ماكرون يطالب أوروبا بـ«الكف عن السذاجة»

بعد التوقيع على اتفاق دفاعي مع اليونان

TT

ماكرون يطالب أوروبا بـ«الكف عن السذاجة»

قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس (الثلاثاء)، إنه يتعين على أوروبا «الكف عن السذاجة» عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحها وبناء قدراتها العسكرية الخاصة، وذلك بعد أن أبرمت اليونان صفقة لشراء فرقاطات فرنسية تبلغ قيمتها نحو 3 مليارات يورو (3.51 مليار دولار).
ودخلت فرنسا في أزمة دبلوماسية لم يسبق لها مثيل مع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا في وقت سابق من هذا الشهر بسبب اتفاق أمني نووي ثلاثي أدى إلى تراجع كانبيرا عن عقد لشراء غواصات فرنسية التصميم بمليارات الدولارات. ودفع هذا الأمر باريس إلى إعادة النظر في تحالفاتها التقليدية.
وفي حديثه لأول مرة عن هذه القضية، انتهز ماكرون اليوم الفرصة للحث على تعزيز اعتماد أوروبا على ذاتها، مع سعي واشنطن حثيثاً إلى توجيه مصالحها تجاه الصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادي. وقال الرئيس الفرنسي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس: «يجب أن يتوقف الأوروبيون عن السذاجة. عندما نتعرض لضغوط من القوى، التي في بعض الأحيان تشدد مواقفها، نحتاج إلى الرد، وإظهار أن لدينا القوة والقدرة على الدفاع عن أنفسنا؛ ليس تصعيداً للأمور، ولكن حماية لأنفسنا».
وأضاف ماكرون: «هذا ليس بديلاً عن التحالف مع الولايات المتحدة، ولكن لتحمل مسؤولية الركيزة الأوروبية داخل حلف شمال الأطلسي، واستخلاص النتائج بأننا مطالبون بالاهتمام بحماية أنفسنا».
وقال مصدر بالحكومة اليونانية لـ«رويترز» إنه بموجب اتفاق اليوم (أمس)، وافقت أثينا على شراء 3 فرقاطات جديدة، مع إتاحة خيار لشراء فرقاطة رابعة، بنحو 3 مليارات يورو.
ويأتي الاتفاق، وهو ضمن اتفاق تعاون عسكري ودفاعي استراتيجي أوسع، بعد أن طلبت أثينا بالفعل نحو 24 طائرة مقاتلة رافال من شركة «داسو» هذا العام، مما يجعلها أول دولة في الاتحاد الأوروبي تشتري الطائرة المقاتلة. وقال ميتسوتاكيس: «هذا سيجعل الروابط بيننا تمتد لعقود... ويفتح الباب لأوروبا القوية المستقلة القادرة على الدفاع عن مصالحها في المستقبل». ولدى سؤاله عما إذا كانت هذه الصفقة تنطوي على خطر إثارة التوتر في شرق البحر المتوسط، قال ماكرون إن الاتفاق لا يستهدف دولة على وجه التحديد، وإنما يركز على اليونان لوجوب حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وأضاف ماكرون، في إشارة إلى الإجراءات التركية في المنطقة: «لا أعتقد أن اليونان في صيف 2020 كانت تتجه إلى القتال في شرق البحر المتوسط»، وتابع: «بصفتنا أوروبيين، من واجبنا إبداء التضامن مع الدول الأعضاء. ومن المشروع أن نلتزم بتجهيزها حتى تتمكن من ضمان سلامة أراضيها، وأن نلتزم بالتعاون لحمايتها في حالة تعرضها لهجوم أو اعتداء».
ومن جهة أخرى، رشق طالب فرنسي يبلغ من العمر 19 عاماً الرئيس إيمانويل ماكرون ببيضة لدى افتتاحه في مدينة ليون، يوم الاثنين، المعرض الدولي للمطاعم. والطالب الذي كان يقف على مقربة من رئيس الدولة نجح في إصابة هدفه، إذ سقطت البيضة على كتف ماكرون، لكنها لم تنكسر عليه، بل ارتدت عنه وسقطت أرضاً، في حين سارعت الشرطة إلى إلقاء القبض على المهاجم وتوقيفه. وأكد القضاء الفرنسي أن الشاب «مجهول تماماً من قبل أجهزة الشرطة والقضاء».
وتعليقاً على الواقعة، قال ماكرون: «إذا كان لديه ما يقوله لي، فليأتِ إليّ»، طالباً رؤية مهاجمه. وأضاف: «سأذهب لرؤيته لاحقاً».
وتشهد شعبية ماكرون تراجعاً، إذ تظهر استطلاعات الرأي أنّ 38 في المائة فقط من الفرنسيين راضون عن أدائه، مقابل 59 في المائة غير راضين. لكن هذه النسبة المتدنية تبقى أعلى بكثير من الشعبية التي كان يتمتع بها سلفه فرنسوا هولاند (22 في المائة) في الفترة نفسها من ولايته. كما أنها أعلى قليلاً من تلك التي حاز عليها في الفترة نفسها من ولايته سلف هولاند، الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي (36 في المائة).
ووقع الحادث خلال تجول ماكرون بين أجنحة «المعرض الدولي للمطاعم والفنادق والطعام» الذي انطلقت فعالياته في مدينة ليون. وخلال تجول ماكرون في المعرض، شكره أرباب المهنة بحرارة على المساعدات التي قدمتها حكومته لهذا القطاع خلال أزمة جائحة «كوفيد - 19». كما شكروه على عزمه إقرار إعفاء ضريبي عن الإكراميات غير النقدية؛ أي التي يدفعها الزبائن عبر البطاقات المصرفية.
وفي 8 يونيو (حزيران)، تعرض ماكرون لصفعة على وجهه من قبل رجل خلال زيارة إلى جنوب فرنسا، في حادث أثار استنكاراً عارماً في صفوف الطبقة السياسية. وأوقف المهاجم يومها، وحُكم عليه بالسجن 4 أشهر نافذة، وأطلق سراحه في 21 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وفي مارس (آذار) 2017، حين كان ماكرون لا يزال مرشحاً للانتخابات الرئاسية، تعرض للرشق بالبيض في أثناء زيارته المعرض الزراعي في باريس، في حادث وصفه يومها بأنه «جزء من التراث الشعبي».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».