«الماريجوانا الطبية».. علاج مثير للجدل لأمراض الأطفال

توجهات لتوظيفها في معالجة أمراض التوحد وفرط النشاط ونقص الانتباه والصرع

«الماريجوانا الطبية».. علاج مثير للجدل لأمراض الأطفال
TT

«الماريجوانا الطبية».. علاج مثير للجدل لأمراض الأطفال

«الماريجوانا الطبية».. علاج مثير للجدل لأمراض الأطفال

قد يبدو العنوان بالغ الغرابة نظرا لعدم إمكانية تخيل استخدام المخدرات في العلاج بشكل عام، وعلاج الأطفال بشكل خاص، وأيضا صعوبة تصور أن هناك ما يمكن أن يطبق علية لفظ «مخدرات طبية». إلا أن الحقيقة هي أن العلاج بالمخدرات له جذور تاريخية من آلاف السنين؛ حيث كانت النباتات المخدرة تستخدم بشكل بدائي بطبيعة الحال مخدرا في ذلك الوقت للإجراءات الطبية المؤلمة وذلك قبل التوصل إلى التخدير بشكل كيميائي (البنج) في العصور الحديثة.
كلمة «مخدرات طبية» تعني العلاج بمواد كيميائية أشبه بالمواد الموجود في نبات القنب (الحشيش) ومشتقاته cannabidiols ومنها الماريجوانا وهي الأكثر استخداما في الولايات المتحدة.

* علاج طبي
وفي الآونة الأخيرة بدأ استخدام الماريجوانا الطبية medical marijuana، وذلك بعد أن لاقت قبولا متزايدا في الأوساط الطبية لعلاج بعض الأمراض العصبية والأمراض التي يوجد فيها اعتلال في الإدراك لدى الأطفال مثل التوحد، أو مرض فرط النشاط ونقص الانتباه (ADHD) لدى الأطفال، أو علاج بعض الأنواع من الصرع للأطفال والبالغين، على الرغم من أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال حذرت من الإفراط في العلاج بالمخدرات الطبية قبل إجراء مزيد من الدراسات على مدي جدوى العلاج بها وكذلك المخاطر المتوقع حدوثها جراء استخدامها. إلا أن كثيرا من الأطباء توسع في استخدامها بالفعل، وهناك جدل وانقسام كبير في الأوساط الطبية بين مؤيدين ومعارضين لاستخدامها.
وأشار تقرير صدر عن «مجلة نمو وسلوك الأطفال» Journal of Developmental & Behavioral Pediatrics في شهر فبراير (شباط) من العام الحالي، إلى الأعداد المتزايدة من الحالات الطبية التي يتم علاجها بالماريجوانا الطبية من دون الأخذ في الاعتبار عامل الأمان، وكذلك في ضوء نقص الدراسات الإكلينيكية حول تفوق العلاج بالمخدرات الطبية على الأنواع الأخرى من العلاجين الكيميائي أو النفسي لمثل هذه الحالات. فضلا عن أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى خطورة استخدام الماريجوانا على المخ أثناء فترة النمو لدى الأطفال من أجل تحسين الأعراض فقط وليس الشفاء من هذه الأمراض.
وتكمن المشكلة بالنسبة للأسر التي لديها أطفال مصابون بالتوحد على سبيل المثال في أن هؤلاء الأطفال لا يمكنهم التواصل مع الآخرين من خلال الحديث في الأغلب، ولذلك يلجأ هؤلاء الأطفال إلى تكرار حركات معينة أو الصياح بصوت عال أو التصفيق بشكل مزعج ومتكرر أو استخدام أدوات معينة لإحداث أصوات للفت النظر. وبطبيعة الحال، فإن هذه الأعراض تثير انزعاج الأسرة، ولذلك تلجأ إلى محاولة السيطرة على هذه التصرفات. وهناك أيضا توافر المعلومات الخاصة بأفضلية العلاج بالماريجوانا على شبكة الإنترنت (وهي معلومات غير مؤكدة طبيا) مما يجعل الأسر تعول بشكل كبير على هذه الطريقة.

