«جادة الثقافة» تحاكي شارع المتنبي... و«المعلقات» تعيد ذكريات «سوق عكاظ»

وزير الثقافة العراقي: معرض الرياض «احتفالية ثقافية عربية» والسعودية «فتحت النافذة للثقافة العراقية»

تبارى الناشرون مع المنصات الإلكترونية للتعريف بمنتجاتهم الفكرية
تبارى الناشرون مع المنصات الإلكترونية للتعريف بمنتجاتهم الفكرية
TT

«جادة الثقافة» تحاكي شارع المتنبي... و«المعلقات» تعيد ذكريات «سوق عكاظ»

تبارى الناشرون مع المنصات الإلكترونية للتعريف بمنتجاتهم الفكرية
تبارى الناشرون مع المنصات الإلكترونية للتعريف بمنتجاتهم الفكرية

يقارن أديب عراقي مشارك في معرض الرياض الدولي للكتاب بين «جادة الثقافة» في واجهة الرياض التي غصت أمس بطلائع الباحثين عن الكتب والمعرفة، وبين شارع المتنبي في بغداد، الذي يعج بالمكتبات وباعة الكتب وجمهور الثقافة الباحثين بين الأوراق عن زاد لا ينضب.
يستريح شارع المتنبي الذي أصبح معلماً مهماً في الرصافة ببغداد، تحت ظل تمثال المتنبي المطل على دجلة، في حين تلون «جادة الثقافة» تاريخاً جديداً بالمعرفة والثقافة والفنون الإبداعية.
إلى جانب محاكاة شارع المتنبي، تحاكي «جادة الثقافة»، «سوق عكاظ» التاريخية الشهيرة، من خلال تجسيد المعلقات السبع بطريقة إبداعية، وعرضها على أعمدة ضخمة بارتفاع ستة أمتار مصنعة من ديكور مميز بطابع الحجر القديم، بالإضافة إلى شاشات متداخلة في وسط الأعمدة، تعرض أهم الاقتباسات للمعلقات والقصائد والشعراء وأهم المعلومات عنهم.
ومع بدء توافد الجمهور السعودي إلى واجهة الرياض التي تشهد لأول مرة تنظيم فعاليات معرض الكتاب، تبارى الناشرون مع المنصات الإلكترونية للتعريف بمنتجاتهم الفكرية، وبدا واضحاً من اليوم الأول أن جولات المثقفين خصوصاً كانت استطلاعية.
من بين دور النشر التي يربو عددها على ألف دار، ثمة دور ترتبط بشبكة علاقات واسعة من الوسط الثقافي السعودي، تمكنت خلال السنوات الماضية من نسج علاقات قائمة على التبادل المعرفي، حيث أصبح الإنتاج الثقافي في المملكة، سواء من الأفراد أو من خلال الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية، ثرياً، ويجتذب شراكات من دور النشر العربية. في حين يتعرف الجمهور مجدداً على دور النشر السورية التي تواصل ما انقطع خلال سنوات الحرب، ودور النشر العراقية التي تحضر بكثافة عبر نحو 20 داراً و500 عنوان.
‎والعراق هي ضيف الشرف لهذا العام، وأمس قال وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي حسن ناظم، «إن الثقافة العراقية حضرت بأنشطة عديدة في معرض الرياض للكتاب»، ونقلت عنه وكالة الأنباء العراقية قوله إن وزارة الثقافة السعودية وفرت «الفرصة الكبيرة وفتحت هذه النافذة للثقافة العراقية لتكون حاضرة في معرض الرياض الدولي للكتاب».
وأضاف أن «الثقافة العراقية وبعد سنوات من الانقطاع تحضر إلى هذا المعرض في أنشطة عديدة منها أنشطة شعرية وندوات فكرية واستضافات وكلام عن رموز الثقافة العراقية، لافتاً إلى أن «المعرض فرصة للاجتماع مع المثقفين العرب».
وأشار ناظم إلى أن «معرض الرياض للكتاب ليس معرضاً، وإنما هو احتفالية ثقافية عربية تجمع الثقافة العربية في أروقة هذا المكان».
وأعلن عن اتفاق بين وزارتي الثقافة في العراق والسعودية لتنظيم أسبوع ثقافي سعودي في بغداد.
وقال في ختام ندوته في فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، «في غضون شهر سيكون هناك أسبوع ثقافي سعودي في بغداد».
وأفاد: «ستنطلق مشاريع مشتركة بين البلدين، أهمها العمل على تسجيل درب زبيدة على اللائحة التراثية في اليونسكو، وإحياء الآثار العباسية على نهر دجلة في مشروع مشترك بين وزارتي الثقافة في العراق والمملكة».
وفي زاوية من المعرض وضمن التفاعل الثقافي بين العراق والسعودية، يتم تنظيم معرض العلاقات السعودية العراقية الذي يتضمن صوراً للملك عبد العزيز وملوك السعودية خلال زيارتهم للعراق، إلى جانب زيارة المسؤولين العراقيين للمملكة.
وتشهد الجادة عروضاً مسرحية في أوقات متفاوتة خلال الفعالية، تتجسد فيها حضارات ومواقف تاريخية من حقب زمنية مختلفة بطابع إبداعي مميز، كما تتيح الجادة للزوار تجربة التعليق الصوتي على أفلام المانجا، بالإضافة للمشاركة في محطة الألعاب، التي تقدمها شركة «مانجا للإنتاج» - إحدى الشركات التابعة لمؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية (مسك) - والمختصة بصناعة المحتوى الإبداعي، من خلال إنتاج الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو والقصص المصورة ذات الرسالة الهادفة والجودة الاحترافية التي تستهدف الجمهور المحلي والدولي لإلهام أبطال المستقبل.
ويقدم المعرض من خلال «ساقية الرياض» عروضاً في مجالات الفنون الموسيقية التي تستهدف جميع الفئات، وتوفر البيئة التي تحفز السعوديين على تطوير وتقوية مستوياتهم الثقافية من خلال الاهتمام بالفن والابتكار، إلى جانب المنصات الموسيقية، التي تعرف الزوار بآلات النفخ والوتريات والآلات الإيقاعية، وتقدم عروضاً موسيقية مميزة.
وشهد أمس أولى ورش العمل الخاصة بمهارات الأطفال، حيث أقيمت ورشة «تدريب الغناء والصوت» لصقل موهبة الطفل الغنائية، وقدمتها أول مغنية أوبرا سعودية الفنانة سوسن البهيتي، كما أقيمت ورشة عمل أخرى بعنوان «الكتابة التعبيرية» للأطفال قدمتها شوقية الأنصاري.
ومساء أمس احتضنت جامعة الأميرة نورة أول من أمسية فنية ضمن فعاليات المعرض، للفنان السعودي عبد الرحمن محمد. وأقيمت ندوة «مورث الفن العراقي»، التي شارك فيها سعدي الحديثي، والدكتور أحمد الواصل، ونجاه شكر أوغلو، وأدارها سعد زهير الشمراني.
ويضم المعرض مناطق مخصصة لأعمال الناشرين، كما يحتضن ورش عمل، وجلساتٍ حوارية، ودورات تدريبية، إلى جانب أمسياتٍ شعرية وفنية، وعروض ومسرحياتٍ عالمية تُقدم على ثلاثة مسارح خارجية؛ مسرحان في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، ومسرح في مركز الملك فهد الثقافي، إضافة إلى فعالياتٍ نوعية تستهدف شرائح المجتمع كافة مثل: عروض الطهي الحية، وفعاليات الأطفال وغيرها من الفعاليات المتنوعة.
ويستضيف المعرض ضمن فعالياته، فعالية «حديث الكتاب» التي تُقدم نخبة من المفكرين والمؤلفين والمشاهير المؤثرين، بينهم الأمير تركي الفيصل، وجوردان بيلفورت، وكريس جاردن، للحديث عن تجاربهم الملهمة في الكتابة والتأليف.

