تركيا تنشئ نقطة عسكرية ثانية بإدلب في أقل من أسبوع

اتهمت واشنطن باتباع سياسة خاطئة في سوريا

تركيا تنشئ نقطة عسكرية ثانية بإدلب في أقل من أسبوع
TT

تركيا تنشئ نقطة عسكرية ثانية بإدلب في أقل من أسبوع

تركيا تنشئ نقطة عسكرية ثانية بإدلب في أقل من أسبوع

أنشأت القوات التركية نقطة عسكرية جديدة في بلدة آفس قرب مدينة سراقب وطريق حلب - اللاذقية الدولية (إم 4) في شرق محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بينما انتقدت أنقرة السياسة الأميركية في سوريا، ودعت الولايات المتحدة إلى تصحيح أخطائها بعدما جدد الرئيس جو بايدن العقوبات المفروضة عليها بسبب العملية العسكرية «نبع السلام» التي نفذتها في شمال شرقي سوريا بأكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وتضم النقطة الجديدة دبابتين وعدداً من ناقلات الجنود و3 مصفحات وما يقرب من 50 جندياً. وهي النقطة الثانية التي تنشئها القوات التركية في إدلب بعد النقطة التي أقامتها في جبل الزاوية بجنوب إدلب الأسبوع الماضي. وجاءت إقامة النقطة بعد الرسائل التي وجهتها روسيا لتركيا سابقاً لإخلاء النقاط التركية في المنطقة الواقعة بين مدينتي سراقب وإدلب المحاذية لطريق «إم 4»، بالتزامن مع وصول أرتال عسكرية لقوات النظام إلى مدينة سراقب، ليقوم الجيش التركي على أثرها بنشر قواته وتعزيزها بالدبابات والمدرعات على كامل خطوط القتال المحيطة بمدينة سراقب وجبل الزاوية وريف حلب الغربي ورفع الجاهزية الكاملة للجنود مع عتادهم في مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.
في الوقت ذاته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتجدد القصف الصاروخي المكثف من قبل قوات النظام، أمس، على مناطق في البارة وكنصفرة والفطيرة وكفرعويد وسفوهن في جنوب إدلب، ومناطق أخرى في القاهرة وقليدين بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، ما أدى لأضرار مادية.
في الوقت نفسه، قصفت فصائل المعارضــــة مواقع لقوات النظام في معرة النعمان وقريتي داديخ ومعردبسي بريفي إدلب الجنوبي والشرقي.
في سياق متصل، طالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الولايات المتحدة بـ«التخلي عن سياساتها الخاطئة»، تعليقاً على قرار الرئيس الأميركي جو بايدن تمديد حالة الطوارئ في سوريا والعقوبات المفروضة على تركيا بسبب استهدافها وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الحليفة لأميركا في الحرب على «داعش»، خلال عملية «نبع السلام العسكرية» بشرق الفرات في 2019.
وتطرق جاويش أوغلو إلى القرار والعبارات التي تستهدف تركيا، في تصريحات ليل السبت/ الأحد، وقال: «في الواقع لا تقول واشنطن الحقيقة عند إرسال خطاب إلى الكونغرس أو تقديم معلومات للشعب الأميركي». وأضاف أن «واشنطن تقدم دعماً كبيراً لوحدات حماية الشعب الكردية، وعد ذلك جريمة بموجب القانون الأميركي». وقال إن الغرض من وجود الأميركيين في سوريا ليس مكافحة «داعش» ونحن من قاتلنا ضد «داعش».
واتهم جاويش أوغلو واشنطن بـ«دعم تنظيم إرهابي انفصالي يحاول تقسيم سوريا»، في إشارة إلى الوحدات الكردية، مضيفاً: «بدلاً من اتهام تركيا، يجب على الولايات المتحدة التخلي عن سياساتها الخاطئة هذه، وعليها التصرف بصدق أكثر مع الشعب الأميركي والكونغرس».
والأسبوع الماضي، قرر بايدن تمديد حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بشأن سوريا عاماً آخر، واتهم تركيا بتقويض جهود مكافحة «داعش» من خلال عملياتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم