شباب إيرانيون يسعون للهجرة: هل يوجد مستقبل لنا هنا؟

شباب إيرانيون يسعون للهجرة: هل يوجد مستقبل لنا هنا؟
TT

شباب إيرانيون يسعون للهجرة: هل يوجد مستقبل لنا هنا؟

شباب إيرانيون يسعون للهجرة: هل يوجد مستقبل لنا هنا؟

كشف تقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز» عن وضع الشباب في إيران، وعن ارتفاع معدل الطلاق، وعن انخفاض معدلات الخصوبة هناك، وعن تأجيل كثير من الشباب حفلات الزفاف، وبحثهم عن طرق لمغادرة البلاد في مواجهة الركود الاقتصادي والسياسي.
وذكر التقرير أمثلة لمعاناة الشباب؛ منهم أمير، طالب الماجستير في الهندسة بجامعة طهران، الذي فكر في دخول مجال التسويق الرقمي، لكنه قلق من أن الحكومة الإيرانية قد تقيد تطبيق «إنستغرام»، وفكر في تأسيس شركة؛ لكنه توقع أن العقوبات الأميركية والتضخم الهائل يمكن يعوقا مشروعه.
وقال أمير؛ الذي لم يذكر اسمه الحقيقي في البداية، إنه في كل مرة حاول فيها التخطيط، كان يبدو عديم الجدوى، وإنه كان «يخشى المستقبل» في بلاده ويريد المغادرة بعد التخرج.
وأضاف: «أنا شخص يبلغ من العمر 24 عاماً، ولا يمكنني تخيل حياتي عندما أبلغ 45 عاماً». وتابع: «لا يمكنني تخيل مستقبل جيد لنفسي أو لبلدي، كل يوم أفكر في المغادرة. وفي كل يوم أفكر؛ إذا غادرت بلدي: ماذا سيحدث لعائلتي؟».
وتابع أنه «بعد سنوات من العقوبات وسوء الإدارة والوباء، من السهل وضع أرقام للصراعات الاقتصادية الإيرانية. فمنذ عام 2018؛ تضاعف العديد من الأسعار، وانزلقت مستويات المعيشة، وانتشر الفقر، خصوصاً بين الريفيين الإيرانيين».
ولكن لا توجد إحصائية عن حالة عدم اليقين لدى الطبقة المتوسطة من الإيرانيين وتطلعاتهم المضغوطة على نحو متزايد. وأفضل طريقة لقياس مزاجهم السيئ هي أن يقارنوا بالمراحل الماضي؛ في الاندفاع لمغادرة البلاد بعد التخرج، والزيجات المتأخرة، وانخفاض معدلات المواليد.
أشار التقرير إلى انخفاض الريال الإيراني من نحو 43 ألفاً للدولار في يناير (كانون الثاني) 2018، إلى نحو 277 ألفاً هذا الأسبوع، وهو انخفاض أجبر الحكومة العام الماضي على إدخال وحدة جديدة (التومان) للتعامل النقدي، لخفض 4 أصفار من الأوراق النقدية. لكن كل شيء؛ من الإيجارات إلى أسعار الملابس، يعتمد على الدولار؛ لأن معظم المواد الخام مستوردة.
وفي عام 2020، ارتفعت النسبة المئوية للإيرانيين الذين يعيشون على ما يعادل أقل من 5.60 دولار أميركي في اليوم، إلى 13 في المائة، ووفقاً لتحليل أجراه جواد صالحي أصفهاني، الخبير الاقتصادي في «فرجينيا تك»؛ كان الوضع أسوأ في المناطق الريفية، حيث يعيش نحو ربع السكان في فقر.
وعلى نحو متزايد، شعرت الطبقة الوسطى في إيران بالضغط. فمثلاً؛ كلف هاتف أريافار الذكي الجديد 70 في المائة من دخله الشهري. وقال: «من الصعب أن تنجح وتتطور في إيران، لذا ربما يكون هذا هو خياري الوحيد، السفر إلى الخارج».
ولفت التقرير إلى أن السلطات الإيرانية أعلنت عن حل لأزمة الزواج والولادة في إيران عن طريق تطبيق «مواعدة» معتمد من الدولة، في يوليو (تموز) الماضي، لكن بالنسبة للشباب الإيراني، فإن السلطات ترغب في تكوين أسر.
مع ارتفاع سعر الذهب بمقدار 10 أضعاف، وفقاً لتقديرات صائغي المجوهرات، في السنوات القليلة الماضية، اختار مزيد من الأزواج مجوهرات الأزياء «المقلدة». ويتزوج البعض الآخر في احتفالات صغيرة، لكي يتسنى لهم ادخار بعض المال حتى يغادروا البلد. والبعض يؤجل الزواج إلى الثلاثينات من العمر.
وأوضح التقرير أن معدل الخصوبة انخفض في إيران بنحو 30 في المائة من عام 2005 إلى عام 2020، بمعدل 1.8 طفل لكل امرأة في عام 2020.
يشعر الآباء المحتملون بالقلق من احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات، وحتى الحرب. لا أحد يعرف ما إذا كان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، سيحد من الحريات الاجتماعية القليلة التي نالها الإيرانيون، مثل الموسيقى الغربية التي تنبض في العديد من المقاهي، أو حتى الوشم الذي يتسلل إلى أذرع الشباب، كما يتساءل الشباب الإيراني: هل سيصبح الاقتصاد يوماً ما قوياً بما يكفي ليمنح الطفل حياة كريمة؟



«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة، وتحذيرات غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضع مهلة تمتد إلى نحو 50 يوماً لإبرام صفقة للرهائن «وإلا سيدفع الشرق الأوسط ثمناً باهظاً»، وتأكيد مصر على استمرارها في العمل «بلا هوادة» لوقف دائم لإطلاق النار.

تلك التطورات التي صاحبها إعلان «حماس» عن مقتل وفقْد 33 أسيراً لديها، يشي بحسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، بأن «هناك اتفاقاً يكون قريباً، وأن كل طرف يستعد لمشهد اليوم التالي من الحرب ويمارس حالياً أقصى الضغوط لنيل مكاسب ولو إعلامية»، متوقعين أن «تساعد المهلة الانفعالية التي وضعها ترمب، فريق الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن».

وكشف مصدر فلسطيني مطلع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، عن أن «حركتي (فتح) و(حماس) اتفقتا بشكل مبدئي عقب سلسلة اجتماعات بالقاهرة، على تشكيل لجنة تحمل اسم الإسناد المجتمعي ستكون معنية بإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب».

فلسطيني يسير بجوار الأنقاض وهو يحمل كيساً من الدقيق في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

وتشير معلومات المصدر الفلسطيني إلى أن الجولة الثالثة بين الحركتين بالقاهرة بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، «نجحت في التوصل لاتفاق مبدئي على تشكيل تلك اللجنة ولا يعني عدم التوقيع عليها فشلها»، مضيفاً: «الكرة الآن في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمنح موافقة مبدئية على مسودتها المتفق عليها على أن يعود الأمر للقاهرة مرة ثانية ويعرض في اجتماع للفصائل، سيليها بعد التشاور صدور مرسوم نهائي بأعضاء اللجنة ومهامها تفصيلاً».

وستشكل اللجنة «حسب الاتفاق المبدئي من تكنوقراط دون تبعية لـ(حماس) أو (فتح)، وستُدمج كل القطاعات الحكومية بالقطاع داخل نظامها الإداري بدءاً من الشرطة والوزارات وغيرهما وصولاً لتسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدارته»، وفق المصدر ذاته.

ويوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن لجنة الإسناد المجتمعي فكرة مصرية تقوم على عناصر مستقلة تدير غزة لقطع أي ذرائع إسرائيلية تعارض عودة «حماس» لإدارة القطاع، لافتاً إلى أن المعلومات الأولية التي لم تؤكدها القاهرة بشأن حدوث اتفاق بين الحركتين، وأنهما لن يكونا بالإدارة أو الواجهة، ستعزز الموقف الفلسطيني في مسار اليوم التالي من الحرب والتوصل لاتفاق هدنة قريب.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن تلك الفكرة المصرية يمكن وصفها بأنها خارج الصندوق ومتميزة، معتقداً أنها «تسير بشكل إيجابي، لمواجهة أزمة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على عدم بقاء (حماس) بالسلطة».

ويعتقد أن «الموافقة تأتي في توقيت مهم وقد تساعد في التوصل لهدنة قريبة وتسهل مهام تسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن موقف «حماس» يؤكد أن الأمور تسير بشكل إيجابي، وأن الحركة تفهمت استحالة بقائها بالحكم في غزة، وأنها تريد فقط حفظ ماء الوجه وبالتالي قبولها الاتفاق بعد جولات من التفاهمات منطقي وسيدخل حيز التنفيذ.

وجاء التوصل لاتفاق مبدئي بشان إدارة غزة، غداة تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

وعبر منصته «تروث سوشال»، قال ترمب: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي رئيساً للولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم سيدفع في الشرق الأوسط ثمنه الباهظ، وأولئك المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية»، وفق «سي إن إن» الأميركية.

ورحب نتنياهو في فيديو قصير باللغة الإنجليزية خلال اجتماع حكومي ونشره مكتبه الثلاثاء بموقف ترمب، وقال إنه «موقف قوي ويضيف قوة أخرى إلى جهودنا المستمرة للإفراج عن جميع الرهائن».

وبحسب «سي إن إن»، «تم احتجاز أكثر من 250 شخصاً رهائن، في 7 أكتوبر 2023، وتم إنقاذ عدد قليل من الرهائن منذ ذلك الحين وفي نوفمبر 2023 تم إطلاق سراح أكثر من 100 شخص جزءاً من صفقة قصيرة الأمد لوقف إطلاق النار».

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن «نحو 101 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، ويُعتقد أن ما لا يقل عن 34 من الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر لقوا حتفهم»، وفق المصدر ذاته.

وتتفق تلك التقديرات الأميركية بشأن مقتل الرهائن، مع ما أعلنته «حماس» الاثنين، عبر مقطع فيديو مصور نشرته الحركة يكشف عن أن «33 أسيراً إسرائيلياً قُتلوا وفُقدت آثار بعضهم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، مخاطباً ذوي الرهائن بالقول: «مقتل بعض الأسرى وفقدان بعضهم كان بسبب المجرم نتنياهو وجيشه الفاشي وباستمرار حربكم المجنونة قد تفقدون أسراكم إلى الأبد، افعلوا ما يجب عليكم فعله قبل فوات الأوان».

ويرى السفير رخا، أن تصريحات ترمب «انفعالية»، نتيجة «متابعته فيديو لأسير أميركي - إسرائيلي صدر قبل أيام، وتأتي في ظل جهد دولي يسعى لمحاولة وقف إطلاق النار في غزة وفتح المعابر»، لافتاً إلى أنها قد تشكّل ضغطاً على نتنياهو للقبول بالاتفاق، خصوصاً وأنه يعلم أنه قد تتم التضحية به في أي مرحلة مستقبلية حال استمر بالمراوغة.

وباعتقاد الرقب، فإن «تهديد ترمب للمنطقة من باب الضغط على المفاوضات التي تتم حالياً وقد تصل لاتفاق قريب، وهذا أسلوب يكشف عن أن الرئيس القادم سيسكب وقوداً مع كل أزمات المنطقة لحلها»، لافتاً إلى أن تجاوب نتنياهو معه متوقع.

تلك المفاوضات كشف عنها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي في تصريحات بمؤتمر صحافي، الاثنين، قائلاً إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

وكشف عبد العاطي، عن أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى بـ(اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

ويعتقد السفير رخا، أن الجهود المصرية قد تكلل بنجاح في هذه المرة خصوصاً وهناك احتمال كبير أن يتم اتفاق الهدنة قبل وصول ترمب للسلطة. وبرأي الرقب، فإن «القاهرة تبذل جهوداً كبيراً في إنهاء ملفات عالقة سواء بدعم تشكيل اللجنة أو التوصل لاتفاق هدنة، والكرة الآن في ملعب نتنياهو لحسم التوصل لاتفاق كما يرغب ترمب قبل وصوله، وأيضاً في ملعب أبو مازن لاعتماد مسودة الاتفاق بعد مشاورات الفصائل وتسويقه عربياً ودولياً لضمان نجاحه».