هوس نتف الشعر: ما هو وكيف أثرت «كورونا» على المصابين؟

الحالة تتميز بالنتف القهري لشعر الجسم (رويترز)
الحالة تتميز بالنتف القهري لشعر الجسم (رويترز)
TT
20

هوس نتف الشعر: ما هو وكيف أثرت «كورونا» على المصابين؟

الحالة تتميز بالنتف القهري لشعر الجسم (رويترز)
الحالة تتميز بالنتف القهري لشعر الجسم (رويترز)

بعد مرور عام على جائحة فيروس «كورونا»، دخلت هناء فيران أخيراً إلى صالون لتصفيف الشعر. بينما كان الموظف يتفقد شعرها، لاحظ منطقة من الصلع في رأسها. ولأنه على علم بأنها أنجبت طفلها الثاني مؤخراً، قال لها: «لا تقلقي، فإن العديد من النساء يعانين من تساقط الشعر بعد الولادة، وسيعود قريباً».
وقالت فيران: «أومأت برأسي، مما سمح له بتصديق خطأه. كنت على علم بالسبب الحقيقي لتساقط شعري والصلع في رأسي...كنت أسحب الشعر بنفسي»، وفقاً لتقرير لصحيفة «إندبندنت».
ومنذ أن كانت في الحادية عشرة من عمرها، عاشت فيران مع حالة تسمى هوس نتف الشعر. تتميز هذه الحالة بالنتف القهري لشعر الجسم، إما شعر من فروة الرأس أو الرموش والحواجب، وهو شكل من أشكال اضطراب الوسواس القهري الذي غالباً ما يظهر لأول مرة خلال فترة البلوغ، ويتفاقم بسبب القلق.
تشير التقديرات إلى أن واحداً من كل 50 شخصاً مصاب بهذه الحالة، رغم أن الكثيرين لا يتم تشخيصهم ويعيشون مع المرض سراً.
ومثل الكثيرين ممن يعيشون مع هوس نتف الشعر، كانت أسوأ سنوات حياة فيران خلال فترة المراهقة. وقالت: «في ذلك الوقت، عانيت من أجل فهم سلوكي والتحكم فيه. لم أستطع أن أشرح لماذا كنت أفعل ذلك، بصرف النظر عن الشعور بوخز غامض في فروة الرأس في المنطقة التي كنت أسحب الشعر منها... الرغبة كان من المستحيل مقاومتها».
وعلى عكس أشكال الوسواس القهري الأخرى، لا يسبق نتف الشعر أنماط التفكير السلبية أو القلق.
قالت المعالجة النفسية لويز واتسون لصحيفة «إندبندنت»: «لا يوجد تفكير مع هوس نتف الشعر... هناك أفكار حولها، مثل العثور على الشعر المناسب لشده، وهناك دافع. لكن الكثير من ذلك يحدث خارج الفكر الواعي».
وبدأت ديزي بينمان، خبيرة وسائل التواصل الاجتماعي البالغة من العمر 22 عاماً، في نتف شعرها في سن الثانية عشرة.
وقالت: «كنت أفعل ذلك بدون تفكير أثناء مشاهدة التلفزيون».
ولكن عندما بدأ الإغلاق المرتبط بفيروس (كورونا)، وجدت بينمان أنها كانت تسحب شعرها بوتيرة أكبر، حيث شعرت أن الحركات المتكررة كانت «مطمئنة ومقنعة».
في النهاية، كان على بينمان أن تطلب من شريكها مساعدتها على مقاومة ذلك، وتابعت: «لم أدرك حجم المشكلة التي أصبحت عليها إلا بعد وجودي معه أثناء الإغلاق. قررنا أن يأخذ يدي بلطف ويمسكها لمنعي من نتف شعري، وهذه طريقة لطيفة لتذكيري بالتوقف، ويبدو أنها فعالة».
وتسبب الوباء في أزمة وطنية للصحة العقلية، مع حدوث اضطراب كبير مفاجئ في الحياة العملية والشخصية، والقلق من الإصابة بالفيروس ونقله.
خلال ذروة الإغلاق الأول في عام 2020، عانى واحد من كل خمسة بالغين من أعراض الاكتئاب، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني. بعد مرور عام، لا يزال واحد من كل ستة يعاني من ذلك.
كما كان من المرجح أن يتأثر البالغون والنساء الأصغر سناً، حيث أبلغت واحدة من كل ثلاث نساء تتراوح أعمارهن بين 16 و29 عاماً عن إصابتها بالاكتئاب في عام 2021. كما وجد البالغون ذوو الإعاقة والمعرضون للخطر إكلينيكياً أن صحتهم العقلية ساءت أثناء الوباء.
وتشرح الدكتورة جوانا سيلفر، المعالجة والاختصاصية النفسية الاستشارية في مستشفى نايتنجيل في لندن، أنه بالنسبة للأشخاص الذين يديرون السلوكيات القهرية، فإن التغيير المفاجئ في الروتين يمكن أن يعطل الاستراتيجيات لديهم ويسبب الانتكاس.
وأوضحت: «سبب هذا عادة ليس صدمة كبيرة. قد يكون شكلاً من أشكال التهدئة الذاتية - بالنسبة لكثير من الناس فهو مريح، لذلك فمن المنطقي أن يعود الناس إليه إذا كانت وسيلة لتهدئة أنفسهم في وقت القلق».
وقالت سيلفر إن «الضوابط والتوازنات» التي ربما كانت قد وضعت قيوداً على الناس - مثل الوجود في العمل والخروج أمام أعين الجمهور - تراجعت أيضاً خلال الوباء، مما ترك المرضى دون مراقبة وقادرين على الانخراط في السلوكيات القهرية، التي تشمل أيضاً اضطرابات زيادة الشهية في تناول الطعام.
وأشارت لويز واتسون، المتخصصة في هوس نتف الشعر، إلى إنه من المهم اختيار معالج يفهم الحالة. وغالباً لا ينفع العلاج السلوكي المعرفي التقليدي في حل الأزمة لأنه من المستحيل ملاحظة وسرد الأفكار التي تسبق السلوك اللاواعي.
وأضافت: «إنها طريقة علاج مختلفة بثلاثة أهداف: زيادة الوعي بالسلوك ومحفزاته، وتقليل التوتر العام في الجسم حيث يمكن أن يؤدي الإجهاد إلى تفاقمه، والتوصل إلى استجابة منافسة».


