وثائق إسرائيلية عن حرب أكتوبر تعيد الجدل حول {لغز أشرف مروان»

نتنياهو منع نشرها... ومصريون يعتبرونها «تجميلاً للهزيمة»

أشرف مروان في حفل زفافه من منى ابنة الرئيس جمال عبد الناصر في منزل الرئيس في منشية البكري 7 يوليو 1966 (غيتي)
أشرف مروان في حفل زفافه من منى ابنة الرئيس جمال عبد الناصر في منزل الرئيس في منشية البكري 7 يوليو 1966 (غيتي)
TT

وثائق إسرائيلية عن حرب أكتوبر تعيد الجدل حول {لغز أشرف مروان»

أشرف مروان في حفل زفافه من منى ابنة الرئيس جمال عبد الناصر في منزل الرئيس في منشية البكري 7 يوليو 1966 (غيتي)
أشرف مروان في حفل زفافه من منى ابنة الرئيس جمال عبد الناصر في منزل الرئيس في منشية البكري 7 يوليو 1966 (غيتي)

أعادت وثائق إسرائيلية جديدة تتحدث عن كواليس حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 الجدل حول دور رجل الأعمال المصري أشرف مروان في الحرب، وهو دور ظل لغزاً كبيراً خلال حياته وحتى رحيله «منتحراً» في لندن قبل 14 عاماً.
وتروّج وجهة النظر الإسرائيلية لاعتبار مروان جاسوساً عمل لصالح «الموساد» خلال حرب أكتوبر، فيما تقول الرواية المصرية «الرسمية» عكس ذلك، بل تعتبره بطلاً ساهم في الانتصار.
ونشر الأرشيف الإسرائيلي التابع لمكتب رئيس الوزراء، أمس، بروتوكولات ومستندات تكشف النقاب عن كواليس الفترة التي سبقت حرب أكتوبر، وفي أثنائها، وذلك في الذكرى 48 على الحرب التي خاضتها إسرائيل أمام مصر وسوريا، وتطلق عليها حرب «يوم الغفران». وبين المواد 14 محضراً لجلسات أديرت خلال الحرب، 21 محضراً لمشاورات سياسية - أمنية حساسة، و26 محضراً جمعت في ديوان رئيس الحكومة، وبلغ عدد المستندات المنشورة 1292 صفحة.
وبحسب قناة «كان» العبرية، جاء في أحد البروتوكولات أنه قبل اندلاع الحرب بنحو 10 أشهر، عقدت جلسة خاصة بحضور القادة الإسرائيليين السياسيين والأمنيين، بعد أن حصلت إسرائيل من المستشار المقرب من الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أشرف مروان، الذي تقول الدولة العبرية إنه كان يتعاون مع «الموساد»، على معلومات حول نية مصر شن حرب ضدها.
وبرزت خلال الجلسة خلافات بين المسؤولين حول إمكانية اندلاع الحرب، واعتقد رئيس الموساد آنذاك، تسفي زامير، أن الرئيس السادات يخضع لضغوطات كبيرة، وبالتالي من الصعب معرفة خططه، إلا أن وزير الجيش، موشيه دايان، رجح أن مصر لن تشن حرباً شاملة، بل معارك استنزافية فقط.
وترفض مصر تلك الرواية رفضاً قاطعاً، وتقدم الجهات الرسمية مروان باعتباره «بطلاً قومياً» خدم بلده في عدة مناصب تولاها، منذ أن كان ضابطاً بالجيش، ثم مساعداً لعبد الناصر، والمستشار السياسي والأمني للسادات.
وتوفى مروان في يونيو (حزيران) 2007 بعد أن سقط من شرفة منزله في لندن، ولم يُعرف حتى الآن «رسمياً» ما إذا كان موته قتلاً أم انتحاراً. وفور رحيله، أمر الرئيس الأسبق حسني مبارك بإقامة جنازة عسكرية له في القاهرة، وأصدرت مؤسسة الرئاسة بياناً لتأكيد وطنيته.
وقال مبارك، عقب ذلك، إنه «قام بأعمال وطنية لم يحن الوقت بعد لكشفها»، لكنه أضاف أن مروان «لم يكن جاسوساً على الإطلاق لأي جهة».
يقول اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مروان وبشهادة الرئيس الأسبق حسني مبارك كان له دور بارز في انتصارات أكتوبر، لكن تفاصيل هذا الدور، ستظل سراً مصرياً، كونها ستتسبب في مشكلات كثيرة لدول وأفراد».
