اليمنيون يتحدّون الحوثيين ويحيون ذكرى ثورة «26 سبتمبر»

بن عزيز أكد أن مأرب ستقضي على الميليشيا ومشروعها

يمنيون يحيون الذكرى الـ59 لثورة «26 سبتمبر» في مأرب أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يحيون الذكرى الـ59 لثورة «26 سبتمبر» في مأرب أمس (أ.ف.ب)
TT

اليمنيون يتحدّون الحوثيين ويحيون ذكرى ثورة «26 سبتمبر»

يمنيون يحيون الذكرى الـ59 لثورة «26 سبتمبر» في مأرب أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يحيون الذكرى الـ59 لثورة «26 سبتمبر» في مأرب أمس (أ.ف.ب)

فيما يشبه الاستفتاء التاريخي على رفض حكم ميليشيات الحوثي والتمسك بأهداف ثورة «26 سبتمبر (أيلول)» (1962) ضد حكم الإمامة، تحدى اليمنيون في مناطق سيطرة الميليشيات قرار منع الاحتفالات وأحيوا هذه المناسبة بطرق متعددة حيث تجمع المحتفلون في عواصم المحافظات فيما أحياها آخرون على أسطح المنازل وأطلقوا الألعاب النارية وأشعلوا النيران ورددوا الأناشيد الوطنية، كما تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحات للاحتفالات ورفض الانقلاب الحوثي.
ففي صنعاء وإب وذمار أوقد المحتفلون شعلة ثورة 26 سبتمبر التي أسقطت نظام حكم الإمامة وأعلنوا رفضهم انقلاب الميليشيات والقتل والدمار الذي خلّفه وترويع الآمنين، رغم إصدار الجماعة الحوثية قراراً بمنع الاحتفال بالمناسبة حتى في الأماكن المغلقة، لكن الناس تحدّوا القرار وخرجوا إلى الشارع وأحيوا المناسبة ورددوا الأناشيد الوطنية، فيما يعد استفتاءً على رفض الانقلاب، كما يقول المعلقون اليمنيون.
ويقول أمجد، وهو من سكان صنعاء: «سمعنا إطلاق مفرقعات كثيرة في العاصمة الليلة احتفاءً بذكرى ثورة 26 سبتمبر... إنه أعظم يوم في تاريخ اليمن». وقال خالد، من مدينة ذمار: «رغم محاولات المنع فإننا اجتمعنا واحتفلنا وأوقدنا شعلة الثورة».
كما أكد شوقي، من مدينة إب أيضاً الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي تحدي السكان لسلطة الانقلاب واتخاذهم من أسطح المنازل مواقع للاحتفال بهذه الذكرى وإعلان رفضهم للانقلاب، حيث مثّلت هذه الاحتفالات واحدة من كبرى المظاهرات الاجتماعية الرافضة لميليشيات الحوثي بعد أن كانت الجماعة قد استبقت المناسبة بإحياء ذكرى الانقلاب وتجييش الموظفين والطلاب وإرغامهم على حضور تلك الفعالية.
وفي بلدان الشتات احتفل اليمنيون في الولايات المتحدة ومصر والأردن وماليزيا وتركيا بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة وبرفض الانقلاب، كما أحيتها المناطق المحرَّرة وجبهات القتال، حيث شهدت مدن مأرب وتعز والمخا وشبوة والخوخة وميدي احتفالات أحياها مجاميع من الشبان وتم خلالها التأكيد على رفض الانقلاب وإعادة نظام حكم الإمامة وادعاء الحق الإلهي في الحكم، وأعلنوا تمسكهم بأهداف ثورة 26 سبتمبر في المساواة والحرية.
أما في مأرب فقام رئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز، ومعه محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، بإيقاد الشعلة، وألقى المحافظ خطاباً طمأن فيه جميع اليمنيين وأكد لهم «أن مأرب كما كسرت شوكة الميليشيا في السابق فإنها ستقضي عليها وعلى مشروعها هذا في الأخير».
وقال العرادة: «إن اليمنيين لن يقبلوا أن تحكمهم هذه الميليشيات، وإن مأرب ستظل عصية ومنطلقاً لاستعادة الدولة اليمنية، وستحافظ على الجمهورية حفاظها على حدقات عيونها».
وأضاف: «الحرب سجال وأنا أقولها بكل وضوح ولا ضير في ذلك، قد تؤخذ منطقة أو تعود أخرى ويؤخذ جبل ويستعاد آخر، لكن المستحيل أن تنال هذه الفئة الميليشاوية بمشروعها الخاسر من ثورة شعب وهويته».
وفي محافظة شبوة أوقد العميد علي أبو بكر السليماني قائد اللواء الثاني مشاة بحري، شعلة «سبتمبر» خلال الحفل الخطابي والثقافي الذي أُقيم بالمناسبة، وقال: «إن الاحتفال يأتي هذا العام والقوات المسلحة بمحوري بيحان وعتق يدافعون عن الجمهورية ضد الانقلاب الإمامي الجديد الذي طرق أبواب شبوة، مؤكداً أنه سيتم دحره كما تم في أواخر 2017».
وأكد السليماني أنه لن يكون للعهد الإمامي عودة بعد أن انتصر الآباء في سبتمبر من عام 1962، وأنه على ميليشيا إيران أن تعي هذا، ولفت إلى أنه سيتواصل نضال الشعب وكفاح القوات المسلحة لدحر هذه الجماعة الباغية التي لن يقبل الشعب اليمني تحكمها بمصيره ولو كلّف ذلك الكثير من التضحيات.
وفي ميناء المخا قام كل من مدير عام مديرية المخا باسم الزريقي، وقائد قوات خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر عقيد بحري عبد الجبار الزحزوح، بإيقاد شعلة الثورة، وتخلل ذلك عرض شبابي وكرنفالي وإطلاق الألعاب النارية.
من جهته قال قائد المقاومة الوطنية العميد طارق محمد عبد الله صالح، في كلمة أمام وحدات من اللواء التاسع وقوات المهام الخاصة في ألوية حراس الجمهورية التي يقودها: «لمن المؤسف أنه لم يعد مسموحاً للشعب الاحتفال بثورته في عاصمة الجمهورية اليمنية صنعاء التاريخ والحضارة».
وأشار إلى أن ثورة «26 سبتمبر» ألغت التقسيمات المتخلفة التي كرّستها الإمامة في حين جاء الحوثي لإعادة اليمنيين إلى عهود التقسيم الطائفي.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.