«أكسل شبرينغر» الألمانية تدفع مليار دولار للاستحواذ على «بوليتيكو»

الصحافة «الإلكترونية» تفرض حضورها على وسائل الإعلام التقليدية

دونالد ترمب
دونالد ترمب
TT

«أكسل شبرينغر» الألمانية تدفع مليار دولار للاستحواذ على «بوليتيكو»

دونالد ترمب
دونالد ترمب

يكاد حراك وسائل الإعلام، العريقة منها والحديثة، لا يتوقف في البحث عن مخارج وحلول للتكيف مع التغييرات التقنية الهائلة التي ضربت الأسس والتقاليد الكلاسيكية، وذلك من أجل صناعة الخبر وتقديمه للقراء أو المشاهدين أو المستمعين. ولعل تجربة الإعلام الأميركي الذي شهد، ولا يزال موجات متتالية من عمليات البيع والاستحواذ في السنوات الأخيرة، تشكل نموذجاً لافتاً. وهنا، يحرك هاجس بقاء تلك المؤسسات على قيد الحياة وتحقيق أرباح مجدية ظاهرة تبديل العناصر والاستعانة بخبرات جديدة وتطوير المهارات التقنية، تحت عناوين متعددة، كالكلام عن التكيف مع الإعلام الرقمي والاستعانة بالفيديو والصور والمقاطع القصيرة، وغيرها من الاقتراحات، أو حتى الاستفادة من بعض النماذج الناجحة لعدد من وسائل الإعلام الحديثة،. هذا الهاجس لا يقض مضاجع نوع واحد من الإعلام فقط، بل يشمل كل أشكاله.
في الآونة الأخيرة، كان لافتاً خبر استحواذ مجموعة «أكسل شبرينغر» الإعلام الألمانية الضخمة على صحيفة «بوليتيكو» الإلكترونية، بمبلغ مليار دولار، بعد نجاح الأخيرة في تأكيد حضورها لاعباً مهماً في الإعلام الأميركي. بالطبع هذا مبلغ ضخم يدفع ثمناً لمؤسسة إعلامية ولدت فقط عام 2007. في حين دفع الملياردير جيف بيزوس، صاحب شركة «أمازون»، أقل من ثلث هذا المبلغ عندما استحوذ على صحيفة «واشنطن بوست» عام 2013. التي تفوق «بوليتيكو» سناً بعشرات العقود.
في الواقع، يناقش القيّمون على الإعلام «التقليدي» راهناً أسباب صعود هذا النوع من الصحف الإلكترونية، التي استطاعت خلال سنوات قليلة من منافسة مؤسساته. ومن المتوقع على نطاق واسع أن تنضم صحيفة «ذي هيل» هي الأخرى، إلى قائمة الصحف الإلكترونية ذات الحضور الكبير والمتابعة الواسعة، لدى النخبة السياسية والرأي العام على حدٍ سواء.
وفي حين تشير إحصاءات تُعنى بمتابعة دخول القراء على المواقع الإلكترونية، إلى أن «بوليتيكو» تحظى بدخول يساوي تقريباً مجموع حركة دخول القراء على موقعي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، تجري مناقشة الأساليب التي اتبعتها تلك الصحيفتان الإلكترونيتان الناجحتان - أي «بوليتيكو» و«ذي هيل» - حتى الآن، مكنتهما من الحصول على موطئ قدم حقيقية في سوق الإعلام.
لا شك أن رأس المال الموظّف يلعب دوراً كبيراً في نجاح أي وسيلة إعلامية أو فشلها. وحين نتحدث عن صحيفة إلكترونية، من الواضح أننا لا نتحدث عن «المواقع الإلكترونية» الإخبارية، الرائجة خصوصاً في منطقتنا العربية.
فالصحف الإلكترونية التي تخلت عن الطبعة الورقية، صحف حقيقية بكل ما للكلمة من معنى، من أقسام ومتخصّصين ومحققين ومراسلين ومصححين... والنجاح الذي تحققه تلك الصحف يتركز في تكيفها مع «العصر».
وكأي متابع عادي، يمكن للمرء أن يلاحظ سرعة وبساطة وتنوّع الخبر الذي يجري نشره في تلك الصحف. لكن هناك أيضاً سرعة تطويره التي تتيح لكل من القارئ والكاتب تحديث الخبر وتلقيه. وهنا يقول متخصصون إعلاميون إن «بوليتيكو»، بالذات، نجحت في التصدي لمشكلتين عانت منهما الصحافة السياسية في ذلك الوقت: البطء والأخبار السياسية المملة.
ولمواجهة هاتين المشكلتين تبنّت سريعاً ما يعرف بأسلوب صحافة «الأبارتيد» أو الفضائح السياسية، بعدما بدا واضحاً أن الجمهور يهوى هذا النوع من الأخبار. في ذلك الوقت كانت «بوليتيكو» تنشر ما يقوم به موقع «تويتر» اليوم، الذي بات مصدر «المعلومة» أو «الموقف»، خصوصاً عندما يكون مصدره أحد صناع الرأي.
صحيفة «ذي هيل»، تؤدي حالياً دوراً مشابهاً، لكنه يعتمد على الإرسال المكثّف للخبر عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام البريد الإلكتروني بشكل كبير، بجانب سرعة تطوير الخبر والتحقق من صحته. ومعلومٌ، أن النشر الإلكتروني، مع تحوّل أي مواطن عادي إلى وكالة أنباء أو مصدر خبر في ظل انتشار الهواتف الذكية، بات يشكّل منافسة كبيرة، ليس فقط للصحافة التقليدية، بل أيضاً لوكالات الأنباء المحلية والعالمية، التي تواجه تحدياً آخر يتعلق بالتأكد من دقة الخبر من أجل الحفاظ على صدقيتها.
كذلك، يبدو اليوم أن خطوط تقسيم وسائل الإعلام، بين مرئية ومسموعة ومكتوبة، قد اختفت.
صارت محطة التلفزيون تبث على الهواء مباشرة، وتنشر الخبر على موقعها الإلكتروني، وتشاركه على مواقع التواصل الاجتماعي. وهو ما تفعله أيضاً الصحف، سواء كانت إلكترونية أو تقليدية، بعدما نجح بعضها في التحول إلى «محطة تلفزيونية»، إذ باتت تنشر الخبر مقروءاً على صفحاتها الورقية والإلكترونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي... وبالتالي، اختفت الفوارق لمصلحة تبني عصر «الديجيتال».

