شاب من ريف حلب يروي لـ «الشرق الأوسط» حكاية اعتقاله وهروبه من السجن: محظوظ لبقائي حيًا

والده دفع مليون ليرة رشوة لحراس المشفى لتهريبه

شاب من ريف حلب يروي لـ «الشرق الأوسط» حكاية اعتقاله وهروبه من السجن: محظوظ لبقائي حيًا
TT

شاب من ريف حلب يروي لـ «الشرق الأوسط» حكاية اعتقاله وهروبه من السجن: محظوظ لبقائي حيًا

شاب من ريف حلب يروي لـ «الشرق الأوسط» حكاية اعتقاله وهروبه من السجن: محظوظ لبقائي حيًا

6 أشهر من الألم، قضاها الشاب السوري محمد خريزاتي في معتقلات النظام السوري، منتظرا موته. لكن حظه أسعفه في البقاء على قيد الحياة، بينما قتل آخرون تحت التعذيب، بعضهم شاهدهم بأم عينه، وآخرون وثّق قصصهم معتقلون آخرون، حتى بلغ عدد المعتقلين السوريين الذين قضوا تحت التعذيب 13 ألف معتقل.
يتحدث خريزاتي، الذي ينحدر من مدينة الباب في ريف حلب الشرقي لـ«الشرق الأوسط»، عن فصول اعتقاله التي ناهزت 6 أشهر، قضاها بين زنازين فرع الأمن العسكري والمخابرات الجوية بمدينة حلب، وانتهت بهروبه من مشفى حلب العسكري بعد أن دفع رشوة للحراس بلغت مليون ليرة سورية.
اعتقل خريزاتي أثناء محاولة هروبه الفاشلة، وألقت السلطات الأمنية القبض عليه بتاريخ 25 مارس (آذار) 2013، بتهمة «الانشقاق عن جيش النظام» الذي سبق أن كان خريزاتي قد دخله مرغما إثر القبض عليه في حملة دهم نفذتها الشرطة العسكرية في مدينة الباب وريف حلب بحق المتخلفين عن الخدمة الإلزامية مطلع شهر يونيو (حزيران) 2011. اقتيد خريزاتي إلى الخدمة، وقضاها ضمن أحد القطعات العسكرية الموجودة في محافظة الحسكة، إلى أن تم نقله من الحسكة للقتال في حلب التي كان من الصعب على خريزاتي أن يقوم فيها بأي دور قتالي يدفعه لمواجهة أحد من أبناء محافظته، فاختار الهرب من الخدمة.
قضى خريزاتي مدة اعتقاله الأولى في فرع الأمن العسكري في حلب، وبلغت 4 أشهر قضاها كلها في زنزانة منفردة تبلغ مساحتها مترين مربعين، كان يتقاسمها معظم الأوقات مع أحد السجناء الذين يتم استجوابهم وتعذيبهم، حيث كانت معظم الزنازين لا تتسع للأعداد الكبيرة من المعتقلين، الأمر الذي كان يدفع بقيادات السجن لوضع معتقلين إضافيين ضمن الزنازين المنفردة في السجن.
يقول خريزاتي: «بداية اعتقالي بقيت لمدة 5 أيام معلقا على الحائط حيث واظب السجان على جلدي ورشقي بالماء كلما دخلت في حالة غياب عن الوعي. ثم انتقلوا بعد ذلك لتعذيبي بالدولاب والجلد والصعق بعصي الكهرباء، لكن العقوبة الأصعب كانت حرق أكياس النايلون على جلدي، ويتم تنفيذ تلك العقوبة بالذات كي أدلي بمعلومات حول من ساعدني على الهرب ومن كان ينوي الانشقاق معي من زملائي».
ورغم ذلك، يعتبر خريزاتي نفسه محظوظا كونه لم يفارق الحياة تحت التعذيب، كما حدث مع عدد من المعتقلين وكان شاهدا حيا على موتهم داخل المعتقل، ومنهم شاب مدني يدعى «حسين علي»، سبق أن ألقي القبض عليه في كمين، أصيب خلالها بطلق ناري ولم يقوموا بعلاجه. ويضيف خريزاتي: «أثناء استجوابي، كان يتم تعذيب الشاب، بينما واظب سجانان آخران، يدعى الأول أبو حيدر والثاني أبو جاسم، على جلده وصعقه بينما كان مجبرا على الوقوف إلى حائط، وجسده مدمى. لكن التعذيب الأكبر الذي تلقاه الشاب تمثل بربط عضوه الذكري برباط بلاستيكي لمنعه من التبول، وكان يصرخ طالبا منهم قضاء حاجته إلا أنه مات بعد قرابة الساعتين من ذلك بفعل انفجار مثانته».
استمر اعتقال خريزاتي في فرع الأمن العسكري مدة 4 أشهر، إلى أن نقل إلى فرع المخابرات الجوية في حلب لاستكمال التحقيق معه، حيث قضى مدة شهرين تعرض خلالها إلى أبشع أنواع التعذيب، كـ«الدولاب، وبساط الريح، والشبح»، مما أدى لانهيار صحته بشكل كامل حتى شارف على الموت.
ويقول خريزاتي إنه في ذلك الوقت من عام 2013، كان فرع المخابرات الجوية يغص بالمنشقين من الضباط والجنود النظاميين ممن حاولوا الهرب من الخدمة، إضافة إلى المدنيين الذين كان يتم إلقاء القبض عليهم أثناء محاولاتهم التظاهر ضد النظام. لكن الفرع المذكور كان يتسم بتعذيب النشطاء المدنيين المتهمين بنشر أخبار التظاهرات على وسائل التواصل الاجتماعي وإيصالها إلى وسائل الإعلام، إضافة إلى المتهمين بتقديم خدمات طبية لجرحى التظاهرات أو الجيش الحر، وفي معظم الأحيان يكون الموت تحت التعذيب من نصيب العدد الأكبر من تلك الفئة.
كان والد خريزاتي أثناء وجوده في فرع المخابرات الجوية قد تمكن من معرفة أخبار ابنه ومكان وجوده لقاء دفعه رشوة بلغت مليون ونصف المليون ليرة، دفعها لبعض الفاسدين من النظام الذين لهم علاقات داخل الفرع، مما ساهم في التخفيف من معاناته. وتم نقله إلى المشفى العسكري الذي قضى فيه مدة 7 أيام، إلى أن تم ترتيب مسألة هروبه من المشفى، لقاء دفع رشوة ثانية بلغت مليون ليرة سورية أخرى دفعت لإدارة الحراسة في المشفى. ثم لجأ خريزاتي بعدها إلى مناطق سيطرة المعارضة ليحتمي فيها من بطش النظام الذي أخذ بملاحقة أفراد أسرته حتى باتوا جميعهم مطلوبين.
بتهمة تأمين هروب ابنهم من المشفى والاتفاق مع الثوار على تحقيق ذلك.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.