نوبل للسلام تمنح لصحافيين مناصفة... فلبينية ـ أميركية وروسي

الكرملين يهنئ والمعارضة لا تتوقع تخفيفاً للقيود على الصحافة

الصحافية ماريا ريسا (يسار) والصحافي دميتري موراتوف (إ.ب.أ)
الصحافية ماريا ريسا (يسار) والصحافي دميتري موراتوف (إ.ب.أ)
TT

نوبل للسلام تمنح لصحافيين مناصفة... فلبينية ـ أميركية وروسي

الصحافية ماريا ريسا (يسار) والصحافي دميتري موراتوف (إ.ب.أ)
الصحافية ماريا ريسا (يسار) والصحافي دميتري موراتوف (إ.ب.أ)

فازت الصحافية الفلبينية ماريا ريسا والصحافي الروسي دميتري موراتوف أمس (الجمعة)، بجائزة نوبل للسلام 2021. وأعلنت الأكاديمية السويدية حصولهما على الجائزة السنوية المرموقة هذا العام بفضل «جهودهما لحماية حرية التعبير، التي تمثل شرطاً مسبقاً للديمقراطية والسلام الدائم». وأضافت رئيسة لجنة نوبل بيريت ريس - أندرسن في أوسلو، أن ماريا ريسا ودميتري موراتوف «يمثلان جميع الصحافيين المدافعين عن هذا المثل الأعلى في عالم تواجه فيه الديمقراطية وحرية الصحافة ظروفاً غير مواتية بشكل متزايد».
وفوجئت الأوساط الروسية أمس، بقرار لجنة نوبل منح جائزتها لموراتوف رئيس تحرير صحيفة «نوفاي غازيتا». وأثار الإعلان عاصفة من التعليقات من جانب أركان المعارضة الروسية وممثلي وسائل الإعلام المعارضة، الذين احتفوا بالقرار ورأوا فيه انتصاراً لحرية الكلمة في روسيا ورسالة مباشرة موجهة إلى الكرملين.
كما احتفل النشطاء والصحافيون الفلبينيون بفوز ريسا بالجائزة كخطوة «نحو إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب داخل البلاد».
في المقابل، أعرب الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف عن «تهاني القيادة الروسية لرئيس تحرير صحيفة (نوفايا غازيتا) دميتري موراتوف الذي أعلن اليوم (أمس) عن منحه جائزة نوبل للسلام». وزاد الناطق: «يمكننا أن نهنئ دميتري موراتوف، فهو يتصرف دائماً وفقاً لمثله العليا ويثبت التزامه بها، هو موهوب وشجاع وبالطبع هذا تقدير عالٍ ونحن نهنئه».
وتجنب بيسكوف الرد على سؤال الصحافيين عما إذا كان الرئيس فلاديمير بوتين ينوي تهنئة موراتوف شخصياً، موضحاً: «لا أستطيع أن أقول: لا أعرف. أصبح الأمر معروفاً للتو، لذا أعطونا فسحة من الوقت».
وغدا موراتوف ثالث روسي يحصل على جائزة نوبل للسلام، بعد العالم النووي والناشط في مجال حقوق الإنسان أندريه ساخاروف في عام 1975 والرئيس الأول للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في عام 1990. ويعد موراتوف مؤسس ورئيس تحرير صحيفة «نوفاي غازيتا» التي نشطت في نشر تقارير وتحقيقات استقصائية سببت كثيراً من المضايقات للسلطات خلال العقدين الأخيرين، خصوصاً أنها اهتمت بشكل خاص برصد انتهاكات حقوق الإنسان، وملفات الفساد والتضييق على المعارضين.
وبدأ موراتوف مسيرته الصحافية مراسلاً لصحيفة إقليمية (فولجسكي كومسومولتس) قبل أن ينتقل إلى صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الأوسع انتشاراً في البلاد، حيث شغل منصب المحرر المسؤول، لكن الخلاف مع سياسات الصحيفة دفعه إلى إنشاء مؤسسة إعلامية مستقلة، ولدت فيها لاحقاً صحيفة «نوفايا» (الجديدة) التي أصبحت لاحقاً «نوفايا غازيتا»، وعمل موراتوف خلال مراحل صعوده السلم الوظيفي مراسلاً ميدانياً أثناء الحرب في الشيشان في 1994 - 1995، ما منحه خبرة واسعة في الانتهاكات التي سلطت الصحيفة لاحقاً الأضواء عليها بشكل نشط.
وكان لموراتوف، كما للصحيفة التي يديرها، مواقف خاصة إزاء الأحداث الكبرى التي شهدتها البلاد، فهو عارض السياسة الروسية في القرم وحيال أوكرانيا، ودعم الاحتجاجات في بيلاروسيا، ودعم الرقابة الحرة على الانتخابات ورفض القيود التي وضعتها السلطات على عمل وسائل الإعلام.
لذلك شكل اختياره لنيل الجائزة هذا العام خبراً مفرحاً للمعارضة الروسية، ووضعت قناة «دوجد»، وهي القناة التلفزيونية الوحيدة المعارضة في البلاد، عنواناً رئيسياً لتغطياتها أمس: «أهم لحظة في تاريخ الصحافة الروسية المعاصرة»، علماً بأن «دوجد» مصنفة مثل عدة وسائل إعلام مستقلة أخرى على لائحة «العملاء الأجانب» في روسيا.
وعقد معارضون مقارنات بين فائزين بهذه الجائزة هما موراتوف، وساخاوف الذي نشط أيضاً في العهد السوفياتي كمدافع عن حقوق الإنسان. كما رأوا في منح الجائزة لموراتوف مع الصحافية الفلبينية الأصل «دلالات مهمة، كون روسيا والفلبين تعانيان حالياً من أسوأ وضع على صعيد حرية الكلمة»، كما قال رئيس تحرير إذاعة «صدى موسكو» المعروفة بانتقادها لسياسات الكرملين.
وزاد فينيديكتوف أن «هذا التطور مهم جداً لروسيا، لأنه يمنح إشارة واضحة بأن المجتمع الدولي يراقب ويدعم حرية الكلمة والأشخاص الذين يتعرضون لضغوط كبرى في هذا الشأن».
ورأى أن منح الجائزة لموراتوف سوف يشكل وسيلة حماية، خصوصاً أن ترجيحات كانت أشارت إلى التجهيز قريباً لإضافة «نوفايا غازيتا» إلى لائحة «العملاء الأجانب». وأوضح أن «هذه خطوة فيها حماية كبرى لموراتوف ولـ(نوفايا غازيتا)، وإذا أرادت السلطات فعلاً أن تكون جزءاً من نادي الدول الكبرى التي تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة فعليها أن تلتقط هذه الإشارة».
