تركيا تلوّح بتصعيد شمال سوريا... وروسيا تقصف «تخوم مناطقها»

لافروف وجاويش أوغلو بحثا نتائج قمة بوتين ـ إردوغان

تركيا تلوّح بتصعيد شمال سوريا... وروسيا تقصف «تخوم مناطقها»
TT

تركيا تلوّح بتصعيد شمال سوريا... وروسيا تقصف «تخوم مناطقها»

تركيا تلوّح بتصعيد شمال سوريا... وروسيا تقصف «تخوم مناطقها»

لمحت تركيا إلى احتمالات تصعيد عسكري رداً على توالي الهجمات التي تتعرض لها القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها من جانب «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في وقت قصفت روسيا مناطق نفوذ تركيا شمال سوريا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن صبر بلاده حيال «بؤر الإرهاب» في شمال سوريا «قد نفد»، مؤكداً عزمها على القضاء على التهديدات التي مصدرها تلك المناطق، في إشارة إلى مناطق سيطرة «قسد»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية المكون الأكبر فيها، وتعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً وامتداداً لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وتنتقد الدعم الأميركي لها؛ كونها أكبر حلفاء الولايات المتحدة في الحرب على «داعش»، بينما تعتبر واشنطن أن تركيا باستهدافها «الوحدات» الكردية تقوض جهود مكافحة التنظيم المتشدد.
وأضاف إردوغان، في مؤتمر صحافي عقب ترؤسه اجتماع حكومته في أنقرة ليل الاثنين - الثلاثاء، أن «الهجوم الأخير على قواتنا في منطقة عملية (درع الفرات) والتحرشات التي تستهدف أراضينا بلغت حداً لا يحتمل».
وكان إردوغان يشير بذلك إلى مقتل اثنين من عناصر شرطة المهام الخاصة التركية في مارع، شمال حلب، في هجوم بصاروخ موجه انطلق من مناطق سيطرة «قسد» في تل رفعت، وسقوط قذائف هاون على بلدة كاراكاميش في غازي عنتاب من الجانب السوري، أول من أمس.
ورصد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحليقاً للطيران الحربي الروسي في أجواء ريف حلب الشمالي، حيث استهدف بصاروخ واحد على الأقل الحي الغربي ضمن مدينة مارع الخاضعة لنفوذ الفصائل الموالية لأنقرة، ولم ينفجر الصاروخ إلى الآن، دون معلومات عن خسائر بشرية حتى اللحظة.
جاء ذلك بعد ساعات من حديث إردوغان عن نفاد صبر بلاده وفقاً لوصفه حول الهجمات المتكررة من قبل «الإرهابيين» بريف حلب.

وكان «المرصد» أشار في السابع من الشهر الحالي، إلى أن الطيران الحربي الروسي شنّ 3 غارات جوية استهدف خلالها محيط القاعدة العسكرية التركية في منطقة التويس بمحيط مارع في ريف حلب الشمالي، دون معلومات عن خسائر بشرية.
وتصاعدت الهجمات ضد تركيا والفصائل الموالية لها في شمال سوريا. وقتل 6 أشخاص، بينهم مدنيون، أول من أمس، في انفجار سيارة مفخخة في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة فصائل مدعومة من أنقرة.
وتزايدت الخسائر البشرية في صفوف القوات التركية في المنطقة المسماة بـ«درع الفرات»، حيث قتل جندي وضابطان بشرطة المهام الخاصة في هجومين لـ«قسد» في غضون 3 أيام في مدينة مارع بريف حلب، في حين سقطت 5 قذائف هاون من الجانب السوري على بلدة كاراكاميش التابعة لولاية غازي عنتاب جنوب تركيا. وغالباً ما تتهم أنقرة المقاتلين الأكراد في مثل هذه الهجمات.
وقال إردوغان «نفد صبرنا تجاه بعض المناطق التي تعد مصدراً للهجمات الإرهابية من سوريا تجاه بلادنا»، في إشارة إلى مناطق سيطرة «قسد».
وتابع «عازمون على القضاء على التهديدات التي مصدرها من هناك شمال سوريا إما عبر القوى الفاعلة (الولايات المتحدة وروسيا) هناك أو بإمكاناتنا الخاصة. سنقدِم على الخطوات اللازمة لحل هذه المشاكل في أسرع وقت».
وتربط تركيا والولايات المتحدة من جانب، وروسيا من جانب آخر، تفاهمات واتفاقات تتعلق بإبعاد «الوحدات» الكردية عن حدود تركيا ومنع الهجمات على مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، في منطقتي عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» غرب الفرات، اللتين نُفذتا بين عامي 2016 و2018، وعملية «نبع السلام» شرق الفرات، التي نُفذت في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وتوقفت بموجب تفاهمات مع واشنطن وموسكو.
من ناحية أخرى، بحث وزيرا الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والروسي سيرغي لافروف، مستجدات الملف السوري، خلال اجتماع في العاصمة الصربية بلغراد، أول من أمس.
وقال جاويش أوغلو في تغريدة على «تويتر»، إنه التقى لافروف على هامش مشاركة الوزيرين في قمة حركة «عدم الانحياز»، بمناسبة الذكرى السنوية الـ60 لتأسيسها، مضيفاً «تابعنا مع وزير الخارجية الروسي لافروف في بلغراد، القضايا التي ناقشها رئيسانا في سوتشي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.