تحليل: صدمة نفطية وشيكة تضرب العالم

جراء الاستثمار بالطاقة الخضراء على حساب مشروعات التنقيب والاستخراج

محللون يتوقعون أن الطلب العالمي على النفط لن يصل إلى ذروته حتى العقد المقبل (أرشيفية - رويترز)
محللون يتوقعون أن الطلب العالمي على النفط لن يصل إلى ذروته حتى العقد المقبل (أرشيفية - رويترز)
TT

تحليل: صدمة نفطية وشيكة تضرب العالم

محللون يتوقعون أن الطلب العالمي على النفط لن يصل إلى ذروته حتى العقد المقبل (أرشيفية - رويترز)
محللون يتوقعون أن الطلب العالمي على النفط لن يصل إلى ذروته حتى العقد المقبل (أرشيفية - رويترز)

رغم الارتفاعات الأخيرة لأسعار النفط في الأسواق العالمية منذ بداية العام الحالي، لا يبدو أن مسيرة الارتفاع وصلت إلى نهايتها، حيث يتوقع أغلب المراقبين استمرار الارتفاع ومواجهة العالم لصدمة وشيكة نتيجة نقص الإمدادات، مقابل زيادة الطلب على الخام، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وبحسب التحليل الذي كتبته شارون تشو المتخصصة في شؤون الطاقة، وسكيت سوندريا المحرر الاقتصادي في وكالة «بلومبرغ» للأنباء، فإن سوق النفط العالمية تتجه نحو صدمة إمدادات، مع تراجع استثمارات شركات الطاقة العالمية في مشروعات إنتاج الوقود الأحفوري وتزايد الاتجاه نحو الطاقة النظيفة. كما يرى بعض المحللين أن الطلب العالمي على النفط لن يصل إلى ذروته حتى العقد المقبل.
وقال غريغ هيل مدير التشغيل في شركة «هيس كورب» خلال مشاركته في منتدى «بلاتس أبيك 2021» بسنغافورة، إن إجمالي قيمة استثمارات شركات النفط العالمية في مشروعات التنقيب والاستخراج تراجعت إلى نحو 300 مليار دولار، أي أقل من نصف إجمالي الاستثمارات السنوية قبل تفشي جائحة فيروس «كورونا» المستجد، والتي كانت 650 مليار دولار.
وتواجه شركات الطاقة دعوات متزايدة من جانب المساهمين والحكومات لزيادة إنفاقها على الطاقة النظيفة والتركيز على مستقبل أقل اعتماداً على الوقود الأحفوري.
من ناحيته، قال سعد رحيم كبير المحللين الاقتصاديين في مجموعة «ترافيجورا غروب» العالمية لتجارة السلع خلال مشاركته في المنتدى نفسه الذي انطلق أمس بسنغافورة، إن «صناعة النفط ككل عالقة بين حتميات الاستثمار المتباينة... بالنسبة للمستقبل القريب، من المحتمل استمرار حاجة العالم لأكثر من 90 مليون برميل يومياً، ليكون السؤال هو: كيف يمكن إيجاد الاستثمارات المطلوبة حتى يتم إنتاج هذه الكمية» من الخام.
وأضاف رحيم أن صناعة النفط تعاني من «نقص استثمارات هيكلي» وعدم كفاية الإنفاق الرأسمالي منذ تفجر الأزمة المالية العالمية في الربع الأخير من 2008.
يذكر أن أسعار النفط ارتفعت خلال العام الحالي بأكثر من 50 في المائة، مع اتساع نطاق برامج التطعيم ضد فيروس «كورونا» المستجد، ما سمح لكثير من دول العالم بتخفيف القيود على الحركة التي سبق فرضها لمنع انتشار الفيروس.
في الوقت نفسه، تراجعت المخزونات العالمية من النفط الخام والوقود إلى مستويات ما قبل الجائحة، ليرتفع سعر خام برنت القياسي للأسواق العالمية إلى نحو 80 دولاراً للبرميل، رغم تباطؤ النشاط الاقتصادي للصين وتراجع الإنفاق نتيجة للقيود المحلية.
من ناحيته، قال جيوفاني سيريو رئيس إدارة تحليل الأسواق العالمية في مجموعة «فيتول غروب» السويدية للطاقة، إن الارتفاع في أسعار النفط العالمية يتركز غالباً على العقود الفورية، في حين ما زال المستوى النهائي لمنحنى أسعار العقود الآجلة منخفضاً نسبياً.
وقد أدى ذلك إلى تراجع تدفق الاستثمارات المالية نحو المشروعات طويلة الأجل، والمعروفة أيضاً باسم المشروعات العملاقة، التي تتضمن ضخ كميات أكبر من الاستثمارات والمخاطر مع مردود يأتي على مدى طويل. في الوقت نفسه، فإن مشروعات الزيت الصخري في الولايات المتحدة التي يمكن أن تندرج في فئة المشروعات قصيرة الأجل، أظهرت انضباطاً في زيادة العرض رغم ارتفاع الأسعار.
