السودان يصد هجوماً إثيوبياً على حدوده الشرقية

البرهان: المهاجمون فروا وتركوا قتلاهم وآلياتهم

TT

السودان يصد هجوماً إثيوبياً على حدوده الشرقية

أعلن الجيش السوداني عن سحق هجوم شنته القوات الإثيوبية على حدود البلاد الشرقية، وإلحاق خسائر فادحة في أرواح المهاجمين، والاستيلاء على أعداد كبيرة من الآليات التي تركتها القوات الإثيوبية المهاجمة بمنطقة أم براكيت بالقرب من منطقة الفشقة الحدودية مع إثيوبيا.
وأعلن الجيش السوداني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي استعادته منطقة الفشقة السودانية الخصيبة من القوات الإثيوبية، والتي كانت تسيطر عليها منذ أكثر من ربع قرن، ورغم اتفاقات الحدود المعروفة؛ فإن الإثيوبيين يزعمون أن المنطقة إثيوبية استولت عليها القوات السودانية أثناء انشغال جيشهم بالحرب في تيغراي.
وقال رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب القائد العام للقوات المسلحة، في مخاطبة عسكرية أمس، إن القوات السودانية تصدت لمحاولة اختراق للحدود نفذتها قوات إثيوبية أول من أمس السبت. وأوضح أن القوة المهاجمة فرت وتركت أعداداً كبيرة من الآليات والقتلى، في آخر العمليات التي عادة ما يقوم بها الجيش الإثيوبي والميليشيات المتحالفة معه، وقال: «إخواننا الموجودون هناك طردوا العدو الذي جاء، وفر وترك ناسه موتى وترك آلياته».
وجاءت تصريحات البرهان ضمن تداعيات الانقسام الحاد الذي تشهده الشراكة الانتقالية بين المدنيين والعسكريين، على خلفية اتهامات مدنية للعسكريين بالعمل على فض التحالف الحاكم والاستيلاء على الحكم منفردين، أو بالاشتراك مع أتباع نظام الرئيس المعزول عمر البشير، من الإسلاميين و«الإخوان».
وانتقد البرهان بحدة موقف الشريك المدني من الجيش، بقوله: «لم تتحدث جهة واحدة عن الأمر»، وتابع: «نحن نعمل لوحدنا، لكني مقتنع بأن القوى الوطنية الحقيقية والمواطنين يريدون الحفاظ على بلادهم ويقفون مع القوات ويوفرون لها الإسناد». وقال البرهان إن «أفراد الجيش وقادته ظلوا باقين في السودان وحراسته، ولم يذهبوا لبلدان أوروبا وأميركا»؛ في إشارة لسودانيين في الحكومة الانتقالية غادروا البلاد إبان حكم الإسلاميين، وعادوا بعد الثورة بجنسيات أجنبية، وشاركوا في الحكم.
وأشاد البرهان بالجيش، وقال إنهم «ظلوا يحمون البلاد، ويحفظون أمنها»، مضيفاً: «هم حريصون على أمن البلد، وأوصياء عليها. القوات المسلحة وصية على هذا البلد، ومن يرَ غير ذلك؛ فليأتِ بقوة ثانية تحرس السودان». وتابع: «هم الحارس الأمين للبلاد، والشعب مقتنع بذلك، لأنهم ظلوا يدافعون عنهم، ويدفع لهم رواتبهم وأثمان آلياتهم، فكيف لا نحافظ عليه وهو قد أعطانا ماله وأولاده؟». وحيّا القائد العام قواته المرابطة في الفشقة، وعلى وجه الخصوص في منطقة أم براكيت من الذين قال إنهم تصدوا لهجوم أول من أمس، وقوات الدعم السريع والشرطة وجهاز الأمن.



لبنانيون خائفون من الحرب: «لم نعد نتحمّل»

يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

لبنانيون خائفون من الحرب: «لم نعد نتحمّل»

يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

في لبنان المُثقل بالأزمات السياسية والاقتصادية، يُغرق شبح الحرب كثيرين مجدداً في الحزن واليأس. ويختصر أنيس ربيز هذا الشعور قائلاً: «كلّ شيء ينهار حولنا، لا نقوى على تحمّل هذه الحرب».

ويقول الرجل (55 عاماً)، وهو مالك شركة عقارية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما يركن سيارته في أحد شوارع الأشرفية في شرق بيروت: «نفسية الناس متعبة، تكفينا الحرب الاقتصادية والأموال (العالقة) في المصارف».

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ خريف العام 2019، في ظل تدهور غير مسبوق لقيمة العملة اللبنانية، وفقدان قيمة كل الودائع بالليرة اللبنانية أو تجميدها. في أغسطس (آب) 2020، دمّر انفجار ضخم مرفأ بيروت والمنطقة المحيطة به، وحصد قتلى وجرحى وأغرق اللبنانيين في غضب على فساد وسوء إدارة ساهما في حصول الانفجار. كل ذلك، وسط انقسام سياسي وشلل مؤسساتي، في حين تدير البلاد حكومة تصريف أعمال، ويعجز البرلمان منذ العام 2022 عن انتخاب رئيس.

تصاعدت المواجهة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي منذ الاثنين وحصدت مئات القتلى والجرحى في لبنان (أ.ف.ب)

وبدأ التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل منذ قرابة عام، مع اندلاع الحرب في قطاع غزة، عندما فتح «حزب الله» «جبهة إسناد» للفلسطينيين ضد إسرائيل. وتصاعدت المواجهة منذ الاثنين، وحصدت مئات القتلى والجرحى في لبنان بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، ونشرت الذعر.

