مئوية ريموند ويليامز... رائد الدراسات الثقافية

عكس في مجمل أعماله تفكير جيل بريطاني كبر في مناخ الحرب الباردة

المفكر والناقد البريطاني ريموند ويليامز
المفكر والناقد البريطاني ريموند ويليامز
TT

مئوية ريموند ويليامز... رائد الدراسات الثقافية

المفكر والناقد البريطاني ريموند ويليامز
المفكر والناقد البريطاني ريموند ويليامز

يقارن البعض المفكر والناقد البريطاني ريموند ويليامز الذي ولد قبل مائة عام بمعاصره جون بيرغر، ويتأسفون نتيجة تلاشي تأثيره على الأجيال الجديدة، وهو الذي كان علماً على مرحلة بريطانية انقضت بين الحرب العالمية الثانية إلى ما قبل وصول مارغريت ثاتشر للسلطة، في الوقت الذي ما زال بيرغر مقروءاً وقيد التداول حتى اليوم.
ولكن تلك مقارنة غير عادلة البتة، إذ إن ويليامز رحل عن عالمنا قبل أكثر من ثلاثة عقود (1988)، فيما توفي بيرغر قبل سنوات قليلة فقط (2017). والأهم أن ويليامز عكس في مجمل أعماله تفكير جيل بريطاني كبر في مناخ الحرب الباردة ولم يكن قد شهد مرحلة انهيار الاتحاد السوفياتي ولا سقوط جدار برلين بعد. ومع أنه - بشكل عام - ميال لنقد التجربة السوفياتية، إلا أن نصوصه لا تُفهم سوى في إطارها التاريخي عندما كان وجود المعسكر الاشتراكي مَعلماً أساسيا في تكوين العالم بغض النظر عن المنطلق الآيديولوجي للمراقب تجاهه، بينما أمضى بيرغر ثلاثة عقود من العيش في ظل النظام النيوليبرالي الأحادي القطبية، وشوهدت كتب له تُتداول بين المتظاهرين في احتجاجات (احتلوا) التي اجتاحت مدناً عدة في الولايات المتحدة والغرب بداية من العام 2011 ولذلك فإن المقارنة لا تنعقد، والأولى هو البحث عن تأثير هذا الرجل الفائق على جيل كامل من المثقفين البريطانيين الذين نظروا إليه كمعلم، ونموذج لمصداقية نادرة تلاقت فيها المعرفة المعمقة، والالتزام السياسي بالممارسة العملية اليومية، وكمنظر مؤسس للدراسات الثقافية والنقد الثقافي، وأيقونة فكر جلت فوق الخلافات الآيديولوجية المحض، فلا ينكر إشعاعها أحد. وقد وصفه المنظر والناقد الثقافي المعروف ستيوارت هول بأنه «بلا شك أهم ناقد ومؤرخ ومنظر ثقافي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية».
ولد ويليامز قبل 100 عام (1921) لعائلة مزارعين في قرية بجنوب ويلز، تدعى باندي تقع قرب حدود الإقليم مع إنجلترا. والده كان ترك الزراعة والتحق بسكك الحديد كعامل إشارة، وانخرط بعمق في سياسات الطبقة العاملة لدرجة أنه أقيل لاحقاً من وظيفته لمشاركته في إضراب 1926 العام. ويبدو أن تلك الأجواء تركت انطباعا عميقاً على الابن بدلالة روايته الأولى «بلدة على الحدود - 1960» التي خطها بعد عقود طويلة من تركه باندي. وقد كتب ويليامز ذات مرة، أننا «نبدأ في التفكير من المكان الذي نعيش فيه»، ومن الواضح أن المجتمع الريفي المتماسك من الطبقة العاملة الذي نشأ في إطاره بقي كنقطة مرجعية دائمة في عمله، وعلى نحو ما مصدر تركيزه طوال حياته على قيم التضامن