ومن المنتظر استمرار ارتفاع الأسعار في ظل عدم قدرة الإمدادات على تلبية الزيادة السريعة في الطلب، بحسب بن لوكوك الرئيس المشارك لقطاع تجارة النفط في مجموعة «ترافيجورا غروب». وجاءت التصريحات متزامنة مع تقرير لبنك الاستثمار الأميركي (غولدمان ساكس غروب) يتوقع ارتفاع أسعار خام برنت إلى 90 دولاراً للبرميل بنهاية العام الحالي، لأن العجز في المعروض بالسوق مقارنة بالطلب جاء أكبر مما كانت تشير إليه أغلب التحليلات.
أما ريان فيتسماوريس، خبير أسواق السلع في مصرف «رابو بنك»، فيقول إن هناك احتمالات قوية لاستمرار ارتفاع أسعار النفط خلال الأسابيع المقبلة في ظل إقبال المضاربين على الشراء بهدف الاستفادة من الاتجاه الصعودي وعدم تفويت فرصة تحقيق عوائد مذهلة على استثماراتهم.
ويقول جيوفاني سيريو الذي يتوقع وصول الطلب العالمي على النفط إلى ذروته في العقد المقبل، إنه من المتحمل ظهور تأثيرات نقص الاستثمارات في مشروعات التنقيب عن النفط واستخراجه، في وقت قريب، مع زيادة استهلاك الطاقة نتيجة تأثيرات حزم التحفيز الاقتصادي وتخفيف السياسة النقدية ورفع القيود على الحركة والسفر.
كما ترتفع أسعار النفط الخام في ظل مؤشرات على تراجع حاد للمخزونات العالمية مع زيادة الطلب قبيل دخول فصل الشتاء وتحرك تجمع «أوبك بلس» للدول النفطية نحو زيادة إنتاجها من النفط.
وتقول مجموعة «ترافيجورا غروب» إنه في الوقت الذي يتوقع فيه المتعاملون عجزاً كبيراً في سوق النفط العالمية، ما زالت أسعار العقود الأطول مدى رخيصة وتدور حول 70 دولاراً للبرميل. في الوقت نفسه، فإن ما يسمى «الفارق الزمني» الذي يقيس قوة السوق ارتفع بشدة خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما يعد مؤشراً إضافياً على أن النظرة المستقبلية للتجار بالنسبة للسوق إيجابية.
وأخيراً، يقول محللون في بنك «غولدمان ساكس»، وبينهم دامين كورفالين في تقرير للعملاء، إنه من غير المحتمل تراجع العجز في السوق خلال الشهور المقبلة، لأنه من وجهة نظرهم سيكون أكبر من رغبة وقدرة دول «أوبك بلس» على سده.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الاقتصاد شعار «إينيوس» في المقر الرئيس للشركة (رويترز)

«سينوك» الصينية للنفط تبيع أصولها في الولايات المتحدة لـ«إينيوس» البريطانية

باعت شركة «سينوك» الصينية المحدودة شركتها التابعة في الولايات المتحدة إلى مجموعة الكيميائيات البريطانية «إينيوس».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

وافق رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة «أدنوك».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

«البيتكوين» تتخطى 105 آلاف دولار للمرة الأولى

التمثيلات المادية للعملة المشفرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفرة البتكوين (رويترز)
TT

«البيتكوين» تتخطى 105 آلاف دولار للمرة الأولى

التمثيلات المادية للعملة المشفرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفرة البتكوين (رويترز)

قفز سعر عملة البيتكوين الرقمية بأكثر من 3 بالمئة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق فوق 105 آلاف دولار في التعاملات الآسيوية المبكرة اليوم الاثنين، لتواصل المكاسب التي حققتها منذ انتخاب الجمهوري دونالد ترمب، الذي وعد بدعم العملات المشفرة، رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني).

بلغت البيتكوين أعلى مستوى لها عند 105142 دولاراً ووصلت في أحدث التداولات إلى 104760 دولاراً.