وقال الصحافي سيرغي باركومينكو إن «السلطات عندما وجهت التهنئة إلى موارتوف تتظاهر بأنها لم تفهم الرسالة، خصوصاً عبر الربط الذي قامت به اللجنة الدولية مع الفلبين»، معرباً عن قناعة بأنه «لن يحدث شيء، ولن تغير السلطات سلوكها تجاه وسائل الإعلام وملف الحريات العامة». الطريف أن موراتوف كاد يفسد جزءاً من الحدث الكبير بالنسبة إلى وسائل الإعلام في روسيا، عندما أغلق الهاتف في وجه موظف اللجنة الدولية الذي اتصل ليبلغه بالخبر. وقال الصحافي الروسي إنه اعتقد أن المكالمة مجرد تلاعب أو استفزاز، وأغلق الهاتف وحظر مصدرها، رغم أن المكالمة كانت من النرويج. قبل أن يتلقى اتصالاً ثانياً تم خلاله توضيح الموقف.
وفي مقابلة دامعة أجريت معها مباشرة بعد الإعلان عن فوزها بالجائزة، وصفت ماريا ريسا الصحافية الفلبينية التي تحمل الجنسية الأميركية أيضاً، هذا الفوز بأنه «اعتراف بالصعوبات، ولكنها تأمل أيضاً في معرفة كيفية الفوز في المعركة الحقيقية، معركة الحقائق». وفي مقابلة لاحقة، أضافت أن «حقيقة فوز صحافيين من الفلبين وروسيا بجائزة نوبل للسلام تخبرك عن حالة العالم اليوم».
ومع احتفاء المعارضة بهذا التطور، لفت معلقون إلى تزامن إعلان قرار لجنة نوبل مع مرور الذكرى 15 على اغتيال الصحافية المعارضة والناشطة الحقوقية آنا بوليتكوفسكايا التي حلت أول من أمس. وأعرب بعضهم عن قناعة بأن اللجنة تعمدت هذا التزامن، في إشارة واضحة إلى الكرملين. وكانت بوليتكوفسكايا التي قتلت أمام منزلها بموسكو في عام 2006 بإطلاق النار عليها، أبرز محرري التحقيقات في «نوفايا غازيتا» ونالت شهرتها من تغطية الأحداث في الشيشان. وركزت مقالاتها حول الانتهاكات وقضايا الفساد.
ورأى موراتوف في تعليق أمس، أن «الجائزة ليست لي، بل لبوليتكوفسكايا ولكل محرري وصانعي المضمون في الجريدة»، علماً بأن «نوفايا غازيتا» كانت تعرضت لضغوط كبرى خلال الفترة الأخيرة، وفضلاً عن مناقشة موضوع إدراجها على لائحة «العملاء الأجانب»، تلقى العاملون في الصحيفة تهديدات مباشرة عدة مرات، بينها على شكل طرد بريدي احتوى على مادة سامة.
أما ريسا البالغة من العمر 58 عاماً فهي الرئيسة التنفيذية للموقع الإخباري «رابلر» الذي تأسس عام 2011، وشاركت في تأسيسه بعد قيامها بتغطية الأحداث في جنوب شرقي آسيا لمدة عقدين من الزمن مع محطة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية.
وفي ظل إدارة الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، استهدفت ريسا شخصياً ومنظمتها الإخبارية مراراً وتكراراً من خلال حملات المضايقة عبر الإنترنت والتهم الجنائية، التي يعتقد على نطاق واسع أن دوافعها سياسية. وسبق لمجلة «تايم» أن صنفتها، إلى جانب صحافيين آخرين، «شخصية العام» في عام 2018. وأدينت بتهمة التشهير الإلكتروني في يونيو (حزيران) الماضي، وقضت السنوات الأخيرة في المحاكم، تدافع عن نفسها وعن مؤسستها الإخبارية. وصدرت 10 مذكرات توقيف في فترة تقل عن عامين، وتخوض مواجهات قضائية في 9 قضايا منفصلة.
ورغم ذلك، ظلت من أشد المدافعين عن حرية الصحافة، قائلة بعد إدانتها في يونيو 2020، إن القضية لا تتعلق بموقع «رابلر»، بل بكل فلبيني، «لأن حرية الصحافة هي أساس كل حق تملكه بصفتك مواطناً فلبينياً». وبرزت أيضاً كمعارضة قوية للعنف ضد الصحافيات على نطاق أوسع، وقامت مع «رابلر» بإعداد تقارير رائدة عن التحرش الإلكتروني والمتصيدين عبر الإنترنت وحملات التضليل والمعلومات المضللة. كما حذرت ريسا موقع «فيسبوك» مرات عدة من أخطار حملات التضليل في بلدها الأم وفي أي مكان آخر.
وأشارت في مقال رأي نشرته في مايو (أيار) الماضي، إلى أنها كتبت لأول مرة عن الخوارزميات الإشكالية في «فيسبوك» عام 2016، و«التي ساءت بعد خمس سنوات فقط». وقالت أمس (الجمعة) في مقابلة: «عندما نعيش في عالم تكون فيه الحقائق قابلة للنقاش، حيث يعطي أكبر موزع للأخبار في العالم الأولوية لنشر الأكاذيب التي يغلب عليها الغضب والكراهية وتنشرها بشكل أسرع وأبعد من الحقائق، فإن الصحافة تصبح نشاطاً». وفي ذروة المضايقات التي تعرضت لها عبر الإنترنت، تلقت ريسا 90 رسالة كراهية في الساعة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن نشر موقع «رابلر» سلسلة استقصائية حول «تسليح» وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعرضت الفلبين تحت حكم دوتيرتي لظروف قاسية بسبب «الحرب على المخدرات»، التي اتهمت وسائل التواصل الاجتماعي والدعاية المتطورة على الإنترنت بتغذيتها. ونفت إدارة دوتيرتي الاتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مؤكدة أنها لا تعارض حرية الصحافة. ووصف الرئيس الفلبيني ريسا بـ«المحتالة»، فيما قال وزير الخارجية الفلبيني تيودورو لوكسين جونيور، في تغريدة على «تويتر» في رده على فوزها بجائزة نوبل: «لقد كانت معركة وانتصرت». وسبق للوزير أن دافع عن اعتقالها، وقال إن ريسا «تقاعست عن الدفاع عن نفسها» في المحكمة.
وتسلم الجائزة التي تتألف من شهادة وشيك بقيمة عشرة ملايين كرونة (980 ألف يورو) تقليدياً في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) ذكرى وفاة ألفريد نوبل (1833 - 1896).