ويضيف: «إسرائيل تروج لتلك المزاعم كل فترة، في محاولة للتغطية على هزيمتها في الحرب، وتجميل صورتها المنكوبة». فيما يقول سمير غطاس، مدير «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مروان عميل مزدوج، استخدمه السادات في خداع الإسرائيليين، خلافاً للرواية الإسرائيلية، فقد منحه كل تفاصيل حرب 1973، إلا موعدها، في إطار خطته للخداع الاستراتيجي».
ووفق الخبراء المصريين، تسعى تل أبيب بين حين وآخر لادعاء أي نجاح، ولو تكتيكي، للتغطية على هزيمتها في الحرب، ومن بين ذلك الوثائق المنشورة مؤخراً، التي باتت متاحة في موقع الأرشيف الإسرائيلي.
تقول المسؤولة عن الأرشيف، روتي أبرومفتش، في بيان: «لأول مرة منذ 48 عاماً يمكن متابعة الديناميكية التي حدثت داخل الحكومة بشأن حرب (يوم الغفران)، والاطلاع على الذهول والحيرة والنقاشات المعقدة بين قادة الدولة، الذين أداروا عملية القتال الصعبة وقاموا بإدارة السياسات». وتابع البيان، أن «الصفحات المفتوحة حالياً أمام الجمهور هي المواد الأرشيفية الأصلية التي كتبت خلال الأحداث الدرامية، سواء على الساحة السياسية أو العسكرية أو على الساحة الدولية، لأحد أهم الأحداث التاريخية لإسرائيل والمجتمع الإسرائيلي».
صحيفة «معاريف» الإسرائيلية نقلت عن بروفسور أوري بار يوسف، رئيس لجنة التوثيق والبحث في مركز «حرب يوم الغفران»، أن المواد التي كشف عنها أعدت للنشر من قبل أرشيف الدولة قبل 8 سنوات، وأن المواد كانت جاهزة للنشر، لافتاً إلى أن «رئيس الحكومة في حينه بنيامين نتنياهو، قرر عدم نشرها، بعد أن رفض طلبنا أكثر من مرة دون أي توضيح، فتوجهنا إلى المحكمة العليا التي أمرت بنشر جميع المواد التي طلبنا نشرها».
حرب 1973 أو حرب «العاشر من رمضان» كما تُعرف في مصر، وحرب «الغفران» كما تُعرف في إسرائيل، هي حرب شنتها مصر وسوريا على إسرائيل بشكل مباغت، وتمكن الجيش المصري خلالها من اجتياز قناة السويس التي كانت تخضع للسيطرة الإسرائيلية. وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب النكبة 1948. وحرب السويس 1956. وحرب النكسة (حرب الأيام الستة) في يونيو 1967. وكانت إسرائيل قد احتلت في حرب يونيو، سيناء من مصر، وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني، وقطاع غزة الذي كان يخضع لحكم عسكري مصري.
بدأت حرب 6 أكتوبر عام 1973، الموافق 10 رمضان 1393 هجرية، بهجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية، أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة، والآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة، وقد ساهمت بعض الدول العربية في الحرب، سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي.
وانتهت الحرب رسمياً مع نهاية يوم 24 أكتوبر، من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي والإسرائيلي، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ على الجبهة المصرية فعلياً حتى 28 أكتوبر.



ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.


بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
TT

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)

بعد 9 أشهر من الإنكار والتكتم، أقرّت الجماعة الحوثية بخسارة إحدى أهم وحداتها القتالية، مع تشييع قائد سلاح الطيران المسيّر اللواء زكريا حجر وعدد من أبرز معاونيه، الذين يرجح أنهم قُتلوا في غارة أميركية استهدفتهم داخل أحد المنازل بحي الجراف شرق صنعاء خلال شهر رمضان الماضي.

