أول ظهور لدنيا سمير غانم يجدد الأحزان على وفاة والديها

تلقت تكريماً للراحلين من «القومي للمسرح»

الفنانة دنيا سمير غانم خلال ظهورها الأول بعد وفاة والديها
الفنانة دنيا سمير غانم خلال ظهورها الأول بعد وفاة والديها
TT

أول ظهور لدنيا سمير غانم يجدد الأحزان على وفاة والديها

الفنانة دنيا سمير غانم خلال ظهورها الأول بعد وفاة والديها
الفنانة دنيا سمير غانم خلال ظهورها الأول بعد وفاة والديها

جدد أول ظهور عام للفنانة دنيا سمير غانم منذ وفاة والديها في الآونة الأخيرة، الأحزان بمصر، بعدما تم تداول صور لها ومقاطع فيديو لكلمتها الباكية خلال افتتاح الدورة الـ14 من المهرجان القومي للمسرح، مساء أول من أمس، حيث كُرم اسم الفنان الراحل سمير غانم، وزوجته الفنانة الراحلة دلال عبد العزيز، معربة عن سعادتها بهذا التكريم، وشكرها لكل من قدم لهم الدعم والمساعدة خلال الفترة الماضية.
وأعاد هذا المشهد للأذهان لحظة ظهور الفنانتين دنيا وإيمي سمير غانم في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2017، ليقدما له درع تكريم المهرجان في لفتة إنسانية رائعة، لم تستطع دلال عبد العزيز وقتها حبس دموعها، خصوصاً بعد تألق دنيا وإيمي سينمائياً وتلفزيونياً، وتأكيد موهبتهما الفنية.
ورغم اعتذار دنيا وإيمي عن الذهاب إلى مهرجانات فنية عدة، وجهت لهما الدعوة لحضور تكريم والديهما بعد وفاتهما، فإن دنيا ظهرت للمرة الأولى منذ وفاة والدتها أمام كاميرات المصورين على خشبة المسرح القومي للمسرح، وأعزاه متابعون إلى «أهمية وثقل المهرجان».
ويحتفي المهرجان هذا العام بـ«الكاتب المسرحي المصري» وبإسهاماته الفنية تحديداً كتاب المسرح من الرواد. ويشارك في الدورة الـ14 من المهرجان 33 عرضاً مسرحياً مصرياً، 60 في المائة من نصوصها لكتاب مصريين، وأشار إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح، في كلمته الافتتاحية، إلى قيمة الكاتب وعطائه الفني الذي لا ينضب، وأن فن المسرح سيظل فن المواجهة الأول مع الجمهور.
وتحرص اللجنة المنظمة للمهرجان على مواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة، حيث تم إنشاء تطبيق يُضاف للهواتف المحمولة لمتابعة فعاليات المهرجان، سواء الورش أو الندوات أو العروض، وكذلك النشرة الفنية اليومية للمهرجان، بالإضافة لخريطة المسارح التي تقدم الفعاليات، وذلك بعد إنشاء موقع إلكتروني للمهرجان العام الماضي، ليكون نافذة لمتابعي فعاليات المهرجان، حسب الفنان يوسف إسماعيل رئيس المهرجان، الذي يضيف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية الندوات والورش الفنية ستركز على أهمية الكاتب المصري، كما استحدثت ورشة الإخراج.
وأكد إسماعيل: «عدم مشاركة مسرح الطفل في الدورة الحالية، رغم تقدم 5 أعمال للجنة المشاهدة، لكنها كانت دون المستوى»، على حد تعبيره. وأوضح أن «العروض المشاركة تقدم في 16 مسرحاً داخل نطاق القاهرة الكبرى، على أن يجري اختيار 3 عروض لتجوب محافظات ونجوع وقرى مصر ضمن مبادرة مسرح (المواجهة والتجوال)».
ويشارك البيت الفني للمسرح بـ5 عروض مسرحية هي «فريدة، وأحدب نوتردام، وقاع، وجنة هنا، وdogs))»، وتشارك الهيئة العامة لقصور الثقافة بـ5 عروض هي «آه كارميلا، والظل، والنداهة، ومهاجر برسبان، وكيفين»، ويشارك مسرح الهناجر بعرضي «المسيرة الوهمية، وديجافو»؛ أما صندوق التنمية الثقافية فيشارك في هذه الدورة بـ3 عروض (مشعلو الحرائق، ولا حقيقة عن بوابة راشمون، ولكنها تدور)؛ فيما تشارك دار الأوبرا بعرض «إيزيس» ويشارك البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية بعرضي «تغريبه بنت الزيات، وكهف رام»، أما المسرح المستقل فيشارك بـ5 عروض هي «هنا القاهرة، والتجربة الدانمركية، ووفاة بائع متجول، واسمي أوسكار، ومسيرة في الغابة». وتشارك النقابات ومنظمات المجتمع المدني بعرض واحد وهو «ملحمة السويس»، وتشارك وزارة الشباب والرياضة بعرضي «أحداث لا تمت للواقع بصلة، والجانب الآخر»، أما البنوك والشركات فتقدم عرض «الصندوق الأسود».
من جهتها، أعلنت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، خلال كلمتها في افتتاح المهرجان، عن زيادة القيمة المالية لجوائز المهرجان بنسبة 50 في المائة، على أن تُضاعف في الدورات المقبلة تقديراً لدور المسرحيين.
وشهد تكريم بعض النجوم الراحلين والحاليين مواقف مؤثرة ومفعمة بالشجن، حيث كُرم اسم الفنان الراحل عبد الله غيث، وتسلم الجائزة نجله الحسيني، كما كرم الفنان سامي مغاوري، الذي بكى أثناء إلقاء كلمته بعد تسلمه درع التكريم، فيما اعتذر الفنان فاروق فلوكس، عن اختياره اسم «فلوكس» كاسم فني بدلاً من اسم والده توفيق صالح حسب، وكرم المهرجان كذلك الفنان أشرف عبد الغفور، والشاعر والكاتب المسرحي بهيج إسماعيل، والفنانة إلهام شاهين، والناقدة آمال بكير.
يشار إلى أن الدورة الماضية التي أقيمت في عام 2020، وحملت عنوان «الآباء... 150 سنة مسرح»، انطلقت وسط إجراءات احترازية مشددة بسبب انتشار فيروس كورونا، وقدمت العروض من دون جمهور، وقلصت فعاليات الدورة، وعُدل جدول عروضها، فيما اقتصر حفل الختام على توزيع الجوائز وكلمة لرئيس المهرجان بحضور الفائزين.
وشهدت كذلك تقديم توصيات عدة، كان في مقدمتها الاهتمام بتقديم المؤلف المسرحي المصري لتقديم أعمال مصرية خالصة، وتحديد زمن العرض، بحيث لا يقل عن نصف ساعة ولا يزيد عن ساعة ونصف الساعة، وإتاحة الفرصة لعرض أعمال قصور وبيوت الثقافة بالمحافظات، والجامعات والمعاهد العليا، مع التوسع في دعم فرق مسرح الهواة والفرق المستقلة مادياً وأدبياً.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».