مقالات ذات صلة

دراسة: تناول الأطفال للأسماك يجعلهم أكثر اجتماعية

يوميات الشرق مجموعة من الأسماك (أرشيفية - رويترز)

دراسة: تناول الأطفال للأسماك يجعلهم أكثر اجتماعية

توصلت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يتناولون الأسماك بانتظام قد يكونون أكثر اجتماعية ولطفاً من أقرانهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يمكن أن تكون لموجات الحر عواقب صحية مدمرة (رويترز)

دراسة: الطقس شديد الحرارة قد يؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية

قد يؤثر المناخ الذي تعيش فيه على سرعة تقدمك في السن على المستوى الخلوي، أو ما يعرف بـ«الشيخوخة البيولوجية»، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شرب الماء ضروري لحياة صحية (أرشيفية - رويترز)

ما كمية الماء الواجب شربها يومياً؟

هل 8 أكواب من الماء كافية لترطيب جسمك في فصل الصيف؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك بعض الأطعمة قد تساعدك على العيش لفترة أطول (رويترز)

لحياة أطول... ماذا ينبغي أن تأكل في الوجبات الثلاث؟

تحدثت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية مع عدد من خبراء الصحة عن اقتراحاتهم لأطعمة يمكن تناولها في وجبات الإفطار والغداء والعشاء لإطالة العمر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مرض باركنسون هو حالة تنكس عصبي تتضمن أعراضها التصلب والرعشة وبطء الحركة (أرشيفية-أ.ف.ب)

