«توقعت أن أكون معزولا عن المجتمع بسبب عدم وجود من يتحدث لغتي وملم بأجواء الحياة الفرنسية، ولهذا فلن أستطيع تكوين صداقات تخفف علي وطأة الغربة». هذا ما استهل به الفرنسي سيباستيان لافراجيت نائب القنصل الفرنسي للعمل والتعاون الثقافي في مدينة جدة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن وقع قرار تعيينه بالسلك الدبلوماسي في السعودية.
لافراجيت بعد أن بددت السنوات التي قضاها مخاوفه، تحول إلى عاشق لمدينة جدة، وأكد أن ارتباطه بالمدينة الساحلية لن ينقطع وسيحضرها سائحا برفقة أصدقائه وأسرته بعد انتهاء مهمة عمله، حيث قال: «أصبحت متعلقا بالبلد، وأحبها دون أن أشعر بأني تعلقت بها.. جدة مدينة جميلة».
نائب القنصل برر مخاوفه بأنها نتاج اختلاف الثقافة واللغة، وخشي أن يكون هذا عائقا أمامه لتكوين الصداقات مع السكان، وهو ما تغير فيما بعد ليجد من يتحدثون لغته وعلى درجة كبيرة من الثقافة على حد وصفه.
وقال لافراجيت: «قبل حضوري للعمل في السعودية كنت أرفض الحضور إليها مع أصدقائي للسياحة، وبعد أن باشرت العمل بها يوما بعد آخر فوجئت بحفاوة أهلها وجمع المنطقة بين الحداثة والتاريخ العريق وأصبحت أتمنى أن أظل هنا».
«لدي الكثير من الأصدقاء السعوديين الذين أقضي معهم أوقاتا رائعة».
ووصف نائب القنصل الفرنسي مدينة جدة بأنها خليط بين الحداثة والتاريخ العريق، كما يجدها أغلى كثيرا وأعمق ثقافيا من كثير من بلدان الجزيرة العربية والخليج العربي: «مدينة جدة خليط بين منطقة البلد (القديمة كثيرا) والكورنيش (الأكثر حداثة)، وهي أغلى وأعمق ثقافيا من كثير من بلدان الجزيرة العربية والخليج العربي».
مهمته ستنتهي ويتمنى أن يحضر إليها بعد مع أسرته وأصدقائه للرفاهية: «وكنت أحضرتهم مرة وأتمنى أن أعود معهم للسياحة».
ويضيف أنه يجد نفسه سفيرا للسعودية لدى بلاده من شدة تعلقه بالمكان، وقال: «عندما أكون في فرنسا أواصل الحديث دوما عن السعودية وأجد نفسي سفيرا لها، أصبحت أحبها دون أن أشعر بأنني تعلقت بالمكان».
وأشار لافراجيت إلى أن الدور الذي يقوم به القسم الثقافي في القنصلية الفرنسية في جدة يهدف إلى التبادل الثقافي وإيصال الثقافة السعودية للخارج وعكس ذلك، مبينا أن استضافتهم لمعرض المصور السعودي خالد خضر يأتي ضمن سلسلة من المعارض استضافتها القنصلية لمبدعين، وقال: «التقينا المصور السعودي خالد خضر بالصدفة، وكان أحد القلائل الذين كانوا يتحدثون عن بلدهم بصورة مشوقة وجميلة لهم كأجانب، خصوصا عن مكة».
وأضاف: «بعد اطلاعنا على الكتاب الأخير لخضر وجدنا كمّ الصور التي يحتويها والتي التقطها في أنحاء متفرقة من العالم، رغم أنه من مدينة جدة، ووجدنا أنه مصور عالمي ومتمكن في العالم، ولديه انفتاح على الخارج، ومهمة القسم الثقافي في القنصلية تأتي بتبادل الثقافة وإيصال الثقافة السعودية للخارج وعكس ذلك وجدنا أن خضر يمثل رمزا لهذا التبادل».
وعن سبب محبتهم للتراث السعودي، قال لافراجيت: «نحتفل بالعيد الـ175 لوجود القنصلية الفرنسية على هذه الأرض، وبالتالي الفرنسيون متعلقون بهذه الأراضي ويحبون ثقافتها لمعايشتهم نشأتها».
واختتم حديثه بأن جدة تذكره باليابان، ولا يعرف سببا محددا لذلك، مكتفيا بالتعليق بأنه قد يكون عائدا للمزج ما بين الحداثة والتراث.
من جانبه، أكد المصور خالد خضر أن المعرض يأتي بدعوة من الدكتور لويس بلين القنصل الفرنسي في جدة، مبينا أن الأخير طلب منه إقامة معرض تتخلله محاضرة يلقيها داخل القسم الثقافي بالقنصلية تحمل عنوان «مكة بين الماضي والحاضر».
ونوّه خضر بامتلاكه أكثر من مليوني صورة وزعها على كتب عدة له، كان آخرها كتاب حمل عنوان «قلب مكة» وتحدث خلاله عن مكة المكرمة قبل 150 عاما والتوسعات التي شهدتها على مر السنوات ومكة المكرمة في المستقبل، مستعرضا به ذكريات شخصية مرتبطة بالحرم المكي واكبت التوسعات التي حدثت فيه. قال: «بدأت التصوير وعمري 12 سنة، ودفعني إليه الفقر والعوز ثم الهواية، كنت أعيش في (عشة) في الطائف».
«عملت صبيا في الاستوديو وراتبي لم يتجاوز 150 ريالا واشتريت أول كاميرا لي بعد شهرين، وتحول بعد ذلك التصوير إلى عشق وحب للعمل ليصبح فيما بعد عملا وعشقا وتجارة، وبعد أن أصبحت مصورا في الاستوديو انتقلت للعمل في الخطوط السعودية، وأنشأت بها استوديو التصوير وجرى ابتعاثي إلى بريطانيا ثم إلى أميركا لأصبح معها أول متخصص في التصوير الفوتوغرافي، قبل أن أنتقل لإقامة معارض عدة في السعودية وعدد من البلدان حول العالم، نلت على أثرها جوائز عالمية».
واختتم خضر حديثه بأن أبرز صوره التي التقطها طوال مشواره كمصور فوتوغرافي، هي صورة الحمام خلف باب السلام بالمسجد الحرام بمكة المكرمة. تخلل المعرض تكريم المنتج السعودي أنور العامودي للقنصل الفرنسي الدكتور لويس بلين والمصور السعودي خالد خضر.
دبلوماسي فرنسي: تعلقت بالسعودية وأصبحت سفيرًا لها لدى بلادي
لم يتوقع تكوين صداقات فيها.. واكتشف أنها تمزج الماضي بالحاضر
دبلوماسي فرنسي: تعلقت بالسعودية وأصبحت سفيرًا لها لدى بلادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة