العلاج دون استشارة الأطباء يحصد ضحية مصرية جديدة

جددت واقعة وفاة طفلة في محافظة الغربية (دلتا مصر) بعد تلقيها حقنة من طبيب بيطري المطالبة بعدم تناول الأدوية من دون استشارة الأطباء، وهي ظاهرة تنتشر في مصر بشكل موسع خصوصاً في المناطق الريفية والنائية.
وأفاد تقرير مستشفى بسيون المركزي في محافظة الغربية بأنّ الطفلة، منار عبده النجار، البالغة من العمر أربع سنوات، دخلت المستشفى، وهي تعاني من زرقة في الجسم وصعوبة في التنفس مع توقف عضلة القلب وفقدان تام للوعي.
وباءت محاولات إنقاذها بالفشل، فقد حاول الأطباء إنعاش القلب والرئة وحقنها بالأدوية المطلوبة، لكنّها لم تستجب للأدوية، ونُقلت إلى قسم الأطفال لوضعها على جهاز التنفس الصناعي، وتبين حسب أسرتها أنّها تلقت حقنة من مضاد حيوي يدعى «سيفترياكسون» من صيدلية في قرية الفرستق التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية على يد طبيب بيطري.
واتهمت أسرة الطفلة الطبيب بالتسبب في وفاتها، وعلى الفور ألقت السلطات القبض عليه. وأمرت النيابة العامة الطب الشرعي بتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة، وأمرت بحبس الطبيب البيطري 4 أيام على ذمة التحقيقات.
وبلغ عدد الأطفال المصريين أقل من 18 سنة وفقاً لتقديرات السكان عام 2020، نحو 39.2 مليون طفل، ووصلت نسبة الأطفال في الفئة العمرية (من 0 - 4 سنوات) 31.9 في المائة، منها، بينما بلغت نسبة الأطفال في الفئة العمــرية (15 - 17سنة) 13.5 في المائة من إجمالي الأطفال الأقل من 18 سنة، حسب جهاز الإحصاء الرسمي.
من جهتها، تقول الدكتورة سلوى مصطفى، استشاري طب الأطفال، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «المضاد الحيوي (سيفترياكسون) يتطلب إجراء اختبار للحساسية قبل إعطائه للأطفال»، مشيرة إلى أنّ «حقن الأطفال بهذا المضاد من دون هذا الاختبار يتسبب في حدوث (صدمة حساسية)، لافتة إلى أنّ «ليست كل المضادات الحيوية تؤدي إلى ذلك».
وبشأن لجوء الكثير من الأهالي إلى الصيدليات لشراء أدوية للعلاج من دون استشارة الأطباء، تقول: «نحو ثلاثة أرباع الأطفال المرضى الذين يمرون علي يأتونني بعد تفاقم حالتهم الصحية بعد فشل الصيادلة في علاجهم». مؤكدة أنّ «بعض الصيادلة يكررون صرف الروشتة الطبية من فرط مرورها عليهم، وينجحون في ذلك أحياناً، لكن الأمر تطور إلى أخطر من ذلك، حيث يجري بعضهم الكشف الطبي على بعض المرضى ويصرفون لهم الأدوية».
وتطالب مصطفى بتدشين حملة لرفع التوعية من مخاطر هذه الظاهرة التي يلجأ إليها الكثير من أهالي المرضى لتوفير ثمن الكشف.
ويعترف أحمد عطية 35 سنة، موظف في القطاع الخاص ومقيم في الجيزة، بأنّه يلجأ في كثير من الأحيان لصرف أدوية من الصيدلية لأطفاله من دون استشارة الطبيب لتوفير ثمن الكشف الذي يتراوح ما بين (80 و150 جنيها مصريا). ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّه «ينجح في كثير من المرات في مداواة أطفاله عبر تكرار بعض الأدوية التي سبق أن كتبها الأطباء الاختصاصيون، ما يشجعه على تكرار الاعتماد على صرف أدوية من تلقاء نفسه، لكنّه يضطر للذهاب إلى عيادات الأطفال في حال عدم تحقيق أي تحسن من خلال الأدوية التي صرفها بمعرفته».
وتنصح الدكتورة سلوى مصطفى الأسر بالتوقف عن هذه العادة والتوجه إلى المراكز الطبية الخيرية أو المستشفيات الحكومية على الأقل لإجراء الكشف الطبي من قبل طبيب مختص، في حالة عدم القدرة على توفير ثمن كشف الأطباء بالعيادات الخاصة.
وحسب تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، صدر في بداية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري، فإنّ مؤشرات الفقر حققت تراجعاً ملحوظاً في عامي 2019 - 2020، حيث تراجع معدل الفقر إلى 29.7 في المائة مقارنة بـ32.5 في المائة في عام 2017 - 2018) وذلك لأول مرة منذ عام 1999.