مقالات ذات صلة

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم الشرع خلال إلقائه كلمته (سانا)

أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025

فيما يأتي لمحة عن أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025 في مختلف المجالات ومن مختلف أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أميركا اللاتينية زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو (رويترز)

فنزويلا تعتزم اعتبار زعيمة المعارضة «هاربة» في حال سفرها لتسلم جائزة نوبل

تعتزم فنزويلا اعتبار زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو «هاربة من وجه العدالة» في حال مغادرتها البلاد إلى النرويج لتسلم جائزة نوبل للسلام التي نالتها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)
آسيا ساناي تاكايتشي لدى وصولها إلى مقر رئاسة الوزراء في العاصمة اليابانية طوكيو (أرشيفية - أ.ب)

رئيسة وزراء اليابان تعتزم ترشيح ترمب لجائزة نوبل

تستعد رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي لترشيح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لجائزة نوبل للسلام، مشيرة إلى أنها تقوم بالترتيبات اللازمة لإبلاغه بنواياها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق عالم الفيزياء النظرية الحائز جائزة نوبل تشين نينغ يانغ (صحيفة تشينا ديلي)

وفاة العالم الصيني نينغ يانغ حائز «نوبل» في الفيزياء عن 103 أعوام

توفي عالم الفيزياء النظرية الحائز جائزة نوبل، تشين نينغ يانغ، في بكين اليوم (السبت) عن عمر ناهز 103 أعوام.

«الشرق الأوسط» (بكين)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».