* نتائج سيئة
وأشار التقرير أيضا إلى أن ازدياد العلاج بالماريجوانا راجع إلى تغير القوانين الخاصة بتعاطي الماريجوانا في الولايات المتحدة حيث سمحت بعض الولايات باستخدام نبات القنب cannabis ومشتقاته لأغراض طبية معينة، وهو الأمر الذي دفع بكثير من الأسر أو المراهقين للجوء إلى الأطباء ليتم وصف الماريجوانا لهم خاصة في ظل وجود بعض الدراسات التي تؤيد العلاج بالمخدرات الطبية بجرعات صغيرة. ولكن الأمر يمكن أن يحمل نتائج بالغة الخطورة مستقبلا، ومنها إمكانية إدمان تلك المواد المخدرة في سن مبكرة، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تلف بأنسجة المخ بدلا من علاجها، وأيضا يمكن أن يؤدي إلى خلل دائم في مراكز الإدراك، ويمكن أن يتسبب في بعض المشكلات النفسية والاجتماعية على حد سواء.. وبمرور الوقت يحدث انخفاض في معدلات الذكاء intelligence quotient وزيادة احتماليات القلق المرضي والاكتئاب والتفكير السلبي، وذلك لأن مخ المراهق يكون أكثر عرضة من البالغ للتأثير السيئ للمخدرات. وكلما بدأ استخدام هذه الأدوية في عمر مبكر، زادت فرص الأضرار التي تلحق بالمخ.
وعلى الرغم من أن هناك كثيرا من الدراسات التي تشير إلى فوائد المخدرات الطبية لدى البالغين، فإنه ليس هناك العدد الكافي من الدراسات حول فوائدها بالنسبة للأطفال، فضلا عن أن مجرد السيطرة على الأعراض في بعض الأمراض لا يبرر استخدام الماريجوانا خاصة لدى الأطفال الذين يعانون في الأساس من مشكلات في نمو المخ.
وحذر التقرير من الأصوات التي تنادي باستخدام الماريجوانا الطبية لدى الأطفال على الأقل في الوقت الراهن، بعد ازدياد أعداد المجموعات الطبية المؤيدة لهذه النوعية من العلاج على شبكة الإنترنت. وأشار التقرير إلى أن هذه المجموعات تبنت هذه الرؤية بعد مجموعات من الدراسات تم إجراؤها على حيوانات التجارب ولم يتم تجربتها بالشكل الكافي على الأطفال، أو تعتمد على تقارير طبية متفرقة وعلى مجموعات صغيرة، وأثبتت تحسنا في الحالة الإكلينيكية، وأن هذه الفوائد تكون في الأغلب للمواد الموجودة بجانب الماريجوانا في هذه الأدوية ومنها بعض الأدوية التي يمكن أن تستعمل في الصرع على سبيل المثال. ويتزامن هذا مع ازدياد رغبة الأطباء في استخدام الماريجوانا من أجل التوصل إلى تحسن سريع للأعراض.
وأشارت الدراسة إلى أنه في حالة ضرورة استخدام الماريجوانا (إذا كانت الأعراض بالغة الشدة وتحتاج إلى السيطرة عليها)، فإنه يجب أن تعطى بجرعات معينة محسوبة بعناية ولمدة قصيرة معروفة مسبقا؛ حيث إن الأدوية التي تشبه الماريجوانا تختلف في القوة والتأثير اختلافا كبيرا.

* استشاري طب الأطفال



«فوبيا الطعام»... أكثر رعباً مما تتخيل

يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)
يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)
TT

«فوبيا الطعام»... أكثر رعباً مما تتخيل

يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)
يقول المتخصص في الفوبيا كريستوفر بول جونز إن فوبيا الطعام هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة (رويترز)

تشعر كلير دي بالرعب من البرتقال، لا تستطيع لمسه، أو الاقتراب منه. تقول كلير البالغة من العمر 39 عاماً، وأم لطفلين: «ليست فقط الرائحة؛ بل الأمر كله: اللب والقشرة والفصوص. أبتعد عن البرتقال ومكوناته بأي ثمن».

تستطيع كلير الاستمتاع بالليمون، إلا أنها لا تستطيع تقشير البرتقال لأطفالها الذين تتراوح سنهم بين عامين وخمسة أعوام. وزملاؤها في العمل بشركة تكنولوجيا في لندن يعرفون أنهم لا يستطيعون الجلوس على مكاتبهم وتقشير البرتقال أمامها.

يقول موقع «إندبندنت» إن كلير لم تحب البرتقال أبداً؛ لكنها تعتقد أن خوفها المرضي (الفوبيا) منه، تعود لتجربة معينة في طفولتها؛ حيث عُرضت عليها قطعة برتقال في كيس بلاستيكي شفاف، بعد مباراة كرة الشبكة في صغرها، ما جعلها تشعر بالغثيان. وتضيف: «أعلم أنه غير منطقي؛ لكن ليست لدي نية للتخلص من فوبيا البرتقال. لكن الأمر صعب؛ خصوصاً في عيد الميلاد؛ حيث تكون فاكهة البرتقال في كل مكان».

فوبيا الطعام شائعة في جميع مجالات الحياة، فالممثلة آنا ماكسويل مارتن التي شاركت في مسلسل «Line of Duty» لا تستطيع تحمل وجود سندويتشات، أو مايونيز بجوارها.

وتعاني عارضة الأزياء كيندال جينر من فوبيا الثقوب الصغيرة، المعروفة باسم «تريبو فوبيا» مثل خلايا النحل. بينما يكره الممثل إيدي ريدماين البيض، ولا يستطيع حمله.

يقول المتخصص في الفوبيا، كريستوفر بول جونز، مؤلف كتاب «واجه مخاوفك: 7 خطوات للتغلب على الفوبيا والقلق»، إن فوبيا الطعام، المعروفة أيضاً باسم «سيبوفوبيا»، هي خوف أو قلق شديد يتم تحفيزه بواسطة أطعمة معينة، موضحاً: «وقد تحدث نتيجة مشاهدة نوع الطعام أو شم رائحته، أو حتى مجرد التفكير فيه».

ويرى جونز أن فوبيا الطعام غالباً ما تنبع من تجارب سلبية مبكرة تُعرف باسم «التكيف البافلوفي». ويمكن أن تشمل هذه التجارب السلبية: الاختناق، وردود الفعل التحسسية، أو الصدمة العاطفية المتعلقة بالطعام، مثل التعرض للإجبار في الصغر على الأكل، ثم الشعور بالمرض.

ويضيف جونز: «إذا تُركت هذه المخاوف دون علاج، يمكن أن تزيد مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى نظام غذائي مقيد بشدة يمكن أن يؤثر على صحة الشخص» المصاب بالفوبيا.

ويدَّعي جونز أنه من خلال كسر الاتصال الشعوري الذي يحفز الخوف، يمكنه حل معظم الفوبيات في جلسة واحدة إلى 4 جلسات. وأن نهجه متعدد الأبعاد يركز أكثر على التعامل مع جذور المشكلة مقارنة بالتنويم الإيحائي التقليدي.

وفقاً لخبير فوبيا الطعام فيليكس إكونوماكيس الذي يدير عيادة خاصة في لندن، فإن معظم الأشخاص الذين يعانون من فوبيا طعام شديدة سيأكلون عنصرين غذائيين فقط، مثل الدجاج والبطاطس المقلية. ومع ذلك، فقد عالج رجلاً لم يأكل سوى الخبز طوال حياته.

ويقول إكونوماكيس: «إذا اعتقد الدماغ أن الطعام يمثل خطراً، فإنه سيتجنبه؛ لكن الدماغ في الوقت نفسه يعرف أنه يحتاج إلى الطعام للبقاء على قيد الحياة، لذا سيختار ما يعده أكثر الأطعمة أماناً».

وأشار إلى أن فوبيا الطعام يمكن تشخيصها –على سبيل الخطأ- أنها فقدان الشهية العصبي، بينما هي في الواقع «عدم ثقة بالطعام. ويعاني المصابون من شعور بالخوف المرضي تجاه بعض الأطعمة؛ حيث ستبدأ أجسامهم بالرعشة، كما لو أنك وضعت عنكبوتاً» في يده.

مثلت كعكات الأرز مع الزبدة ومعجون المارميت الجزء الأكبر من نظام مارك (اسم مستعار) الغذائي لفترة طويلة. تقول والدته إنها وضعت الفيتامينات سراً تحت معجون المارميت في محاولة يائسة للحفاظ على صحته، عندما كان طفلاً. عند سن 16 عاماً، أضاف قطع الدجاج المقلي (الناغتس) والبطاطس المقلية إلى نظامه الغذائي.

ويقول مارك: «كنت أشعر بالقلق الشديد إذا كان عليَّ الذهاب إلى حفلة لأنني أشعر بالخجل؛ إذ كنت آكل فقط كعكات الأرز، 12 قطعة على الأقل يومياً».

وتابع: «لم يتم تشخيصي مطلقاً باضطراب. كنت أشعر بأنني مختلف ومعزول وخائف، ولدي قلق اجتماعي وقليل من الاكتئاب».

ويشير موقع «إندبندنت» إلى أن مارك لا يزال انتقائي للغاية بشأن الطعام؛ لكن منذ التحاقه بالجامعة دفع نفسه لتجربة العصائر؛ حيث من الأسهل تجربة المشروبات عن الأطعمة الصلبة. ويؤكد: «لا تزال كعكات الأرز طعامي الآمن. فكرة تجربة أطعمة مختلفة مخيفة جداً».

تُرجع والدة مارك فوبيا الطعام لديه، إما إلى صدمة عندما اختنق بالطعام وهو طفل، وإما لغضب عاملة الحضانة منه عندما اتسخ بالطعام.

وتقول المعالجة النفسية كيري جونز، إن فوبيا الطعام أقل شيوعاً بعض الشيء مقارنة بأنواع أخرى من اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية والشره المرضي أو اضطراب الشراهة عند تناول الطعام؛ لكنها لا تزال تؤثر على عدد كبير من الأشخاص.

وتميل هيئة الخدمات الصحية البريطانية إلى تقديم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج القائم على الأسرة لعلاج فوبيا الطعام. وتشمل التقنيات الأخرى المستخدمة «سلسلة الطعام»؛ حيث يتم إنشاء «سلاسل» بين الأطعمة التي يتناولها المصابون بفوبيا الطعام بالفعل والأطعمة الجديدة التي تشبهها في الطعم أو اللون أو القوام.