تنديد عربي ودولي واسع بـ {هجوم عدن}

TT

تنديد عربي ودولي واسع بـ {هجوم عدن}

توالت الإدانات العربية والخليجية على الهجوم الإرهابي الذي استهدف موكب وزير الثروة السمكية اليمني سالم السقطري ومحافظ عدن أحمد لملس، ونجم عنه سقوط عدد من القتلى والجرحى، مع تجديد الدعوات لاستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض»، خصوصاً ما يتعلق بالشقين الأمني والعسكري.
وكان مجهولون فجروا سيارة مفخخة في طريق موكب المحافظ لملس والوزير السقطري (الأحد) في مديرية التواهي بمدينة عدن، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل وإصابة 13 شخصاً بينهم مدنيون.
ودان الاتحاد الأوروبي بشدة «الهجوم الفظيع»، وقال، في بيان على «تويتر»: «يعد تنفيذ اتفاق الرياض أمراً ملحاً. يستحق اليمنيون في جميع أنحاء البلاد العيش بسلام». كما ندد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالهجوم على موكب محافظ عدن ووزير الزراعة. وقال في بيان: «إن هجمات كهذه تزيد من انعدام الثقة وتقوض الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن والسلام».
وأكد الدكتور نايف مبارك الحجرف أمين عام مجلس التعاون الخليجي، رفض المجلس لهذه الأعمال الإرهابية التي تتنافى مع المبادئ الدينية والقيم الأخلاقية والإنسانية كافة، فيما شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على أن الهجمات الإجرامية والموجهة ضد أهداف مدنية «تعد جرائم حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني يقتضي المحاسبة»، بينما أعلن البرلمان العربي، عن تضامنه الكامل مع اليمن لمواجهة التنظيمات الإرهابية والتصدي لمخططاتها الخبيثة التي تسعى لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
كذلك، نددت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بالهجوم على عدن، وأكدت موقف «التعاون الإسلامي» الثابت ضد الإرهاب بجميع أشكاله ودوافعه، مشددة على ضرورة توحيد الصف اليمني لمواجهة الإرهاب وتحقيق ما يصبو إليه الشعب اليمني من أمن واستقرار.
وبينما توالت ردود الأفعال المحلية المنددة بالهجوم، عبر التحالف الوطني للأحزاب والمكونات السياسية (تكتل حزبي مؤيد للشرعية) عن إدانته واستنكاره بشدة. وطالب تحالف الأحزاب اليمنية، في بيان، «الجهات المعنية بضبط الجناة وإجراء تحقيق خاص بالقضية ومحاسبتهم وفقاً للقانون واتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الجانبين الأمني والعسكري المنصوص عليهما في اتفاق الرياض، وبما يضمن عدم تكرار مثل هذه الأعمال الإرهابية وتحقيق الأمن والاستقرار بالعاصمة المؤقتة عدن وجميع المحافظات المحررة».
ودانت الحكومة اليمنية الهجوم الذي وصفته بـ«الجريمة الإرهابية الغادرة والجبانة». وأكدت، في بيان، أنها «تشدد على أن هذه الأعمال الإرهابية المدانة لن تحقق أهدافها في خلط الأوراق وإفشال جهود الحكومة في تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة واعتزامها، بتكاتف جهود جميع القوى والمكونات السياسية والمجتمعية، استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وتوحيد الصف في معركة الوطن والعرب المصيرية ضد الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً». وأشار بيان الحكومة الشرعية إلى أنها «ملتزمة بتوجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي للأجهزة الحكومية التنفيذية والأمنية والعسكرية باتخاذ الإجراءات اللازمة والكفيلة باستتباب الأمن والاستقرار، وإجراء تحقيقات ميدانية شاملة للوقوف على ملابسات العملية الإرهابية الغادرة ومتابعة عناصرها ومرتكبيها وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع بما اقترفوه بحق الشعب والوطن واستباحة الدماء وقتل الأبرياء وزعزعة أمن واستقرار عدن والمناطق الآمنة».
وعبرت دول عدة عن إدانتها للاعتداءات، على غرار السعودية والكويت والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا ومصر والأردن وليبيا وغيرها.
وجاءت هذه الإدانات العربية والدولية للاعتداء وسط دعوات للإسراع باستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض». وفي أول تعليق للمحافظ والقيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي أحمد لملس، وجه أصابع الاتهام إلى مَن وصفهم بـ«أعداء السلام والاستقرار» في مدينة عدن، في حين حمل «المجلس الانتقالي»، في بيان رسمي، المسؤولية لمن وصفهم بـ«الإخوان المسلمين».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.