحسب الأمن من أي رد فعل انتقامي لرابطة مشجعي نادي الزمالك (الوايت نايتس) خلال مباراة فريقها اليوم. وسبق أن طلب نادي الزمالك وجود قوات الأمن المركزي والشرطة لتأمين مقر النادي بحي المهندسين (وسط الجيزة)، خشية وجود مخطط لاقتحام النادي بسبب عودة منافسات الدوري.
وينتظر أن تنظر محكمة استئناف القاهرة، في 18 أبريل (نيسان) المقبل، أولى جلسات محاكمة 16 متهما في أحداث استاد الدفاع الجوي، حيث أحال النائب العام المستشار هشام بركات 16 متهما في الأحداث إلى المحاكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جرائم «البلطجة والقتل العمد وتخريب المنشآت وإحراز مواد مفرقعة».
وقال النائب العام إن التحقيقات كشفت أن «جماعة الإخوان استغلت علاقتها ببعض كوادر رابطة مشجعي نادي الزمالك وأمدتهم بالأموال والمواد المفرقعة لإحداث أعمال شغب وعنف، وأن المتهمين المنتمين لجماعة الإخوان اعترفوا بذلك بهدف إحداث فوضى في البلاد، كما أقر عدد من أعضاء (وايت نايتس) بتلقيهم هذه الأموال».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.