في شوارع العاصمة، حركة السير والناس أبطأ من العادة، في مؤشر على حالة ترقّب يعيشها اللبنانيون، في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات، وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فرّوا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي هذا الأسبوع.

ويقول ربيز: «الوضع لا يطمئن، لا أُفق للمستقبل أو حتى بصيص نور»، مشيراً إلى هجرة آلاف الشباب على وقع الأزمات المتلاحقة.

«فداء للمقاومة»

أمام مركز تسوّق في الأشرفية، تقول عبير خاطر (43 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا جاهزة أساساً في حال اندلاع حرب، أعددت حقيبة تحتوي على أوراق أولادي الثبوتية وجوازات سفر وثياب، وضعتها قرب الباب».

وتروي الأم لثلاثة أولاد، وهي مديرة متجر، أنها انتقلت وعائلتها من منطقة عين الرمانة المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، إلى بلدة بحمدون شرق بيروت. «أخشى سقوط صاروخ عن طريق الخطأ، لا يمكن لأحد أن يعرف ما قد يحصل لنا».

وتقول إن أولادها لم يتعافوا نفسياً بعد من انفجار مرفأ بيروت. وتضيف: «عام 2006 (الحرب الأخيرة بين «حزب الله» وإسرائيل)، لم أكن متزوجة. لكن الآن يتملكني خوف كبير على أطفالي».

وخاض «حزب الله» وإسرائيل حرباً مدمّرة صيف 2006، استمرت 33 يوماً، وأسفرت عن مقتل 1200 لبناني، معظمهم مدنيون، و160 قتيلاً في الجانب الإسرائيلي معظمهم من الجنود. كما ألحقت الحرب دماراً هائلاً في مناطق وبنى تحتية لبنانية.

ويختلف اللبنانيون حول «جبهة الإسناد»، بين من يعدّ أن «حزب الله» يجرّ لبنان إلى حرب لا يريدها كثير من اللبنانيين، ومن يدعم «حزب الله» من دون تردد ضد إسرائيل. لكن القلق حيال المستقبل يجمعهم.

يتمتع «حزب الله» بنفوذ سياسي كبير في لبنان ويتهمه خصومه بأنه يتحكّم بقرار السلم والحرب (أ.ف.ب)

وسط ساحة ساسين في الأشرفية؛ حيث يرفرف علم لبناني ضخم، يجلس محمد خليل على مقعد خشبي يُفكّر بكيفية تأمين لقمة عيش عائلته بعد أن نزح مع زوجته وأطفاله الثلاثة ووالدته من قريته دير انطار في محافظة النبطية (جنوب).

ويقول خليل (33 عاماً): «منذ نحو 3 ساعات، أفكر كيف سأؤمن عملاً ومسكناً، لدي أطفال يجب أن يذهبوا إلى المدارس، أفكر في مستقبلهم... لكنني أصطدم بحائط مسدود».

رغم ذلك، يبدو خليل واثقاً بأنه «في نهاية المطاف، سيكون النصر حليفنا».

ويتابع: «ما حصل لأهل الجنوب يجب ألا يُسكت عليه»، مؤكداً أن كل شيء «فداء للمقاومة».

«ينتهي لبنان»

ويتمتع «حزب الله» بنفوذ سياسي كبير في لبنان، ويتهمه خصومه بأنه يتحكّم بـ«قرار السلم والحرب»، ويُشكّل «دولة ضمن الدولة»، ويستخدم سلاحه «للترهيب» في الداخل. لكن منذ بدء التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، تبدو البلاد منقسمة أكثر من أي وقت مضى.

وتقول غادة حاطوم في شارع الحمرا في غرب بيروت «(حزب الله) ليس الدولة ليأخذ قرار السلم والحرب، هو كيان موازٍ للدولة، وأثبت لشعبه وبيئته التي تحتضنه أنه اتخذ قراراً خاطئاً. لا أحد يجهّز نفسه للحرب، ولا يبني ملجأ. هل أرواحنا رخيصة لهذه الغاية؟ إذا لم يكن لديّ ملجأ أختبئ فيه لم تجرني إلى الحرب؟».

على أحد أرصفة الأشرفية، يعزف فيكتور (65 عاماً) الذي رفض إعطاء اسم عائلته على آلة الأكورديون، غير مكترث لهدير دراجات نارية وأبواق سيارات من حوله.

ويقول الرجل الذي عاش الحرب الأهلية (1975 - 1990) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تفصلني الموسيقى عن الواقع، وتهدئ أعصابي».

ويضيف بنبرة هادئة: «لستُ خائفاً من اندلاع حرب؛ لأننا اعتدنا الحروب، ومن له عمر لا تقتله الشُدّة».

على بُعد عشرات الأمتار، تبدي نينا روفايل التي كانت تسير بخطوات متسارعة تعاطفها مع أهالي الجنوب، الذين فروا من منازلهم، لكنها تخشى من تصعيد إضافي.

وتسأل: «لديّ خوف من الغد... من سيرمّم؟ من سيبني؟ من سيُطعم؟ ومن سيعلّم؟ لديَّ خوف من كل شيء».

وتضيف المدرّسة الخمسينية: «لا أشعر بالخوف من اندلاع حرب فحسب، إنما لدي خوف من أن ينتهي لبنان بالكامل».