«كابتن كيرك» من «ستار تريك» في رحلة فضائية حقيقية

وليام شاتنر (90 سنة) وزوجته إليزابيث  في لقطة أرشيفية ترجع لعام 2017 (أ.ف.ب)
وليام شاتنر (90 سنة) وزوجته إليزابيث في لقطة أرشيفية ترجع لعام 2017 (أ.ف.ب)
TT

«كابتن كيرك» من «ستار تريك» في رحلة فضائية حقيقية

وليام شاتنر (90 سنة) وزوجته إليزابيث  في لقطة أرشيفية ترجع لعام 2017 (أ.ف.ب)
وليام شاتنر (90 سنة) وزوجته إليزابيث في لقطة أرشيفية ترجع لعام 2017 (أ.ف.ب)

عندما بدأ عرض مسلسل «ستار تريك» في عام 1966 لم يكن الأميركيون قد وصلوا بعد إلى القمر، لكن ويليام شاتنر الذي لعب دور الكابتن كيرك في ذاك العمل الشهير سيصبح (الثلاثاء) أول ممثل من فريق عمل المسلسل يذهب فعلاً في رحلة إلى الفضاء.
وسينطلق شاتنر في رحلته من غرب تكساس مع ثلاثة ركاب آخرين على متن صاروخ من صُنع شركة الملياردير الأميركي جيف بيزوس «بلو أوريغن» في ثاني مهمة مأهولة تنفّذها المجموعة.
وقال الممثل الكندي في مقطع فيديو نشرته الشركة: «أعتزم أن أبقى مسمّراً على النافذة. وأتمنّى ألا أرى مخلوقاً غريباً ينظر إليّ من الجانب المقابل».
وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن شاتنر البالغ من العمر 90 عاماً أكبر راكب يبلغ حدود الأرض. ويكتسب قرار «بلو أوريغن» دعوة شخصية شهيرة في مجال أعمال الخيال العلمي المرتبطة بالفضاء، رمزية كبيرة، ومن شأنه استقطاب اهتمام الجمهور في ظلّ السباق القائم بين شركات غزو الفضاء. ففي يوليو (تموز)، خرج الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون إلى الفضاء على متن صاروخ «فيرجين غالاكتيك». وبعد بضعة أيام، قام جيف بيزوس بالمثل خلال أول رحلة مأهولة لصاروخ «نيو شيبرد» الذي سيحمل هذه المرّة ويليام شاتنر.
أما «سبايس إكس» فقد أرسلت من جهتها أربعة سياح في رحلة في مدار الأرض مدّتها ثلاثة أيام في سبتمبر (أيلول) وشكّلت هذه المهمة محور مسلسل من إنتاج «نتفليكس».
ويقول الخبير في العلاقات العامة في جامعة نورث كارولاينا جو سابوفسكي، إن «اصطحاب ممثل مشهور مثل ويليام شاتنر ارتبط اسمه بالفضاء يضخّ زخماً جديداً ويثير ضجّة إعلامية».
عُرض مسلسل الخيال العلمي «ستار تريك» لثلاثة مواسم فقط بدءاً من عام 1966، لكن كان له تأثير كبير في الثقافة الشعبية وانبثقت منه أفلام ومسلسلات كثيرة. وكان شاتنر يقوم بدور الكابتن كيرك الذي يقود مركبة «يو إس إس إنتربرايز»، في مهمة استمرت خمس سنوات «لاستكشاف عوالم جديدة غريبة والبحث عن حياة وحضارات جديدة، والذهاب بجرأة إلى حيث لم يذهب أي إنسان من قبل».
وستكون رحلته الفعلية إلى الفضاء أقصر بكثير، إذ لن تتعدى مدتها عشر دقائق وسينتقل فيها الطاقم إلى ما وراء خط كارمان مباشرةً على بُعد 100 كيلومتر فوق الأرض.
وأثار المسلسل اهتمام الأميركيين بغزو الفضاء الذي كان في بداياته، متطرّقاً في الوقت عينه إلى مشكلات في المجتمع الأميركي.
وكان طاقم الممثلين متنوعاً، في وقت كان النضال من أجل الحقوق المدنية في أوجّه في الولايات المتحدة. وفي عام 1968 عندما قبّل ويليام شاتنر الممثلة الأميركية من أصول أفريقية نيشيل نيكولس، كانت تلك أول قُبلة على التلفزيون الأميركي بين رجل أبيض وامرأة ملوّنة.
وكان المسلسل على صلة وثيقة أيضاً بالبرنامج الأميركي لغزو الفضاء.
فأوّل مركبة فضائية لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) سُمّيت «إنتربرايز» على اسم تلك التي قادها الكابتن كيرك. وفي السبعينات، استعانت «ناسا» بميشيل نيكولس في تسجيل مصوّر لمساعدتها على استقطاب روّاد فضاء، لا سيما من بين النساء والأقليات. وشارك ممثلون آخرون في المسلسل في ندوات أقامتها الوكالة الأميركية أو أعاروا أصواتهم لأعمال وثائقية. وقال رائد الفضاء الأميركي فيكتور غلوفر سنة 2016 في وثائقي حول أوجه الشبه بين الأبحاث التي أُجريت في المسلسل وتلك التي تنفّذ في محطة الفضاء الدولية: «قبل خمسين عاماً، ألهم (ستار تريك) أجيالاً من العلماء والمهندسين وحتّى روّاد الفضاء».
وجيف بيزوس هو ذاته من كبار المعجبين بالعمل التلفزيوني. وقد كشف مثلاً أن «أليكسا»، خدمة المساعدة الصوتية من «أمازون»، استُلهمت من حاسوب «ستار تريك». ومشاركة الممثل المشهور ويليام شاتنر المعروف بحسّه الفكاهي مرحّب بها في «بلو أوريغن»، لا سيما في وقت تتعرض شركة بيزوس لاتهامات كثيرة تطال ثقافة العمل داخلها خصوصاً بفعل تزايد الاتهامات بحصول انتهاكات جنسية فيها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».