«خبايا الذهب» يروي تاريخ الحلي في مصر القديمة

فاترينة العرض تضم مشغولات ذهبية من مختلف العصور (وزارة السياحة والآثار المصرية)
فاترينة العرض تضم مشغولات ذهبية من مختلف العصور (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

«خبايا الذهب» يروي تاريخ الحلي في مصر القديمة

فاترينة العرض تضم مشغولات ذهبية من مختلف العصور (وزارة السياحة والآثار المصرية)
فاترينة العرض تضم مشغولات ذهبية من مختلف العصور (وزارة السياحة والآثار المصرية)

عملات وخراطيش وأساور من الذهب الخالص، وصور تروي قصة صناعة الذهب في مصر القديمة، تزدان بها الآن جدران متحف الأقصر (جنوب مصر) وذلك ضمن معرض مؤقت يحمل عنوان «خبايا الذهب» يستمر لمدة 6 أشهر.
المعرض الذي أقيم في إطار احتفالات مصر بنصر أكتوبر (تشرين الأول)، اختار الذهب وعلاقة المصري القديم به ليكون موضوعاً له، لأن «الذهب كان النيشان الذي يتوج به القادة المحاربون»، وفقاً لتصريحات علاء المنشاوي، مدير متحف الأقصر لـ«الشرق الأوسط».
يضم المعرض، الذي افتتح مساء أول من أمس بحضور سفير اليابان في القاهرة، نحو 747 قطعة أثرية تعرض داخل فاترينة عرض زجاجية كبيرة تمثل نموذجاً لتطور صناعة الذهب في مصر على مر العصور.
ويعد كنز الدير الأبيض، أحد أهم المعروضات، بحسب المنشاوي، الذي يوضح أن «كنز الدير الأبيض عبارة عن 690 عملة ذهبية من العصر الروماني عيار 24. تعرض بجوار الإناء الفخاري الذي اكتشفت به»، مشيراً إلى أن «المعرض لاقى استحسان زوار متحف الأقصر».
واكتشف كنز الدير الأبيض في منطقة الدير الأبيض في سوهاج، وأطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى لون الحجارة المستخدمة في بنائه، ويرجع إلى القرن الرابع الميلادي، ويتضمن حالياً كنيسة تتكون من صحن أوسط حوله ثلاثة أجنحة يتقدمه هيكل يتكون من ثلاث حنيات كبيرة نصف دائرية حوائطها مزينة برسوم دينية متنوعة، إضافة إلى بقايا لمبانٍ عرفت بالمدينة الصناعية، وهي تقع إلى الجنوب والشمال من الكنيسة الأثرية، تحوي بقايا لمصبغة ومعصرة.
وعلى مقربة من كنز الدير الأبيض، يجذب الزوار عمود نذري بجواره 29 عملة ذهبية، اكتشفت في خبيئة ذراع أبو النجا، وبجوارهم مجموعة أخرى من العملات الذهبية، من بينها دينار من العصر الأموي من حفائر منطقة نقادة، وفقاً للمنشاوي.
يضم المعرض 4 دينارات ذهبية من العصر الأموي كتب على الوجه الأول لكل منها «لا إله إلا الله وحده لا شريك له»، في الوسط على الإطار الخارجي «محمد رسول الله أرسله للهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله»، وعلى الوجه الآخر في الوسط كتب «الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد»، وعلى الإطار الخارجي «بسم الله، إضافة إلى نصفي دينار من الذهب من العصر الأموي يعود إلى عام 99 هجرية، عثر عليهما بدير ماري جرجس (المجمع) حاجز الصوص بنقادة، وكتب على الوجه الأول «لا إله إلا الله وحده» وعلى الوجه الآخر «بسم الله الرحمن الرحيم»، وفي الوسط وعلى الإطار الخارجي «محمد رسول الله أرسله للهدى ودين الحق»، بحسب بيان وزارة السياحة والآثار.
وتعد خراطيش الملك رمسيس الـ11 الذهبية من أهم معروضات المعرض، بحسب المنشاوي، الذي يوضح أن المعرض يضم مجموعة من الحلي الذهبية من مكتشفات البعثة الإسبانية في معبد تحتمس الثالث، ومجموعة من الحلي المكتشفة في معبد الأقصر، مشيراً إلى أن «القطعة الأبرز في المعرض هي قطعة من الحلي المجدول على هيئة ثعبان وزنها نصف كيلو من الذهب عيار 24 من مكتشفات البعثة الفرنسية».
والمعروضات تضم مجموعة من الأساور المصنوعة من الذهب عثر عليها في معبد الأقصر ما بين عامي 1966 - 1968، وأسورة ذهبية مجدولة مزخرفة برأس ثعبان وأربعة دوائر من نتاج أعمال البعثة الفرنسية بالأقصر، وزوج حلق من الذهب إحداهما بها ثلاث خرزات من الفاينس، والثانية بها خمس خرزات، وخاتم من الذهب لطفل قمته على هيئة جعران عثر عليه في حفائر البعثة الأميركية الهولندية بمنطقة برنيس بالبحر الأحمر، وقطعتان من الذهب على شكل أساور وصدف من حفائر البعثة الإسبانية من منطقة آثار القرنة، ومجموعة من الرقائق مستطيلة الشكل على كل منها خرطوش للملك رمسيس الحادي عشر، وعمود نذري ومعه 29 عملة ذهبية تم العثور عليهم بمنطقة ذراع أبو النجا أثناء أعمال حفائر البعثة الإسبانية، وإناء من الفخار من العصر اليوناني الروماني.
ولا يقتصر المعرض على المشغولات الذهبية، بل يتضمن صوراً تروي كيفية صناعة الذهب في مصر القديمة حيث كانت مصر تضم 125 منجماً للذهب في البحر الأحمر والنوبة والصحراء الشرقية، على حد قول المنشاوي، الذي أشار إلى أنه تم وضع بعض الآنية الفخارية ضمن سيناريو العرض نظراً لأن الذهب المعروض عادة ما كان يتم العثور عليه في آنية فخارية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».