والعمل الجماعي، وربما أيضاً سر موقفه النقدي تجاه الثقافة الإنجليزية الرسمية التي واجهها في جامعة كامبريدج (1939) عندما أقبل للدراسة بمنحة حكومية للطلبة المتفوقين من الأقاليم. وهو في كتابه «السياسة والآداب» يروي «أن أحد المحاضرين بالجامعة قال إنه لا يمكننا الآن أن نفهم حقيقة معنى (الجار) في أعمال شكسبير لأننا نعيش في حضارة ميكانيكية فاسدة ليس للجيران فيها قيمة تذكر، فنهضت وأجبته، لا يا سيدي، أنا من ويلز، وأعرف جيداً ما تعنيه الجيرة».
لدى التحاقه بكامبريدج وجد ويليامز متنفساً طبيعياً في إطار الاتجاهات اليسارية التي كانت قوية هناك، لكنه استدعي للخدمة العسكرية مع نهاية سنته الجامعية الثانية (1941) وشارك في إنزال نورماندي بمراحل الحرب الأخيرة (1944) ومعارك (تحرير) بروكسل. وقد هالته تلك التجربة وكثفت مقته للعنف، فكان أن رفض استدعاءه للخدمة في كوريا بداية الخمسينات، وعاد لدراسته حيث كتب أوراقاً عن جورج إليوت وهنريك إبسن. وبعد تخرجه عام 1946 عمل مدرساً للكبار في جمعية العمال التعليمية، حيث كان يدرس مساء، ويكتب، بانتظام حديدي، في الفترة الصباحية. وباستثناء فترة وجيزة كأحد محرري مجلة «السياسة والآداب»، مارس ويليامز نقده الثقافي من خارج أسوار الأكاديمية طوال خمسينات القرن الماضي وكانت ذروتها كتبه المفصلية «الثقافة والمجتمع – 1958»، و«الثورة الطويلة – 1961». وقد تم تعيينه زميلاً في كامبريدج (1961)، واستمر بالتدريس هناك حتى تقاعده المبكر عام 1983.
وخلال سلسلة قراءات نقدية لعدد من المفكرين الإنجليز - من إدموند بيرك إلى توماس كارليل، ومن ماثيو أرنولد إلى تي إس إليوت - انتزع ويليامز تصورا أكثر شمولا للثقافة من ذلك التقليد الرجعي الغالب الذي يجعلها من انشغالات النخبة، وانتقد بشدة حصر منطق الإنتاج الثقافي بأقلية مهيمنة مانحاً مساحة تحت الشمس للمنتج الثقافي للطبقات المهمشة فيما يعرف الآن بالثقافة الشعبية بتمظهراتها الكثيرة: الأزياء والموسيقى والسينما، والتلفزيون والإذاعة وطرز العمارة والأغنيات وغيرها، ولتأخذ مكانتها الاستثنائية في المواجهة مع السلطات سياسية وثقافية واجتماعية.
شن ويليامز هجوماً ساحقاً على المفكرين الذين كانوا يوجهون سهام نقدهم إلى الحداثة بوصفها فتحت الباب أمام فوضى ثقافية من خلال التصنيع الرخيص والانتشار الشعبي، ويعتبرون نماذج الثقافة الرفيعة نوعاً من معقل أخير للقيم المتحضرة يتعرض للحصار. كانت تلك - عنده دائماً - نظرة قاصرة، فالحداثة جلبت منافع هائلة للبشرية كالكهرباء والطاقة البخارية والسينما، لكن تقاطعها مع النظام الرأسمالي هو ما تسبب في توظيف منجزاتها العبقرية تلك لغايات تعظيم الربح، وما يعنيه ذلك ضمناً من الانقسامات الطبقية وتفاوت الدخول التي أفسدت ذائقة الجماهير. ورفض أي تعامل فوقي يجعل من الثقافة نشاطاً منعزلاً للترفيه عن النخب، موسعاً المفهوم ليشمل كل «الجهود الضرورية التي نبذلها كل يوم لفهم بيئتنا - من خلال تفسيرها ووصفها – حتى نتمكن من العيش فيها بنجاح أكبر».
كان تمركز ويليامز جلياً في جهة اليسار وإن ظل بعيداً عن السياسة الحزبية بعد خيبة أمله من رمادية حزب العمال، لكنه لم يوفر أحداً من نقده الثقافي بما في ذلك تلك النظرة الميكانيكية للماركسية التي جعلت من الثقافة مجرد تابع ذليل لبنية الاقتصاد، واعتبرها بدلاً من ذلك بمثابة مجال أساس للصراع الطبقي يتم فيه التعبير عن هياكل السلطة والتنازع معها، وأصر على أن فكرة النظام الاجتماعي المستقبلي يجب أن تكون محددة بدقة شديدة، وتبدأ في أي بلد معين أو منطقة معينة مما هو موجود ماديا أو متاحٌ، ولا تستورد جاهزة ومكتملة من تجارب أمم أخرى، إذ لا توجد عنده قفزة سحرية من حاضر تسوده الفوضى الكاملة إلى بديل مثالي، بل عملية طويلة لا تنتهي أبدا من النضال – الديمقراطي - من أجل طرق أكثر عدلا ومساواة للعيش معاً.
طوال هذا الوقت، كتب ويليامز بغزارة في أعمال النظرية الثقافية والنقد والتحليل فصدرت له أكثر من 30 عملاً مطبوعاً، ونشر عدة روايات فضلاً عن مئات المقالات والمراجعات في الصحف والمجلات، وبرز كشخصية رئيسية في تيار اليسار الجديد الذي سعى إلى تقديم بديل اشتراكي أوروبي عن التجربة السوفياتية، وأصبح من موقعه في كامبردج أحد نجوم الأكاديمية الغربية الذين يشار إليهم بالبنان، رغم تناقضه الفكري مع تلك المؤسسة المفرطة النخبوية لا سيما بعدما خط نهجاً مميزاً في النقد الأدبي يعتمد على ما سماه بـ(المادية الثقافية) على النسق الذي طرحه المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي من ارتباط بنيوي بين هيمنة النخب والأدوات التي تشكل ثقافة المجتمعات.
وُجه إلى ويليامز الكثير من النقد المستحق لناحية تمركز فكره حول الحالة البريطانية حصراً وانغلاقه عن الفكر الأوروبي وحتى الإنتاجات الأدبية الأميركية. كما أنه وباستثناء جورج إليوت، بدا غير معني بالتجارب الأدبية النسوية، ووقع أسير حالة الفوبيا التي سادت أجواء اليسار البريطاني المهلهل من كل ما هو سوفياتي وبالتبعية لكلاسيكيات الماركسية اللينينية، الأمر الذي سمح لتلاميذه الأوسع أفقاً بالتفوق عليه، كما في حالة ستيوارت هول مثلاً الذي لا يُخفي انطلاقه من مكان ما بالقرب من ويليامز، ولكنه حلق بالدراسات الثقافية والتحليل السياسي المرتبط بها ونقد الإمبراطورية والرأسمالية كظاهرة ثقافية معولمة إلى مستوى آخر تماماً.
ومع ذلك، وفي ذكرى مائة عام على مولده، لا مناص من منحه مكانته المستحقة كمفكر ترك بصمة كبيرة على الجيل اللاحق من الدراسات الثقافية، وكصاحب تجربة شجاعة في تحدي المسلمات والأوضاع القائمة والانخراط الإيجابي في المحاولة النبيلة لبناء بديل عملي للعيش يتجاوز الرأسمالية خلال فترة السبعينات والثمانينات، ويشكل مجموعة أعماله – بما فيها رواياته الأدبية - ممراً لا يمكن تجاوزه لفهم ثقافة وأدب وتاريخ بريطانيا خلال مرحلة الحداثة.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.