الرجال أكثر عرضة للإصابة بالشلل الرعاش

كشفت دراسة جديدة أن خطر الإصابة بمرض باركنسون «الشلل الرعاش» أعلى مرتين عند الرجال منه عند النساء، لافتة إلى سبب محتمل لذلك؛ وهو بروتين حميد في المخ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

البلاستيك الدقيق يعوق التمثيل الضوئي للنباتات ويعرض 400 مليون شخص لخطر المجاعة

جزيئات بلاستيكية دقيقة (أ.ف.ب)
جزيئات بلاستيكية دقيقة (أ.ف.ب)
TT
20

البلاستيك الدقيق يعوق التمثيل الضوئي للنباتات ويعرض 400 مليون شخص لخطر المجاعة

جزيئات بلاستيكية دقيقة (أ.ف.ب)
جزيئات بلاستيكية دقيقة (أ.ف.ب)

أكدت دراسة جديدة أن تلوث الكوكب بالبلاستيك الدقيق يقلل بشكل كبير من إمدادات الغذاء ويهدد الملايين بالمجاعة، من خلال إعاقة عملية التمثيل الضوئي للنباتات.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قام فريق الدراسة بفحص وتحليل 157 دراسة سابقة حول تأثير البلاستيك الدقيق على النباتات.

ووجدوا أن البلاستيك الدقيق يمكن أن يُلحق الضرر بالنباتات بطرق متعددة. حيث يمكن للجسيمات البلاستيكية الدقيقة أن تمنع أشعة الشمس من الوصول إلى الأوراق وتضر بالتربة التي تعتمد عليها النباتات. وعندما تمتصها النباتات، يمكن لهذه الجسيمات أن تسد قنوات المغذيات والمياه، وتحفز جزيئات غير مستقرة تضر بالخلايا وتطلق مواد كيميائية سامة، يمكن أن تقلل من مستوى صبغة الكلوروفيل الضوئية.

ولفتت الدراسة إلى أن ما بين 4 في المائة و14 في المائة من المحاصيل الأساسية في العالم من القمح والأرز والذرة تُفقد بسبب الجزيئات البلاستيكية المنتشرة.

وقال الباحثون إن الأمر قد يزداد سوءاً، مع تدفق مزيد من البلاستيك الدقيق إلى البيئة.

وتأثر نحو 700 مليون شخص بالجوع في عام 2022. وقدَّر الباحثون أن تلوث البلاستيك الدقيق يمكن أن يزيد من عدد المعرَّضين لخطر المجاعة بمقدار 400 مليون شخص آخر في العقدين المقبلين، واصفين ذلك بأنه «سيناريو مثير للقلق» للأمن الغذائي العالمي.

وقال الباحثون إن الخسائر السنوية للمحاصيل، والناجمة عن المواد البلاستيكية الدقيقة، قد تكون مماثلة لتلك التي تسببت فيها أزمة المناخ في العقود الأخيرة.

حقائق

700 مليون شخص

تأثروا بالجوع في عام 2022

ويواجه العالم بالفعل تحدياً لإنتاج ما يكفي من الغذاء بشكل مستدام، حيث من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 10 مليارات بحلول عام 2058.

وقال فريق الدراسة الجديدة التابع لجامعة نانجينغ في الصين: «لقد سعت البشرية إلى زيادة إنتاج الغذاء لإطعام عدد متزايد من السكان، لكنّ هذه الجهود الجارية أصبحت الآن معرَّضة للخطر بسبب التلوث البلاستيكي».

وأضاف: «تؤكد النتائج الحاجة الملحّة إلى خفض التلوث لحماية الإمدادات الغذائية العالمية في مواجهة أزمة الجزيئات البلاستيكية الدقيقة المتنامية».

ووصف عدد من الخبراء الدراسة الجديدة بأنها «مفيدة» و«جاءت في الوقت المناسب»، لكنهم حذَّروا من أن هذه المحاولة الأولى لقياس تأثير البلاستيك الدقيق على إنتاج الغذاء ستحتاج إلى تأكيد من خلال جمع مزيد من البيانات.