الحوثيون يحولون ذكرى انقلابهم إلى وسيلة لاستهداف التعليم

TT

الحوثيون يحولون ذكرى انقلابهم إلى وسيلة لاستهداف التعليم

حولت الميليشيات الحوثية الذكرى السابعة لانقلابها على الشرعية اليمنية إلى وسيلة لاستهداف قطاع التعليم ومنتسبيه بمناطق سيطرتها، إذ أجبرت المدارس الحكومية والخاصة في صنعاء ومحافظات أخرى على تنظيم فعاليات قبل وأثناء وبعد الحصص الدراسية اليومية للاحتفاء بالمناسبة.
وذكرت مصادر تربوية يمنية أن ذلك الإجراء أعقبه قيام الميليشيات بإيقاف العملية التعليمية، وأصدرت تعميمات ألزمت عبرها مديري المدارس والوكلاء والمعلمين وطلبة المدارس بالمشاركة في الفعاليات التي نظمتها في صنعاء والمحويت وصعدة وحجة وذمار وعمران ومدن أخرى.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن القيادي في الجماعة وشقيق زعيمها يحيى الحوثي المعين وزيراً للتربية بحكومة الانقلاب غير المعترف بها لم يكتف بإيقاف التعليم وإجبار التربويين والطلاب على حضور الفعاليات، بل عمد إلى إصدار توجيهات لمكاتب التربية في صنعاء والمحافظات تلزم المدارس بإقامة فعاليات خلال الإذاعات الصباحية وأثناء وبعد الحصص الدراسية اليومية.
وحددت الجماعة، بحسب المصادر، الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، موعداً للانتهاء من إقامة فعاليات الميليشيات في المدارس، في حين توعد الحوثي الرافضين تنفيذ توجيهاته في المدارس الحكومية باستبعادهم من مناصبهم وإحلال آخرين مكانهم، كما هدد أيضاً بإغلاق المدارس الأهلية غير الملتزمة بتلك التعليمات وإخضاع القائمين عليها لعقوبات صارمة.
وعلى صلة بذات الموضوع، كشف مدير مدرسة أهلية في صنعاء عن تلقيه توجيهات من قيادات حوثية تلزمه بتخصيص ساعات إضافية إلى البرنامج الدراسي اليومي في المدرسة لصالح تنفيذ فعاليات حوثية متنوعة.
وتحدث عن تقديمه مؤخراً مقترحاً للجماعة يتضمن إقامة فعاليات أخرى مصاحبة لذكرى الميليشيات وتتعلق بالاحتفاء بأعياد الثورة اليمنية: 26 سبتمبر (أيلول)، و14 أكتوبر، و30 نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا أن الجماعة - بحسب تأكيده - رفضت المقترح، وأصدرت تعميمات أخرى تقضي بمنع المدارس من إقامة أي فعاليات على صلة بمناسبة ثورة الـ26 من سبتمبر، والاكتفاء بالاحتفاء بذكرى انقلاب الجماعة.
وفي مشهد واضح يؤكد استمرار استغلال الانقلابيين للتعليم وتسخيره خدمة لأجنداتهم وأهدافهم، أبدت الجماعة ارتياحها لقيام مدارس خاصة وحكومية في صنعاء بتنظيم عدد من الفعاليات المتعلقة بذكرى الانقلاب الحوثي.وأكد معلمون وطلبة أُرغموا قبل أيام على حضور فعالية حوثية بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن برنامج الفعاليات تركز على إلقاء كلمات وخطب ومحاضرات لقيادات ومشرفين حوثيين ذات صبغة تحريضية وطائفية تحث التربويين والطلاب على ترك التدريس ومقاعد الدراسة وسرعة الالتحاق بالجبهات القتالية.
ومنذ الانقلاب على الشرعية، واصلت الميليشيات، وكيل إيران في اليمن، استهداف التعليم في عموم مدن ومناطق سيطرتها بغية حرفه عن مساره وتحويله من صرح تربوي وتنويري إلى محاضن تلقن الأفكار الإيرانية وتعبئ المعلمين والطلبة صغار السن لتحشدهم إلى القتال.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية اتهمت الجماعة غير مرة بمواصلة تصعيد إجراءاتها من أجل إعاقة العملية التعليمية من خلال نهبها لرواتب العاملين التربويين وتغيير أسماء المدارس بأخرى طائفية وتدمير المئات منها وتحويل أخرى إلى مخازن للأسلحة وثكنات عسكرية وتجنيدها آلاف المعلمين والطلبة من صغار السن وإدخال تغييرات واسعة على المناهج الدراسية.
وتحدث ناشطون تربويون في صنعاء في وقت سابق عن تعديلات حوثية جديدة طرأت على المناهج التعليمية للمراحل الدراسية الأساسية والثانوية في إطار مشروع الجماعة لتطويع العملية التربوية واستخدامها كأداة لنشر الأفكار الدخيلة على المجتمع اليمني بمناطق سيطرتها.
وأظهرت صور أخيرة متداولة للمناهج على مواقع التواصل الاجتماعي، تعديلات على مقرر التربية الوطنية للصفوف الأساسية تضمنت دروساً تمجد ذكرى انقلاب الجماعة في 21 سبتمبر 2014. وتعزز مفاهيم ادعاء زعيمها عبد الملك الحوثي للحق الإلهي في الحكم.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.