مصر تستعد للاحتفال بـ«الأقصر في ثوبها الجديد»

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يتفقد مواقع الأقصر الأثرية تمهيداً لافتتاح طريق الكباش (صفحة مجلس الوزراء على «فيسبوك»)
رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يتفقد مواقع الأقصر الأثرية تمهيداً لافتتاح طريق الكباش (صفحة مجلس الوزراء على «فيسبوك»)
TT

مصر تستعد للاحتفال بـ«الأقصر في ثوبها الجديد»

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يتفقد مواقع الأقصر الأثرية تمهيداً لافتتاح طريق الكباش (صفحة مجلس الوزراء على «فيسبوك»)
رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يتفقد مواقع الأقصر الأثرية تمهيداً لافتتاح طريق الكباش (صفحة مجلس الوزراء على «فيسبوك»)

تكثف الحكومة المصرية جهودها للانتهاء من أعمال ترميم عدد من المواقع الأثرية والتاريخية في مدينة الأقصر ضمن مشروعها الطموح الذي يهدف إلى تحويل المدينة الواقعة في الجنوب متحفاً مفتوحاً لما تضمه من معابد ومقابر وطرق تاريخية فريدة.
وتفقد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، اليوم (الثلاثاء)، عدداً من المشروعات السياحية والخدمية والتنموية في المدينة، برفقة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين. وأكد خلال جولته أن «الحكومة توفر كل الإمكانات اللازمة لإقامة احتفالية كبرى للترويج لمحافظة الأقصر، بعنوان (الأقصر في ثوبها الجديد)، على هامش الانتهاء من مشروع إعادة إحياء طريق المواكب الكبرى المعروف بـ(طريق الكباش)».
واعتبر مدبولي أن «المشروعات الكبرى التي تنفذها الدولة حالياً في عدد من المناطق الأثرية بالأقصر، والتي تشمل ترميم المعابد وإحياء الآثار الفرعونية بها، ستجعل من هذه المدينة متحفاً مفتوحاً يلفت أنظار السائحين من كل أنحاء العالم».
من جهته، اعلن وزير السياحة والآثار خالد العناني «انتهاء المرحلة الأولى من مشروع ترميم قاعة الأساطين الكبرى في معابد الكرنك، حيث تركزت الأعمال على تنظيف أسطح الأعمدة الضخمة التي تتوسط قاعة الأساطين الكبرى، والتي يبلغ عددها 12 أسطوناً؛ وهو ما أعاد هذه الأساطين إلى رونقها الذي كانت عليه من خلال إظهار الألوان الأصلية لنقوش هذه الأساطين بشكل رائع. مشيراً إلى أن «أعمال المرحلة الثانية من ترميم تماثيل الكباش بالفناء الأول بالكرنك قاربت على الانتهاء، حيث تم ترميم وتقوية 19 تمثالاً من تماثيل الكباش في الجانب الشمالي من الفناء، وتم بناء مصطبة حديثة قوية عوضاً عن القاعدة القديمة المتهالكة، وجار حالياً إعادة التماثيل المرممة إلى مكانها الأصلي، ومن المتوقع الانتهاء من هذا المشروع في غضون أيام قليلة».
في السياق ذاته، تواصل وزارة السياحة والآثار أعمال الحفائر أسفل قصر توفيق باشا إندراوس، المتاخم لمعبد الأقصر، والذي تم هدمه أخيراً، والتي عثر خلالها على عملات برونزية رومانية، وبشائر لجدار من العصر الروماني ظاهر على الأرض، وجانب من مخزن قديم، وعدد آخر من الأيقونات الأثرية لبعض العصور التاريخية، بحسب الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي كشف عن استخراج 3 كباش مميزة، أسفل جزء من مبنى كنيسة العذراء مريم، التي تم إنشاؤها على طريق الكباش التاريخي خلال العقود الماضية، وكانت من أبرز العقبات التي كانت تواجه المشروع.
وقال الدكتور مصطفى الصغير، المدير العام لآثار الكرنك والمشرف على طريق الكباش، إنه تم «الانتهاء من نحو 98 في المائة من مشروع إحياء طريق الكباش؛ تمهيداً للاحتفال بافتتاحه بالتنسيق بين وزارة السياحة والآثار، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ومحافظة الأقصر»، مضيفاً في تصريحات صحافية، أن «محافظة الأقصر تعمل حالياً على تطوير المنطقة المحيطة بطريق الكباش، وطلاء المنازل المطلة عليه، وزراعة النخيل على جانبي الطريق، ووضع اللمسات الأخيرة استعداداً للاحتفال.
وتسعى مصر إلى تنظيم احتفال أكبر من الذي نظمته في نقل المومياوات الملكية، حيث يواصل فريق من المتخصصين الترتيب للاحتفال وعمل زيارات متتالية لمحافظة الأقصر لتصميم الاحتفال، ويعتمد مخطط الاحتفال على إحياء عيد الأوبت، وهو أحد الأعياد المهمة في تاريخ مصر القديمة لتقديس المعبود آمون، وهو عبارة عن موكب احتفالي ملكي يضم ثالوث طيبة المقدس (آمون وموت وخنسو)، ويسير في طريق الكباش من معابد الكرنك شمالاً وحتى معبد الأقصر جنوباً»، وفق الصغير.
ويواصل فريق الترميم التابع للمجلس الأعلى للآثار ترميم أضخم تمثال معروف للملك تحتمس الثاني أمام الصرح الثامن بمعابد الكرنك، حيث يجرى حالياً استكمال وإعادة تركيب الأجزاء الحجرية الخاصة بالتمثال والتي تم تجميعها بعد العثور عليها في أعمال الحفائر التي جرت بالمعبد عبر سنوات طويلة، ومن المقرر الانتهاء من أعمال الترميم قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
ووفق العناني، فإنه تم تطوير مركز زوار معابد الكرنك بشكل شامل. كما وجّه رئيس الوزراء باستكمال دهان جميع المباني المجاورة للمعبد، لتحقيق مظهر حضاري للمنطقة بأسرها، قبل أن يشهد أعمال ترميم رأس أحد الكباش التي تم اكتشافها بطريق المواكب الملكية، بجانب ترميم عدد من الأعمدة بمعبد الكرنك.
ويعد مشروع كشف وتجهيز مسار طريق الكباش في الأقصر من أهم المشروعات الأثرية التي تنفذها الدولة لتحويل الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، لربط معابد الكرنك ومعبد الأقصر ومعبد موت وأطلال طيبة القديمة الجاري الكشف عنها في منطقة نجع أبو عصبة مع طريق المواكب الكبرى لمسافة تمتد نحو 2700 متر.
وكان طريق الكباش ممراً للأعياد الدينية في مصر القديمة، وهو عبارة عن طريق بطول 2700 متر، يصطف على جانبيه نحو 1059 تمثالاً لأسد برأس كبش، وهو أحد الرموز المقدسة للمعبود آمون، وبدأ إنشاء الطريق في عهد الأسرة الثامنة عشرة، أي نحو 1500 عام قبل الميلاد، واستمر العمل به حتى عهد الملك نختنبو، من الأسرة 30 عام 300 قبل الميلاد، وأقيمت حوله مجموعة من مصانع النبيذ والحمامات، بحسب الصغير.


مقالات ذات صلة

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».