استلهاماً للروح الوطنية والتأكيد على أنها ستبقى خالدة وحاضرة لدى كل اليمنيين جيلاً بعد جيل، وإرساءً لدور القوى الناعمة في لعب دور محوري في توضيح حقيقة ما يجري على الأرض؛ تبلورت فكرة المعرض التشكيلي «اليمن في قلوبنا»، بمشاركة 29 فناناً وفنانة من اليمنيين المقيمين في مصر، إلى جانب بعض المشاركات التي أرسلت من اليمن، بلوحات وأفكار متنوعة تصب في خانة الهوية.
تستعرض 60 لوحة بالمعرض الموروثات الثقافية والتراث الشعبي، في رحلة إلى ماضي «اليمن السعيد»، تجوب بين شوارعه وعمارته، وعاداته وتقاليده، عاكسة البيئة اليمنية بتنوعها الثقافي والحضاري، ومحاولة تأصيل الهوية الثقافية، كما تناقش لوحات أخرى قضايا المجتمع اليمني في ظل أجواء الحرب والصراع والانتهاكات المرتكبة بحق اليمنيين، وما يهدد ثوابتهم، ويعبث بإنسانيتهم وبمقدراتهم.
يقول الفنان ردفان المحمدي، أحد منسقي المعرض، لـ«الشرق الأوسط»، «تتمثل أهمية هذا المعرض في أنه يحمل رسائل عدة؛ فهو يأتي لتخليد مناسبة وطنية بإحياء ذكرى ثورتي 26 سبتمبر (أيلول) و14 أكتوبر (تشرين الأول)، كما أنه يتواكب مع احتفالات مصر بالذكرى الـ48 لانتصار حرب السادس من أكتوبر، فأحببنا المشاركة التضامنية في جانب من هذا الاحتفال مع مصر الحبيبة، ومن ناحية فنية؛ فإن المعرض يحاول إثراء الحركة التشكيلية اليمنية؛ كون تجمّع الفنانين المقيمين على أرض مصر هو عامل محفز لهم، كما أن المعرض يعد فرصة للتعارف بين الحركتين التشكيليتين في البلدين الشقيقين».
ويلفت ردفان إلى أن مشاركته بالمعرض ممثلة في لوحتين، الأولى من المدرسة الواقعية عن مدينة كوكبان شبام التاريخية، تلك المنطقة الأثرية التي تعد من أشهر المناطق في اليمن، محاولاً تسليط الضوء على هذا الإرث الثقافي، أما لوحته الأخرى فهي تنتمي إلى المدرسة التعبيرية، ويدور مضمونها عن الخيول اليمنية، التي تعد إحدى أعرق السلالات في العالم.
المعرض الذي يقام برعاية السفارة اليمنية لدى مصر، وبتنظيم من المركز الثقافي اليمني في القاهرة، ويستضيفه مركز الهناجر بدار الأوبرا المصرية، تبرز بعض أعماله الزي الشعبي في التراث الثقافي اليمني، للفنانة الدكتورة ابتسام العلفي، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط»، «قليلون من يعرف الزي التراثي اليمني وجمالياته خصوصاً زي المرأة؛ لذا حاولت تسخير الفن للتعريف بثقافتنا، ففي إحدى اللوحات يظهر اللثام الأسود أو اللثمة، الذي تضعه المرأة لتبرز جمال عينيها بالكحلة السوداء، في حين يزينها عقد من الأحجار الكريمة يعرف في اليمن بالعقيق اليماني، كما رسمت غطاء رأسها ويُعرف بالمصون، وكانت تلبسه المرأة عندما تخرج للشارع كستار لكل جسمها، وفي لوحة ثانية تظهر المرأة اليمنية بالطابع العربي الشرقي». كما تشارك العلفي بلوحة ثالثة تعكس شكل العمارة اليمنية التي كانت في أعالي الجبال وتشبه في تصميمها القلاع والحصون القديمة.
ويتواصل ملمح المرأة أيضاً مع الفنانة بشرى الهبوب، التي تعبّر في لوحتها عن جمال الفتاة اليمنية، وتجمع فيها بين مشاعر عدة، حيث بصيص الأمل المخلوط بالحزن والحياء، أما المعنى فهو أن الحياة مستمرة، وتستمر معها الأقدار بكل أشكالها، خاصة مع ما تمر به البلاد من ظروف عصيبة.
بين ثلاثية الزي والفلكلور والعمارة، يحاول الفنان يوسف المجيدي البحث عن الهوية، عبر التنقل بين العمارة القديمة التي تتشابه في تعز وصنعاء، والزي الشعبي القديم، والعادات المنقرضة، باعثاً برسالة عبر الألوان المائية والمدرسة الانطباعية، مضمونها أن الإنسان اليمني يبقى قوياً رغم الظروف المحيطة. ويؤكد المجيدي لـ«الشرق الأوسط» دور المعرض في الجمع بين اليمنيين في المهجر، والتأكيد أنه رغم الافتراق وبعد المسافات واختلاف المحافظات التي ينتمي إليها المشاركين، فإن الفن يمكنه أنه يجمع الجميع، وأن اليمن أغلى وأعلى من كل شيء.
ومع ما أصاب القطاع الزراعي في اليمن من أزمات خلال السنوات الماضية، اختار الفنان وسام العنسي أن يعبّر عن الزراعة التقليدية كجانب من التراث الشعبي، حيث يظهر أحد المزارعين أثناء حرث أرضه، وهو مشهد كان معتاداً في كثير من مناطق اليمن مثل ذمار والمحويت وإب وصعدة وتعز.
معرض في القاهرة لتأصيل الهوية الثقافية اليمنية
60 لوحة تتنقل بين الأزياء والفلكلور والعمارة
معرض في القاهرة لتأصيل الهوية الثقافية اليمنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة