«الشيوعي» السوداني: المكوّن «العسكري» مسؤول عن فشل «اتفاقية جوبا للسلام»

TT

«الشيوعي» السوداني: المكوّن «العسكري» مسؤول عن فشل «اتفاقية جوبا للسلام»

هاجم «الحزبُ الشيوعي السوداني» المكونَ «العسكري» في السلطة الانتقالية، وحمله مسؤولية الأخطاء التي أدت إلى فشل عملية السلام في «اتفاقية جوبا»، باختطافه ملف السلام، لحصر المشاركة بينه وبين قيادات الحركة المسلحة، وخلق مسارات وهمية، في إشارة إلى مسارات عملية السلام الخاصة في الإقليم الأوسط والشرقي، داعياً إلى إسقاط هذه الحكومة التي قال «إنها لا تمثل أهداف الثورة».
وقال سكرتير عام الحزب، محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي بمقر الحزب في الخرطوم أمس، إن السلطة الانتقالية بشقيها «المدني والعسكري» فشلت فشلاً ذريعاً في حل مشكلات البلاد، وإن سياستها ساهمت في «تفاقم الإشكالات، وذهب كل طرف يتهم ويدين الآخر ويحمله مسؤولية هذا الفشل».
وأضاف أن أخطاء «العسكريين» أدت إلى «الفشل الذي تعيشه البلاد؛ من تهديد للوحدة الوطنية يقود لتقسيم البلاد لدويلات صغيرة لخدمة المشاريع الإمبريالية ومصالح دول الجوار».
وأشار إلى أن ما يحدث في شرق البلاد «دليل على فشل السلطة الحالية في مواجهة المشكلات الناتجة عن سياساتها الكلية، وبدلاً من الاستماع للمطالب العادلة لأصحاب المصلحة في الشرق ودارفور، لجأت إلى الحلول الجزئية»، وأن «استمرار المركز في التسلط على الثروة والسلطة يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وانفجارها».
وقال الخطيب إن «اتفاق جوبا» نتائجه كارثية، «وطرحنا حل قضية الحرب والسلام في إطار الحل الشامل للأزمة السودانية التي أفرزت تلك الصراعات في مناطق النزاعات».
وأضاف أن شركاء حكومة الفترة الانتقالية «يتحملون المسؤولية عن تأجيج وتقسيم المكونات الاجتماعية في شرق البلاد، وضرب التعايش السلمي والاجتماعي في الإقليم، وحالة الاستقطاب الجهوي في وسط وشمال البلاد».
وقال: «رغم مرور عامين على (اتفاقية جوبا) للسلام؛ التي صُممت في الخارج لخدمة المصالح الغربية، تواصلت الانتهاكات في دارفور دون تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة، ولم يعد النازحون إلى مناطقهم الأصلية (الحواكير)، وعلى الحكومة الانتقالية أن تعيد النظر في تلك الاتفاقية».
ونوه سكرتير «الحزب الشيوعي السوداني» بأن الحكومة الانتقالية «عمدت إلى تأخير تكوين المفوضيات المستقلة لإصلاح جميع أجهزة الدولة، بغرض تعطيل العدالة ووقف محاربة الفساد».
ودعا الخطيب إلى «استئصال النشاط الطفيلي في المجتمع والدولة، وإسقاط (النظام الرأسمالي) المتمثل في الحكومة الحالية بمكونيها المدني والعسكري»، وأن يعود الشعب السوداني «لاستعادة ثورته وتكوين حكومة جديدة».
وفي يوليو (تموز) العام الماضي، انسحب «الحزب الشيوعي» من «قوى الحرية والتغيير»؛ التحالف الحاكم في السودان، وأوقف دعمه الحكومة الانتقالية، التي شُكلت بموجب «الوثيقة الدستورية»، وشارك «الشيوعي»؛ إلى جانب القوى المدنية، في المفاوضات التي جرت مع المجلس العسكري الانتقالي (المنحل) وأفضت إلى تشكيل هياكل السلطة الانتقالية في البلاد، متهماً حلفاءه بالانقلاب على أهداف الثورة.
ويعدّ «الشيوعي» من الأحزاب المنضوية في «تحالف قوى الحرية والتغيير»، التي قادت الاحتجاجات الشعبية حتى إسقاط حكم الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019.
وتبنى «الحزب الشيوعي» ميثاقاً وبرنامجاً «لإعادة تنظيم قوى الثورة، لإقامة دولة مدنية ديمقراطية، وإصلاح الأجهزة النظامية ووضعها تحت سيطرة الحكومة المدنية»، وتضمن الميثاق «عقد مؤتمر دستوري في نهاية المرحلة الانتقالية، يشارك فيه الجميع دون إقصاء، ينتهي بإجراء انتخابات عامة في البلاد».
ووقعت الحكومة الانتقالية في السودان، برئاسة عبد الله حمدوك، في أكتوبر (تشرين الأول) على «اتفاق جوبا» للسلام مع الفصائل المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ومسارات لمعالجة القضايا الرئيسية في الشرق والوسط وشمال البلاد.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».