حسين الجسمي مع ميسا قرعة وألماس يُنشدون للحياة

«هذا وقتنا» الأغنية الرسمية لـ«إكسبو 2020»: الاعتزاز بالإنسان

حسين الجسمي مع ميسا قرعة وألماس يُنشدون للحياة
TT

حسين الجسمي مع ميسا قرعة وألماس يُنشدون للحياة

حسين الجسمي مع ميسا قرعة وألماس يُنشدون للحياة

حسين الجسمي هو سفير «إكسبو 2020» ومغنّي أغنية الحدث الضخم. يتوسّط فنانُ الإمارات صوتين عذبين: اللبنانية الأميركية ميسا قرعة والإماراتية الشابة ألماس. ثلاثية تغنّي للمستقبل وتُنشد للحياة. تحتفل دبي بالابتكار وريادة الأعمال، من أول أكتوبر (تشرين الأول) حتى 31 مارس (آذار) المقبل. باللغتين الإنجليزية والعربية، يغنّي الثلاثة لعالم نصبو إليه. عالم طَموح، آمن، يجمع البشر على عدالة الفرص والإيمان بقوة الأفكار. «هذا وقتنا»، عنوان الغناء. الوقت كنز الدول الرابحة التي تسير إلى الأمام، بدل البكاء على الأطلال. دول المستقبل وأحلام الشباب.
لا يمكن للجالس خلف شاشة هاتفه في منزله البيروتي إلا الشعور بالوخز. الشكر لوسائل التواصل على السفر بالروح إلى حيث تشاء. تشاهد أغنية «هذا وقتنا»، فتتألم لإحساس أنك في الخلف والعالم يعدو أمامك فلا تجيد اللحاق به. أغنية للأمل والسعادة؛ ملهمة، مؤثرة، تحرّك الصامت في النفس الحزينة وتؤجج الحسرات. يا لك من بائس في عالم يصحو على المفاجآت، وأنت أقصى مفاجآتك الحصول على دواء! تلمح قدراً آخر في الأغنية. وتتساءل: هل أنا معنيّ؟ هل أكون جزءاً من الاحتفاء بالمستقبل، أم كلاً عالقاً في كآبة الأمس؟ أين أنا في السياق والسباق؟
تأتي ميسا قرعة من الولايات المتحدة، فتكون المديرة الفنية لأوركسترا «الفردوس» النسائية في «إكسبو» و«بيركلي» أبوظبي. صوت حنون على شكل مناجاة. تلتقي الأصوات الثلاثة: امرأتان ورجل. قرعة مغنّية وكاتبة أغنيات، مرشّحة لنيل جائزة «غرامي»؛ وألماس هي اختزال جيل عربي شاب يحمل الموسيقى قيمة كونية. عشرينية من الإمارات، أدرجتها منصة «سبوتيفاي» في قائمتها لأفضل المواهب النسائية في الشرق الأوسط؛ فتلتقي مع قرعة وحسين الجسمي في الغناء للإنسان السعيد. إنسان التركيبة المنسجمة بين ماضٍ هو إرث ودرس، وبين مستقبل هو النظرة الجديدة والرؤية البعيدة.
كما تسبح المخلوقات في البحار، بلوحة ربانية مذهلة؛ وتصطفّ النجوم في سماء الكون الشاسع، يشكّل التناغم بين إنسان التاريخ المشرّف وإنسان الغد المرجوّ، عبرة للبشرية. تقدّم أنشودة «إكسبو 2020» اختزالاً للاعتزاز بالثقافة الإماراتية وطموح الإمارات بجمع العالم. شعار الحدث: «تواصل العقول وصنع المستقبل»، فتمتدّ الموسيقى كجسر يربط الإنسانية من مشرقها إلى مغربها، لتجمع البشر على النغم وتذليل الفوارق. «One Voice, One Family»، يغنّي الثلاثي. الغد أعظم من الآن.
عشرات ملايين الزوار في دبي البارعة بقراءة المستقبل. يشعر لبناني جريح بالغيرة من الأبواب المشرعة. كان سيكتفي بنافذة واحدة مفتوحة على الأمل. لذلك يستعير من أغنية «هذا وقتنا» نسمات تهوّن حريقه. فالجسمي حين يغنّي، يصطحب المرء في رحلة. هذه المرة، الرحلة في ضيافة تاريخ الإمارات، دفعة واحدة إلى مستقبلها. لا تنسَ شدّ الأحزمة.
التحدي الكبير يليق بالدول الكبيرة. الدول المريضة تصدّق المؤامرة وتندب الحظ. بفيديو من دقائق، وبلغة الموسيقى والفرح؛ تذكّر الإمارات العالم بما تحقّق وتبشّره بما سيتحقق. مع رشة جماليات من ماضٍ لم يشكل عائقاً للنمو بل دافعاً للتقدم. يسميها الجسمي «أنشودة اعتزاز وإيمان ووحدة». وترى ألماس أنها تجسّد الأمل واليقين بالقدرة على بناء مستقبل أفضل. كيف؟ بشعار «إكسبو» القائم على التواصل. القطيعة فظيعة.
أول حدث عالمي من نوعه بعد الجائحة. وأول «إكسبو» دولي تستضيفه منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا. «The future is ours to decide what we need». في الملحق الصحافي لإعلان الأغنية، تتحدث ميسا قرعة عن «إلهام الناس من جميع الأعمار». التأمل في الكلمات يحرّض المرء على فتح صفحة جديدة. شاقٌّ السعي خلف الأحلام، خصوصاً في الأوطان المتحللة حيث الإنسان للنسيان. يفتح «إكسبو» كتاب الاحتمالات غير المحدودة لتختار منه الفصل الأحبّ. «Take a seat to the greatest show you’ll ever see»، وبالعربية يستمر الغناء: «يا هلا بالكل، بحبكم نكمل».
ثلاثية فنية دافئة تجعل من الأغنية درس حياة. وهي ليست أغنية مناسبة أو حدث فحسب، فالعِبر لا تُختصر بزمن. فيها لمعة، تجعل الكلام واللحن والصورة بمرتبة رفيعة. هنا مزيج الأسلوب البسيط بالمعنى العميق: «أبدع لا تسأل عن أي حدود/ قادر تتخيّل؟ بأفكارك جود/ هذا إحنا جيل العالم موجود/ قدها وقدود... يا هلا بالكل».
شاسعة الصحراء التي حوّلتها حكومات الخليج واحات للعمران والعيش الكريم. في الكليب مشهديات المستقبل بين البحر والبر والسماء. أسماك بأشكال وألوان، رمال لا تُعدّ، ونجوم من دون نهاية. يحضر العالم ليكون شاهداً على معجزات البناء والتكنولوجيا وريادة الفضاء. من أجل هذه الروح الخلاقة، تتحول دبي إلى أكبر فندق يحضن زوار الأرض طوال ستة أشهر. «Come together… it’s now or never». ترتفع أعلام الدول على شكل سرب يعانق الهواء. وتُقرع الطبول على وقْع إيقاعات الرقص. تراث وفولكلور أمام أنظار المشاركين في الاحتفال. طريقهم واحدة نحو «إكسبو»: «It’s time to stand up and vow… to be what the world needs now». المستقبل للإعمار، لا لضياع الأعمار.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».