لماذا نشعر بالتعب طوال الوقت؟ وكيف نتجنبه؟

الأمر يزداد سوءاً عندما نستبدل شوقنا للإثارة بالقلق الذي له تأثير مختلف على المدى الطويل (أرشيفية - رويترز)
الأمر يزداد سوءاً عندما نستبدل شوقنا للإثارة بالقلق الذي له تأثير مختلف على المدى الطويل (أرشيفية - رويترز)
TT

لماذا نشعر بالتعب طوال الوقت؟ وكيف نتجنبه؟

الأمر يزداد سوءاً عندما نستبدل شوقنا للإثارة بالقلق الذي له تأثير مختلف على المدى الطويل (أرشيفية - رويترز)
الأمر يزداد سوءاً عندما نستبدل شوقنا للإثارة بالقلق الذي له تأثير مختلف على المدى الطويل (أرشيفية - رويترز)

منذ أكثر من شهر، بدأ براد ستولبرغ بالشعور بالتعب أكثر من المعتاد. كل شيء تقريباً في حياته - من النهوض من الفراش إلى ممارسة الرياضة إلى الكتابة والتدريب والقراءة - أصبح يتطلب قدراً كبيراً من الطاقة.
وقال الباحث والكاتب ومدرب الأداء والرفاهية: «كل هذه الأنشطة عادة ما تكون سلسة، أما الآن، فتحولت إلى مشقة. لم أكن مكتئباً أو حزيناً بشكل خاص. ولم يكن لدي شعور بالركود أو الفراغ المرتبط بالضعف. كنت ببساطة متعبا»، وفقاً لتقرير لمجلة «تايم».
وأوضح ستولبرغ أنه لم يشعر بذلك لوحده، وتابع: «بدأت في مشاركة هذه المشاعر مع الأصدقاء والزملاء والجيران، وقد أبلغ العديد منهم أيضاً عن شعور مماثل بالإرهاق».
وقالت ليندا، امرأة تبلغ من العمر 40 عاماً: «أنام جيداً وأتناول طعاماً شهياً ولا أتنقل إلى العمل أو أشعر بالقلق بشأن ارتداء ملابسي في الصباح، ومع ذلك ما زلت متعبة بشكل شديد».
أما مارك، وهو صديق مقرب من ستولبرغ، فقال: «أنا متعب للغاية دائماً... لأول مرة في حياتي، أجد صعوبة في الاستيقاظ صباحاً».
وأشار ستولبرغ إلى أن «هذه النضالات ليست جديدة. لقد كانت موضوعاً مشتركاً على مدار السنوات الثلاث الماضية لدى تأليف كتابي (براكتيسينغ غراونديدنس)».
هناك، بالطبع، العديد من الأسباب لإرهاقنا الجماعي: جائحة «كورونا»، واضطراب اجتماعي وتراجع ديمقراطي - على سبيل المثال لا الحصر. ولكن حتى فيما وراء هذه الدوافع الواضحة، يعتقد ستولبرغ أن هناك شيئاً آخر يحدث، وقال: «نحن نستبدل الإثارة بالقلق. هذه الظاهرة خفية وماكرة».
حتى الأشخاص الأكثر هدوءاً واتزاناً يستفيدون على الأقل من بعض فترات الإثارة، حيث يزدهر البشر بدرجة معينة من الحركة في حياتهم. لقد أدى الوباء، إلى حد كبير، للتخلص من نوبات الإثارة المتقطعة هذه.
فمثلاً، أصبحت نشاطات كحضور الحفلات الموسيقية والأحداث الرياضية والأفلام وحتى الذهاب إلى المطاعم (ناهيك عن قضاء إجازة مناسبة) ليست بالأمر السهل كما كانت من قبل. بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين لديهم أطفال أصغر من أن يتم تطعيمهم، لا تزال هذه الأنشطة محظورة.
ويمثل النقص المزمن في الإثارة تحدياً كافياً في حد ذاته. لكن الأمر يزداد سوءاً عندما نستبدل شوقنا للإثارة بالقلق، والذي له تأثير مختلف على المدى الطويل، بحسب ستولبرغ. وقال إن الحل يتطلب ثلاث خطوات. أولاً، يجب أن نتوقف عن استبدال القلق برغبتنا في الإثارة.
وتابع ستولبرغ: «ثانياً، نحن بحاجة إلى بذل كل ما في وسعنا لإدخال بعض الإثارة الإيجابية إلى حياتنا بطريقة نشعر فيها بالأمان». وأضاف: «وبينما يستفيد الإرهاق الجسدي غالباً من الراحة، فإن الإرهاق النفسي - غالباً ما يستفيد أكثر من الحركة. بعبارة أخرى، لست بحاجة إلى الشعور بالرضا للمضي قدماً، بل يجب أن تبدأ في منح نفسك فرصة للشعور ببعض الإيجابية».
وأشار ستولبرغ إلى أنه يجب أن نتحلى بالصبر أيضاً. الأمور بالكاد أصبحت طبيعية، والتظاهر بخلاف ذلك يعتبر أمراً سخيفاً. رغم أن الأمر قد يبدو كذلك، فإن وضعنا الحالي لن يستمر إلى الأبد. وتابع: «قد يكون هذا الشتاء طويلاً، لكنه مجرد فصل - والفصول تتغير دائماً».


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.