«أونروا» تبدأ إصلاح 1200 منزل في غزة... والفصائل تطلق حملة ضد «اتفاق الإطار الثنائي»

بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع

المفوض لازاريني خلال مؤتمر  أمام أحد المنازل المتضررة في غزة (أ.ف.ب)
المفوض لازاريني خلال مؤتمر أمام أحد المنازل المتضررة في غزة (أ.ف.ب)
TT

«أونروا» تبدأ إصلاح 1200 منزل في غزة... والفصائل تطلق حملة ضد «اتفاق الإطار الثنائي»

المفوض لازاريني خلال مؤتمر  أمام أحد المنازل المتضررة في غزة (أ.ف.ب)
المفوض لازاريني خلال مؤتمر أمام أحد المنازل المتضررة في غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) البدء بعملية إصلاح مئات المنازل التي تضررت بشكل بالغ، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو (أيار) الماضي.
وقال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، خلال مؤتمر عقده، أمام أحد المنازل المتضررة، بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، غربي مدينة غزة إن «الأولوية لإصلاح 1200 منزل، لعائلات فلسطينية لاجئة، من الذين لم يتمكّنوا من العودة لمساكنهم بسبب الدمار الذي لحق بها».
وأضاف: «هناك 7 آلاف عائلة أيضاً، سيتم التعامل معها وتقديم المساعدات في حال توفير الدعم الكامل».
وأوضح لازاريني أن الوكالة بحاجة إلى 20 مليون دولار أميركي، للتعامل مع احتياجات القطاع فيما يتعلق بإصلاح المنازل المدمّرة. ولمدة 11 يوماً، شنّت إسرائيل عدواناً على قطاع غزة، انتهى بوقف لإطلاق النار في 21 مايو الماضي.
وتسبب العدوان بتدمير 1335 منشأة سكنية بشكل كامل أو بالغ، فيما لحق الضرر المتوسط والجزئي بنحو 12 ألفاً و886 منزلاً، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وذكر المفوض العام أن «أونروا» تعاني من عجز مالي كبير، ولا تملك أي سيولة نقدية لدفع رواتب موظفيها عن شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول)، في حالة شهدها العام الماضي.
لكنه قال إنه على الرغم من ذلك فإن المدارس عادت للعمل بكامل طاقتها، كما أن عملية توزيع المواد الغذائية تعمل بكامل طاقتها، وعمليات التطعيم بلقاح «كورونا» مستمرة.
وأبدى لازاريني تفاؤله بإمكانية التغلب مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على هذه الأزمة، داعياً إلى ضرورة إيجاد تمويل مستدام لـ«أونروا» للتغلب على هذه المشكلات، ولمنع تعريض خدمات اللاجئين للخطر.
وجاء إعلان لازاريني في وقت يشنّ فيه الفلسطينيون حملة ضد «أونروا» بعد اتهامات متعلقة بتحول الوكالة إلى أداة سياسية وأمنية في يد الولايات المتحدة الأميركية بعد اتفاق الإطار الأخير بينهم لإعادة الدعم.
وأطلقت الفصائل الفلسطينية ومؤسسات، فعاليات ضد اتفاق «أونروا».
وقال مسؤول ملف اللاجئين في حركة «الجهاد الإسلامي» أحمد المدلل، أمس، إن «المال الأميركي الذي يقدَّم لـ(أونروا) مشروط سياسياً وتعمل من خلاله الإدارة الأميركية على إنهاء وجود (أونروا) وجعلها وكيلاً أمنياً في وزارة الخارجية الأميركية، وهناك خطوات كبيرة جداً تقوم بها (أونروا) تحت ضغط أميركي».
وأضاف المدلل: «هناك مؤامرة خطيرة تحاك أميركياً وصهيونياً ضد وكالة (أونروا) التي تعد أحد الشواهد المهمة في قضية اللاجئين وحق العودة».
وتابع: «لن نصمت، وإنما سنتصدى لهذا الاتفاق بكل قوة».
وأشار المدلل إلى إطلاق برنامج فعاليات رافضة للاتفاق.
ونفّذ غاضبون، أمس، وقفة أمام وكالة الغوث في غزة.
وقال المدلل إنه ستكون هناك فعاليات مستقبلية في مخيمات اللاجئين بجميع المناطق الخمس التي تقدم فيها «أونروا» خدماتها.
وتابع: «الفصائل أبلغت مفوض (أونروا) بأن جميع الفعاليات لن تتوقف حتى إسقاط هذا الاتفاق».
ونفى لازاريني بشدة وجود أي اشتراطات سياسية أو غيرها في اتفاق الإطار الثنائي مع واشنطن، وقال إنه لا يوجد ما يتعارض بين الاتفاقية والقيم التي تلتزم بها «أونروا» والقانون الدولي أو يمكن أن يؤثر على تفويض «أونروا».
ومطلع أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إعادة الدعم المالي لنشاطات «أونروا» ضمن اتفاقية «إطار عمل» مع الوكالة، وذلك بعد سنوات من وقفه بقرار من الرئيس السابق دونالد ترمب في أغسطس (آب) 2018.
ويحتجّ الفلسطينيون على بنود تنص على وقف مساعدة أي لاجئ ينتمي للأجنحة المسلحة لفصائل ومن يشارك في أي عمل تصنفه إسرائيل والولايات المتحدة «إرهابياً»، كما تنص على مراقبة المنهاج الفلسطيني وحذف وشطب أي محتوى يعد تحريضياً ومراقبة مؤسسات «أونروا» كافة.
وتقدم «أونروا» خدمات أساسية لأكثر من 5.5 ملايين لاجئ فلسطيني في كلٍّ من سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.