كنّا على بعد متر واحد من الشرطة الإسرائيلية

الزبيدي عن الفرار من «جلبوع»:

الأسير زكريا الزبيدي (إ.ب.أ)
الأسير زكريا الزبيدي (إ.ب.أ)
TT
20

كنّا على بعد متر واحد من الشرطة الإسرائيلية

الأسير زكريا الزبيدي (إ.ب.أ)
الأسير زكريا الزبيدي (إ.ب.أ)

كشفت مصادر مقربة من «الشاباك» (جهاز الأمن العام الإسرائيلي)، أمس (الثلاثاء)، تفاصيل من جلسات التحقيق التي أجريت مع الأسير الفلسطيني زكريا الزبيدي الذي أعيد اعتقاله بعد أن فر مع 5 آخرين من سجن جلبوع أخيراً. وتبين منها أنه في لحظة خروجهم من فتحة النفق، كان حراس البرج القائم في أعلى النفق، وكذلك الحراس الذين تابعوا الكاميرات الأمنية، في غفوة نوم.
وجاء في محضر التحقيق الذي كشفت عنه قناة التلفزيون الرسمي «كان 11» أن عناصر الشرطة الإسرائيلية الذين كانوا يبحثون عنه وعن زملائه كانوا لمدة ساعة كاملة بالقرب منهم، ولكنهم لم يلحظوهم، بل إن مركبة للشرطة الإسرائيلية وقفت على بعد بضعة أمتار منهم، ثم حضرت دورية أخرى للشرطة، ووقفت إلى جانب الشجرة التي اختبأ تحتها مع زميله محمد العارضة، ثم وقف ضابط شرطة على مسافة متر واحد منهما، ولم تتم ملاحظتهما. وراح الضابط ينادي عليهما بالاسم. وعندما لم يسمع جواباً، غادرت القوات بعد نحو ساعة.
وجاء في محضر التحقيق أن أحد ضباط التحقيق في المخابرات سأل الزبيدي عن معرفته بخطة النفق وخطة الفرار، فأجاب الأسير الذي يعد من رموز الانتفاضة الفلسطينية الثانية -كما وصفته القناة- بأنه علم بها قبل نحو شهر، وليس قبل يوم واحد كما نشر سابقاً. وقال إن الأسير أيهم كممجي، أحد الأسرى الستة، جاء لزيارته في زنزانته، وأبلغه بأن هناك خطة للفرار، ولم يذكر أي تفاصيل أخرى، وطلب منه الانتقال إلى القسم 2 بأسرع وقت ممكن لكي ينضم إليهم في الفرار. فسأله الضابط عن سبب موافقته على هذه المغامرة، فأجاب الزبيدي: «من هو في السجن، وتتاح له فرصة أن يخرج، هل سيفكر بالرفض؟ أي شخص سيوافق. فحتى العصفور الذي تضعه في قفص وسط منزلك، وتعطيه الطعام والماء، إذا فتحت له الباب سيطير، وأنا السجين إن فتح لي الباب فلن أبقى ساكناً». فقال المحقق: «لكن لم يفتح لك أحد الباب لتغادر منه؟»، فرد الزبيدي: «من الباب، من الشباك، من أي فتحة... المهم أخرج».
واهتم المحقق أن يعرف لماذا اختاره الأسرى شريكاً، علماً بأنه ينتمي لحركة فتح، بينما هم جميعاً من «الجهاد الإسلامي»، فأجاب: «ربما لأنني شخص محترم، وسمعتي طيبة، وربما فكروا بتسليم أنفسهم للسلطة، وأنا إذا خرجت معهم، كنت سأذهب للسلطة لحمايتي، ولأنني أعمل فيها موظفاً».
وأكد الزبيدي أن الأسرى كانوا قد بدأوا في حفر النفق منذ فترة طويلة، وأنهم داخل القسم 2 لم يكونوا على علم بالحفر، سوى من هم داخل الزنزانة التي حفر بداخلها النفق، وأن العملية كانت تتم بسرية كبيرة، ولم يتم الكشف عنها لأي أحد، وهذا هو سر نجاحها، وأن الأسير كممجي أبلغه أن العملية ستتم فور الانتهاء من حفر النفق، وأنه سألهم فيما إذا كانوا يريدون مساعدة بالحفر، فأبلغوه بأنه لا حاجة لذلك.
وكشف عن نقاش بينه وبين زميله الأسير محمود العارضة الذي يعد قائد عملية انتزاع الحرية هذه حول مسار الهرب، فقال إن العارضة أبلغه بأن هناك قرية عربية قريبة، عرف أنها عربية من مئذنة المسجد التي يمكن رؤيتها من السجن، وأنهم سيصلون إلى هناك، ويجرون مكالمة هاتفية لشخص ما سيأتي لأخذهم إلى جنين. وقال الزبيدي للأسير العارضة إن «هذا خطأ؛ نحن بحاجة إلى الهروب إلى جنين مباشرة، فهذا أسرع». وعندما رفض العارضة، أجاب الزبيدي: «خلص. أنت المسؤول، وأنا ضيف عندكم، ولست الشخص الذي يقرر».
وروى الزبيدي أنهم قرروا تقديم موعد الهرب، بعد أن قام أحد السجانين بفحص المجاري، واشتبه بأن هناك شيئاً ما، ورأى الأرض بالقرب من الزنزانة، فخشي الأسرى أن يتم اكتشاف النفق، وتجهض عندها العملية، فقرروا الهرب في اليوم نفسه على عجل. وطلب منه كممجي أن يتوجه إلى إدارة السجن، ليطلب الانتقال إلى الزنزانة رقم 5 في القسم 2 اليوم، فوراً. وهذا ما حصل. وبعد تناولهم العشاء، قاموا بتشغيل جهاز التلفاز، وراحوا يراقبون الحراس «الذين يتبدلون في كل نصف ساعة حتى منتصف الليل، وحينها تم البدء بالتحضير. وقال الأسير مناضل نفيعات إن الأمر سيستغرق نحو ربع ساعة للوصول لفتحة النفق، ودخلنا واحداً تلو الآخر».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.