الانقسام والتحيّز السياسي

أسباب أخرى لعبت دوراً في صعود تلك الصحف الأميركية، على رأسها حدة الانقسام والتحيز السياسي، وقلة التنوع العرقي بين الصحافيين، بحسب البعض. ويضيف هؤلاء، أن تركيز الأخبار على متابعة فئة معينة، كان محاولة لاسترضاء جمهور، بدا واضحاً تململه من التغييرات التي طرأت على السلطة في الولايات المتحدة، مع تولّي أسود هو باراك أوباما، رئاسة البلاد. وبدلاً من أن يفتتح هذا التطور المهم في تكوين السلطة السياسية الأميركية مساراً تصالحياً، جاءت نتائجه معاكسة، إذ ازدادت حدة الانقسام، وشارك الإعلام بكل أشكاله في تأجيجه وتعميقه.
عندما بدأت الصحف الإلكترونية مسيرتها، لم تكن مختلفة جداً عن المعتقدات السياسية والصحافية السائدة في الصحافة التقليدية. غير أن خبراء إعلاميين يؤكدون اليوم أنها تمكنت من هجر تلك المعتقدات، بعدما نجحت أولاً في ابتكار أسلوب جديد يقوم على نسخة أسرع وأكثر جذباً للاهتمام حول كيفية تغطية أخبار السياسة.
ومع تنويع «بوليتيكو»، وغيرها من الصحف الإلكترونية الحديثة، الخلفية العرقية لموظفيها بما يتناسب مع طبيعة الحدث السياسي، انتقلت العدوى إلى وسائل الإعلام السياسية التقليدية «المنحازة» أساساً، التي باتت تغطي الحدث بالطريقة نفسها. أي بتضخيم في «المعلومة» من دون التضحية بصدقيتها، والمزيد من نشر الأقاويل والهمس والتسريبات.
غير أن التنافس السياسي مع تغير الإدارات الأميركية، غالباً ما كان هو مصدر تسريب تلك الأخبار، سواءً كانت عن السياسة المحلية أو الخارجية. وهذه حقيقة معلومة رغم نفي السياسيين لها، في ظل «تصنيف تقسيمي» سياسي واضح لوسائل الإعلام الأميركية، بين تياري المحافظين والليبراليين.
اليوم باتت الإدارة السياسية في واشنطن، أكثر انكشافاً «وشفافية»، مع كل التحفظ على التوصيف الأخير. وهو ما شهدنا فصوله المكثفة إبّان رئاسة دونالد ترمب، الذي وصف عهده بأنه كان الأكثر انكشافاً وعرضة للتسريبات... التي تنقل أخبار خلافات رجال إدارته. ورغم إظهار «بوليتيكو» وغيرها من وسائل الإعلام الإلكترونية «وجود سوق قابلة للحياة، ومتعطشة لكل التفاصيل السياسية والشائعات»، على حد قول نيكي أوشر، أستاذة الصحافة في جامعة إيلينوي، الصحيح أيضاً أن السياسيين ربما يكونون أكثر تعطشاً من غيرهم لنشر «أخبارهم»... التي تصنع حيثيتهم لدى جمهورهم.

أوباما ووسائل التواصل

يعد باراك أوباما أحد أوائل الرؤساء الأميركيين في مجال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتخاطب مع جمهوره والترويج لخطابه. وهو فعل ذلك حتى من قبل أن يفوز في انتخابات الرئاسة عام 2008.
إلا أن «الثورة» التي أحدثها دونالد ترمب في نشر الخبر و«تسريبه»، فاقت سرعة وقدرة أي وسيلة أو وكالة أنباء. بل إن تغريداته على «تويتر» أسقطت احتكار الخبر والتصرف به وبيعه.
ومن ثم، مع انزياح الإعلام السياسي التقليدي نحو أساليب الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، بدا واضحاً أن أهم القصص في السياسة الأميركية هي عمق استقطاب الناخبين الأميركيين على أسس ثقافية وعرقية. وراهناً، يتصارع الحزبان الجمهوري والديمقراطي مع مؤسسات مماثلة في كليهما ويتنافسان على الناخبين المتأرجحين، بعدما صار من الصعب اختراق الكتلة الشعبية لديهما لتغيير ولاءاتها.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.