البرنامج الثقافي لليوم

04:00 مساء حتى 05:00 مساءً: ندوة.
عنوان الندوة: مدن آثارية (أور، بابل، النمرود).
ضيوف الندوة: د. ليث مجيد.
مدير الندوة: أ. علي وجيه،
05:15 مساء حتى 06:15 مساءً: ندوة.
عنوان الندوة: واقع القراءة في المملكة في وجود وسائل التواصل الاجتماعي.
ضيوف الندوة: د. طرفة زيد بن حميد، د. محمد بن عوض العطيفي، Cees Lammert Faber.
مدير الندوة: أ. عبد الله الطياش.
06:30 مساءً حتى 07:30 مساءً: ندوة.
عنوان الندوة: السينما ديوان العرب المعاصر.
ضيوف الندوة: أ. فهد الأسطاء، أ. علي سعيد، د. بسمة عروس.
مدير الندوة: أ. عاصم الطخيس.
17:45 مساء حتى 08:45 مساء: ندوة.
عنوان الندوة: عوالم الشاعر محمد مهدي الجواهري الإنسانية والأدبية.
ضيوف الندوة: د. خيال محمد الجواهري، د. مؤيد آل صونيت، أ. زهير الجزائري. د. بشری موسی.
مدير الندوة: أ. خالد الغازي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».