الاعتراف الحوثي المتأخر أعاد فتح ملف الخسائر العسكرية الثقيلة التي مُني بها جناح الجماعة العسكري، وكشف جانباً من حجم الضربات التي طالت بنيته القيادية والتقنية خلال الأشهر الماضية.

وجاء هذا الإقرار من قبل الجماعة المتحالفة مع إيران بعد أشهر من إقرار مماثل بمقتل رئيس هيئة أركانها محمد الغماري، عبر مراسم تشييع نُظمت في صنعاء.

وشملت مراسم تشييع حجر، التي أقيمت الخميس، كلاً من مدير العمليات في وحدة الطيران المسيّر اللواء محمد الحيفي، واللواء عبد الله حجر، والعميد أحمد حجر، والعميد حسين الهاشمي. ويُعد هؤلاء من أبرز القادة في وحدة الطيران المسيّر التي أُنشئت بإشراف وتدريب مباشر من الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري لـ«حزب الله» اللبناني، وشكّلت خلال السنوات الماضية أحد أهم أذرع الحوثيين في تنفيذ الهجمات العابرة للحدود.

الحوثيون تعمّدوا التكتم على خبر مقتل حجر 9 أشهر (إعلام محلي)

وعلى الرغم من أن هذه الخسارة تُعد ثاني أكبر خسارة تعترف بها الجماعة بعد مقتل الغماري، فإن اللافت في مراسم التشييع كان الغياب شبه الكامل للقيادات العسكرية البارزة. إذ غاب وزير دفاع الجماعة محمد العاطفي، الذي تُرجّح مصادر إصابته في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً للحكومة غير المعترف بها في نهاية أغسطس (آب) الماضي، ومنذ ذلك الحين اختفى عن الأنظار.

كما غاب رئيس هيئة الأركان الجديد يوسف المدني، إلى جانب معظم القادة العسكريين، واقتصر الحضور على مفتي الجماعة شمس الدين شرف الدين، والقائم بأعمال رئيس الحكومة غير المعترف بها محمد مفتاح، في مؤشر فسّره مراقبون بحجم الإرباك الذي تعانيه القيادة العسكرية للجماعة.

ضربات موجعة

يرى مراقبون عسكريون أن الهجمات الأميركية التي استهدفت مخابئ القادة الحوثيين ومخازن أسلحتهم ومراكز القيادة والسيطرة، قبل التوصل إلى هدنة بين الطرفين، كادت أن تُخرج القوة الصاروخية وسلاح الطيران المسيّر عن الخدمة. فقد خسر الحوثيون خلال تلك الضربات أبرز كوادرهم المتخصصة، من قائد الوحدة ومسؤول العمليات والدراسات، إلى المسؤولين التقنيين والمشرفين على ورش تركيب وتجهيز الطائرات المسيّرة، إضافة إلى مختصين بعمليات الإطلاق والتوجيه.

غياب القادة العسكريين لجماعة الحوثي عن مراسم التشييع (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، وصفت منصة «ديفانس أونلاين» المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية زكريا حجر (39 عاماً) بأنه خبير محوري في منظومة الصواريخ وبرنامج الطيران المسيّر لدى الحوثيين، وأحد الفنيين الذين عملوا إلى جانب خبراء ومستشارين من «الحرس الثوري» و«فيلق القدس»، إضافة إلى جنسيات عربية، على تطوير القدرات القتالية للجماعة.

وأشارت المنصة إلى أن حجر يرتبط بعلاقة مصاهرة مع عائلة عبد الملك الحوثي، وأن عدداً من إخوته وأفراد أسرته يشغلون مواقع مهمة داخل هياكل الجماعة.

وحسب المعلومات، جرى تعيين حجر عقب اجتياح صنعاء ضمن هياكل وزارة الدفاع التابعة للجماعة، ومنح رتبة عسكرية رفيعة، قبل أن يتولى الإشراف على برنامج الطيران المسيّر ضمن منظومة «القوة النوعية» المرتبطة بالمجلس الجهادي للحوثيين. وتؤكد مصادر متطابقة أن هذه الوحدة لعبت دوراً رئيسياً في الهجمات التي استهدفت العمق اليمني ودول الجوار وخطوط الملاحة الدولية.

اعترافات متأخرة

تشير منصة «ديفانس أونلاين» إلى أن حجر يُعد من العناصر المطلوبين للقضاء اليمني، وقد ورد اسمه ضمن قائمة قيادات خضعت للمحاكمة أمام القضاء العسكري في مأرب منذ مطلع 2022، بتهم تتعلق بالتمرد والقتل والإرهاب.

كما أدرجه التحالف الداعم للشرعية ضمن قوائم الإرهاب في أغسطس (آب) من العام نفسه، إلى جانب أربعة آخرين، لارتباطهم المباشر بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتهريب الأسلحة الإيرانية، والمشاركة في الهجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.

ويؤكد الصحافي المتخصص في شؤون الحوثيين، عدنان الجبرني، أن وحدة الطيران المسيّر تلقت «ضربات قاتلة» جراء الغارات الأميركية التي نُفذت خلال الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأوضح أن حجر قُتل في غارة استهدفت منزلاً بحي الجراف، ومعه اثنان من أبرز مساعديه، أثناء تناول وجبة الإفطار في شهر رمضان، إلا أن الجماعة فرضت تعتيماً مشدداً على هوية المستهدفين.

ناشطون حوثيون كشفوا عن مقتل ثمانية من أشقاء حجر خلال تجنيدهم مع الجماعة (إكس)

وفي نعي آخر، أقرت قيادات حوثية بأن حجر قُتل قبل مصرع محمد الغماري، الذي يُرجّح أنه لقي حتفه في غارة استهدفت منزلاً بحي حدة جنوب صنعاء، كان الحوثيون قد استولوا عليه وحولوه إلى مركز للعمليات العسكرية، رغم ترويج شائعات آنذاك عن نجاته ومغادرته المكان قبل دقائق من الضربة.

وتجمع مصادر حكومية ومراقبون على أن هذه الخسائر القيادية والتقنية كانت عاملاً رئيسياً وراء عرض الحوثيين هدنة مع الجانب الأميركي، التزموا بموجبها بوقف استهداف السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل وقف الضربات الأميركية التي استهدفت قيادات مهمة في جناحهم العسكري، ودمرت مخازن سرية للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة في صنعاء وصعدة والحديدة.

ويذهب هؤلاء إلى أن الاعتراف المتأخر بمقتل قادة الطيران المسيّر يعكس حجم الضرر الذي أصاب أحد أهم أذرع الجماعة، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من إعادة ترتيب الصفوف تحت ضغط الخسائر.


إجماع يمني واسع خلف الموقف السعودي لاحتواء التصعيد في الشرق

الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
TT

إجماع يمني واسع خلف الموقف السعودي لاحتواء التصعيد في الشرق

الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)

اصطفت الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، إلى جانب الهيئات المجتمعية والقبلية في حضرموت، والمؤسسات الرسمية، خلف البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية بشأن التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، في مشهد يعكس إجماعاً على أولوية التهدئة ورفض فرض الوقائع بالقوة، والتمسك بمسار الدولة والحل السياسي الشامل.

وقد رأت المكونات اليمنية أن البيان السعودي، بما تضمنه من دعوة واضحة لعودة قوات المجلس الانتقالي إلى ثكناتها السابقة والخروج من المحافظتين وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف، يعدّ مدخلاً أساسياً لمعالجة الأزمة ومنع انزلاقها نحو تعقيدات أعمق تمس السلم المجتمعي والمركز القانوني للجمهورية اليمنية.

في هذا السياق، رحب تكتل الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، الذي يضم طيفاً متنوعاً من القوى الوطنية، بالبيان السعودي، معتبراً أنه يمثل جوهر المعالجة المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة.

وأكدت الأحزاب، في بيان، أن الموقف السعودي يعكس حرصاً واضحاً على احتواء التصعيد، ومنع أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة، لما لذلك من انعكاسات مباشرة على الأمن والاستقرار ووحدة الصف الوطني.

موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (إ.ب.أ)

وجددت الأحزاب اليمنية دعمها لجهود مجلس القيادة الرئاسي في إدارة الأزمة، داعية المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الاستجابة العاجلة لمقتضيات التهدئة وتغليب لغة الحكمة والعقل، وتهيئة المناخ لمعالجة القضية الجنوبية معالجة عادلة وشاملة ضمن الأطر المتوافق عليها ووفق مخرجات الحوار الوطني، واتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة.

كما حذرت من أن الممارسات الأحادية قد تضر بعدالة القضية الجنوبية نفسها، وتهدد مكتسباتها السياسية، وتدفع بها نحو مسارات إقليمية معقدة تعزلها عن محيطها وتقصيها عن أي تسويات مستقبلية.

وأشادت الأحزاب بالموقف السعودي الثابت من القضية الجنوبية بوصفها قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، مثمنة في الوقت ذاته التنسيق القائم بين السعودية والإمارات لاحتواء التوتر ودعم مسار الحل السياسي الشامل. وشددت على ضرورة تنفيذ اتفاق الرياض كاملاً ودون انتقائية، باعتباره الضامن الحقيقي لمنع تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلاً.

من جهته رحب الحزب الاشتراكي اليمني بالبيان السعودي، معتبراً أنه يعكس حرصاً صادقاً على أمن واستقرار اليمن، ويؤكد أن معالجة الأوضاع يجب أن تتم حصرياً عبر مؤسسات الدولة وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والتحالف.

وأكد الحزب أهمية ضبط النفس وتغليب المصلحة العامة بوصفهما مدخلاً ضرورياً لتهيئة الأجواء أمام حلول سياسية مستدامة، مجدداً التأكيد على أن القضية الجنوبية لا يمكن حلها إلا عبر حوار وطني جامع ضمن تسوية شاملة.

مواقف مجتمعية وقبلية

على الصعيد المجتمعي، عبّر حلف قبائل حضرموت عن ترحيبه الكبير بالبيان السعودي، مشيداً بما تضمنه من مواقف وصفها بالمسؤولة والأخوية، ومؤكداً أن المملكة كانت ولا تزال سنداً للشعب اليمني في مختلف المراحل. وأشاد الحلف بالجهود المتواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، والخروج العاجل والسلس للقوات التابعة للمجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة.

كما اعتبرت قيادة العصبة الحضرمية البيان السعودي، إلى جانب موقف السلطة المحلية في حضرموت، خريطة طريق لا غنى عنها لحماية المحافظة من الانزلاق نحو الفوضى، وشددت على ضرورة الخروج الفوري وغير المشروط لجميع القوات غير المحلية، محذرة من أي التفاف على هذا المطلب الذي اعتبرته تعبيراً صريحاً عن إرادة الحضارم.

تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي الأحادية في حضرموت والمهرة قوبلت برفض يمني واسع (إ.ب.أ)

بدوره، أعلن مجلس حضرموت الوطني تأييده الكامل للبيان السعودي، معتبراً إياه موقفاً مسؤولاً يهدف إلى حماية مصالح أبناء حضرموت والمهرة ومنع أي تصعيد عسكري غير منسق.

وأكد المجلس أن أي تحركات عسكرية خارج الأطر المؤسسية تمثل تجاوزاً للإجماع الوطني، وتزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني، مشدداً على أهمية احترام صلاحيات السلطة المحلية وتسليم المعسكرات وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

أما مجلس الشورى اليمني، فرحب بالبيان السعودي بوصفه موقفاً واضحاً من التصرفات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع التحالف.

وعدّ المجلس أن هذه التحركات تمثل خرقاً لاتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، وإضعافاً لوحدة الصف الوطني، ومساساً بالمركز القانوني للدولة اليمنية.

ودعا مجلس الشورى المجلس الانتقالي إلى سرعة الاستجابة لنداء التهدئة والخروج من المحافظتين، حفاظاً على مصلحة أبناء الجنوب واليمن عموماً، وتوجيه الجهود والطاقات نحو مواجهة الخطر الحقيقي المتمثل في الانقلاب الحوثي.