قبل ولادة شهيد زيدي، وقبل أن تصبح بلاده دولة مستقلة، افتتح والده استوديو للصور الشخصية وسجل التاريخ الناشئ للأمة.
التقط والده سيد محمد علي زيدي صورة لزوجين هندوسيين في عام 1939. كان الرجل الذي ظهر في الصورة يرتدي بدلة مزدوجة الصدر، وكان ذا شعر أملس، بينما كانت المرأة ترتدي الساري وأقراطاً متدلية وأساور على معصمها، وكانت ألوان ملابسها ما بين الأبيض والأسود المزركش.
وفي العام التالي التقط صورة لزوجين مسلمين سجلا في الدفاتر على أنهما السيد محمد عباس وزوجته. كانت العروس ترتدي ما يعرف بالـ«شالوار» المزركش اللامع مع غطاء رأس مزخرف، فيما بدا العريس متألقاً بزيه بعد أن وضع على رأسه عمامة الزفاف التقليدية.
انتشر خبر الاستوديو وبدأت قائمة زبائن سيد محمد علي زيدي تشمل النخبة الجديدة في باكستان. وكان من بين من قام بتصويرهم السيد محمد علي جناح، المحامي الذي تحول إلى انفصالي وأصبح مؤسس الدولة الحديثة، وكذلك السيد لياقت علي خان، أول رئيس وزراء، والذي قُتل بالرصاص في عام 1951.
ولأن شهيد زيدي (79 عاماً) يريد الحفاظ على تاريخ استوديو التصوير العتيق، فقد قام بتكوين فريق صغير لعمل نسخ رقمية من الصور التي بدأ والده في التقاطها في الاستوديو في لاهور قبل 91 عاماً. ويهدف زيدي إلى وضع المجموعة الكاملة على الإنترنت حتى تتمكن العائلات من العثور على أسلافها واستكشاف مرحلة نضج باكستان ووصولها لسن الرشد. قال زيدي، «إنها مسؤوليتي. فلدينا صور تخص الكثيرين. قد تكون هناك صور تهم عائلات أصحابها، وقد لا تعنيهم. أنا على أي حال أشعر أنني مدين لهم بتلك الصور».
لن تكون المهمة سهلة. فالاستوديو الذي يحمل اسم «مصوري زيد» يضم أرشيفاً ضخماً يتكون من نحو نصف مليون صورة نيغاتيف (غير مطبوعة). ورغم أنه حصل على بعض الدعم المالي من «المعهد الأميركي للسلام» الذي يروج لحل النزاعات، فإنه يمول باقي المشروع من جيبه الخاص.
افتتح الزيدي الأب الاستوديو في عام 1930 عندما استأجر جزءاً من عقار ممتاز في «مول» في طريق يعود إلى الحقبة البريطانية في ثاني أكبر مدن باكستان. ورغم موقعه المميز، فقد وجد الاستوديو صعوبة كبيرة في العثور على زبائن في ظل اقتصاد ضعيف.
وفي هذا السياق، قال الزيدي، الذي نشأ في الاستوديو، إن والده «كانت لديه الشجاعة والالتزام والحكمة للقيام بذلك عندما لم يكن لديه أي شيء آخر». توجه الزيدي إلى لندن عندما كان شاباً لدراسة السينما، وعاد إلى باكستان لقضاء بعض الوقت مع زوجته فريدة حيث كان يتنقل بحافلته «فولكس فاغن»، وكانا يقايضان الكاميرا طراز «لايكا» الخاصة به في طهران مقابل الغاز المطلوب لتسيير الحافلة. انتقل الزوجان لاحقاً إلى «رينو، نيفادا، حيث عمل الزيدي مديراً للتصوير في شركة تصوير».
عندما اتصل ابن عمه الذي كان يدير الاستوديو بالسيد الزيدي في الثمانينيات ليطلب منه إدارة العمل، شعر الزيدي بأنه يجب عليه العودة، وهنا قال: «كان هناك شيء في داخلي يقول لي، (عليك بالعودة. هذا عمل والدك)».
يقوم السيد الزيدي واثنان من زملائه الشباب بالتقاط الصور «النيغاتيف» باستخدام كاميرا رقمية وإضافة أسماء وتواريخ وعلامات مائية إلى الملفات وترتيب أكوام من دفاتر الملاحظات حيث دون العملاء معلوماتهم الشخصية يدوياً.
قال زيدي إنه عندما يسافر في أنحاء باكستان فإنه يلتقي بأشخاص يرتبط تاريخ عائلاتهم بالاستوديو، مضيفاً: «هناك دائماً قصة متعلقة ببعض الصور التي التقطناها».
اليوم يحيط الاستوديو سلسلة مطاعم ومتجر ساعات فاخرة. ويجري القيام بجهود الأرشفة في الاستوديو بشكل متقطع، اعتماداً على حجم التمويل المتاح. وقال زيدي إن الحفاظ على عمل بورتريه مفتوح في عصر أصبحت فيه صور «السيلفي» في كل مكان ليس بالأمر السهل. ويعترف بأنه لم يواكب العصر تماماً لأن التغييرات في التصوير الفوتوغرافي والمجتمع الباكستاني لا تتوافق معه. فهو يصور بكاميرا رقمية لكنه يفضل أسلوب وشكل إعداده التناظري القديم.
استطرد الزيدي قائلاً إنه إذا لم ينته من حفظ الصور فإنه يخشى ضياع التاريخ. فعلى حد علمه، لم يحتفظ سوى القليلون من معاصري والده بأرشيفاتهم المصورة. واختتم قائلاً: «كل يوم أقضيه هنا أعلم شيئاً ما مر به والدي ليحقق ما حققه».
- خدمة «نيويورك تايمز»
باكستاني يعيد إحياء صور استوديو والده القديم
باكستاني يعيد إحياء صور استوديو والده القديم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة