التحالف الحاكم في السودان يشدد على نقل رئاسة المجلس السيادي إلى المدنيين

TT

التحالف الحاكم في السودان يشدد على نقل رئاسة المجلس السيادي إلى المدنيين

تمسكت «قوى الحرية والتغيير»؛ الكتلة الرئيسية في التحالف الحاكم بالسودان، بضرورة الالتزام الصارم بنقل رئاسة مجلس السيادة الانتقالي من العسكريين إلى المدنيين وفق الجداول الزمنية التي حددتها «الوثيقة الدستورية» و«اتفاق جوبا للسلام»، والمرجعيات الأساسية الحاكمة للفترة الانتقالية في البلاد.
وعقد «المجلس المركزي القيادي» لـ«قوى الحرية والتغيير»؛ أعلى هيئة سياسية بالتحالف، اجتماعاً طارئاً أول من أمس لمناقشة تطورات الأوضاع في البلاد، على خلفية المحاولة الانقلابية التي تسببت في توتر حاد مع الشركاء العسكريين. وقال التحالف في «بيان»، أمس، إنه يقدر الوساطات التي طرحها بعض الأطراف لحل الخلاف القائم مع المكون العسكري، لكنه سيراعي مطالب الشعب بطرح رؤية شاملة لحل الإشكالات مع أطراف الأزمة وشركاء الفترة الانتقالية بالتعاون المباشر. وأشار إلى أن «هنالك قوىً تسعى للانقلاب على التحول المدني الديمقراطي والسلام وتريد العودة بالبلاد لمربع الشمولية».
ونبه إلى عدم اتخاذ تباين وجهات النظر داخل «قوى الحرية والتغيير» بغرض «تغيير التركيبة السياسية للحكومة، وخلق أزمة دستورية والانقلاب على أجندة الثورة»، مؤكداً على أن لـ«قوى التغيير» مركزاً واحداً، وستعمل قيادتها للحوار مع «الحزب الشيوعي السوداني» و«حركة العدل والمساواة»، و«حركة تحرير السودان». وكشف التحالف عن تكوين لجنة من قياداته للتعامل مع الأزمة الحالية وفق المطالب التي طرحها الشارع السوداني و«قوى الثورة والتغيير»، ومبادرة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، للوصول إلى حلول قائمة على تحقيق مطالب الشعب.
ودعا البيان إلى الالتزام الصارم بـ«الوثيقة الدستورية» و«اتفاقية جوبا للسلام»، وإكمال السلام؛ بما في ذلك دورية رئاسة المجلس السيادي التي يجب أن تنتقل للمدنيين وفق ما نصّت عليه «الوثيقة الدستورية».
ونصت «الوثيقة الدستورية» الموقعة في 17 أغسطس (آب) 2019 على فترة انتقال مدتها 39 شهراً تكون رئاستها مناصفة بين العسكر والمدنيين، نصيب العسكر في رئاسة مجلس السيادة 21 شهراً، ونصيب المدنيين 18 شهراً. وشدد التحالف على أهمية «الالتزام بإصلاح وتطوير القطاعين الأمني والعسكري، وتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية الواردة باتفاقية السلام، بضم كل القوى في القوات المسلحة السودانية لبناء جيش موحد». ودعا إلى وضع قوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة «تحت قيادة الحكومة المدنية، وإجراء الإصلاحات اللازمة، وتطويرها في ظل الحكم المدني الديمقراطي».
وأكد على «دعم لجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام المعزول، في إكمال مهامها الضرورية لإنجاح الانتقال، وفق خطة ومنهج يحقق بناء دولة القانون ويحاسب المفسدين».
وأشار إلى أن «قوى التغيير» ترفض أي «محاولات لإحداث وقيعة بين الشعب والقوات المسلحة وكافة القوات النظامية، وستعمل على تعزيز علاقاتها مع كل القوات النظامية التي تضررت في عهد النظام المعزول».
وطالب التحالف بـ«تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية وعدم الإفلات من العقاب وتأخير العدالة»، كما دعا إلى «الإسراع في تقديم تقرير اللجنة الخاصة بفض الاعتصام».
وحول الأزمة في شرق البلاد، أشار إلى أن القضية «ذات أبعاد موضوعية وعادلة، وأخرى مصنوعة بغرض تدمير الانتقال المدني الديمقراطي والانقلاب على الثورة»، مبدياً «استعداد الحكومة للحوار مع كافة الأطراف بالشرق لاعتماد سياسة وأجندة جديدة تحقق مطالب أهله».
وشدد على «ضرورة إكمال هياكل الفترة الانتقالية، بتكوين المجلس التشريعي والمفوضيات والمحكمة دستورية ومجلس القضاء والنيابة».
وأشار البيان إلى أن قيادات «تحالف قوى التغيير» ستجتمع بممثليها في «مجلس السيادة وأعضاء حكومتها بمجلس الوزراء والولاة لتدارس الوضع الراهن، كما ستواصل التصعيد الجماهيري لتحقيق أهداف الثورة».
واستنكر «تحالف قوى التغيير» إبعاد مؤسسات الحكم المدني من المعالجات الأخيرة بشأن مواجهة الخلايا الإرهابية، «والتي أدت لسقوط قتلى وسط القوات النظامية والخلايا الإرهابية».
في غضون ذلك؛ داهمت قوات الأمن السودانية، أمس، مقراً جديداً بمنطقة جبرة جنوب العاصمة الخرطوم، بشبهة وجود خلية تتبع الخلايا الإرهابية التي جرى تفكيكها في المنطقة ذاتها أول من أمس، وأسفرت عن مقتل 4 من عناصرها، وفرد من القوات الأمنية، بالإضافة إلى توقيف اثنين من الخلية الإرهابية؛ بينهم سوداني.
وبحسب شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»؛ «طوقت قوات كبيرة من جهاز المخابرات والجيش و(الدعم السريع)، عمارة مكونة من طوابق عدة، قبل أن تقتحم إحدى الشقق وتفتشها بدقة».
وبحسب متابعات «الصحيفة»؛ «نشرت الأجهزة الأمنية أعداداً كبيرة من قواتها المسلحة بمختلف الأسلحة، لعزل عدد من الشوارع وإخلاء عدد من المنازل المحيطة بالمبنى، كما اتخذت إجراءات تفتيش صارمة للسيارات الخاصة بالمنطقة». وأكد شهود العيان أنه «لم يحدث أي إطلاق للذخيرة الحية خلال المداهمة».
وكان جهاز المخابرات العامة السوداني دعا المواطنين في بيان إلى مساعدة الأجهزة الأمنية بالتبليغ فوراً عن أي أنشطة إرهابية مشبوهة تعمل على زعزعة استقرار البلاد. وأكد البيان أن الأجهزة الأمنية ستبذل كل جهدها لمتابعة وتفكيك الأنشطة وجيوب الخلايا الإرهابية في البلاد.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.