الوسيط الألماني في «صفقة شاليط» يحذر من ضياع فرصة جديدة

TT

الوسيط الألماني في «صفقة شاليط» يحذر من ضياع فرصة جديدة

في شبه تحذير لكل من إسرائيل و«حماس»، كشف الوكيل السابق لدائرة الاستخبارات الاتحادية في ألمانيا، غيرهارد كونراد، أنه كان قد توصل إلى صيغة جيدة لصفقة شاليط (نسبة إلى الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي تحتجزه «حماس») مع الحكومة الإسرائيلية وحركة «حماس» عام 2009، لكن نتنياهو تراجع وأجهضها في آخر لحظة، ثم عاد وغير رأيه عام 2011؛ فوافق على صفقة مختلفة ذات شروط أسوأ.
وقد جاءت أقوال كونراد في وقت يجري فيه الحديث عن مصاعب جمة تقف عثرة أمام إبرام صفقة جديدة بين إسرائيل و«حماس»؛ ففي حين تطالب «حماس» بأن يتم إطلاق سراح النساء والأطفال الفلسطينيين مقابل منح إسرائيل معلومات عن حالة أسراها، وتطالب لاحقاً بأن تحصل على 1100 أسير، بينهم الأسرى الستة الذين تمكنوا من الفرار ثم أعيد اعتقالهم، وجميع الأسرى القدامى من ذوي الحكم المؤبد، تطلب إسرائيل الاكتفاء بإطلاق سراح عدد قليل من الأسرى، وترفض إطلاق أسرى محكومين بالسجن المؤبد.
وتنتشر من آن لآخر أنباء متفائلة عن قرب التوصل إلى صفقة، لكن يتضح لاحقاً أن هناك هوة عميقة تفصل بين الطرفين.
وكشف كونراد، في لقاء مطول مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نشرته أمس (الجمعة)، عن بعض خبايا المفاوضات التي أدارها بين إسرائيل وبين «حزب الله» وسوريا، وكذلك بين إسرائيل و«حماس»، عشية الصفقات الثلاث التي نجح في إبرامها. وأوضح أن نتنياهو أجهض صفقة تم الاتفاق عليها بينه وبين قادة «حماس» ومندوب رئيس الوزراء الإسرائيلي حجاي هداس، وهو من قادة المخابرات الخارجية (الموساد). وقال: «كنا قد أجرينا 70 جولة مفاوضات مع الطرفين، وكانت مفاوضات صعبة تخللتها مشاعر عدم ثقة وصدامات داخلية من كل طرف، وفي مرات عدة شعرنا بأن كل ما بنيناه ينهار»، ولكن في النهاية توصل الطرفان إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح جلعاد شاليط من سجن «حماس» مقابل قيام إسرائيل بإطلاق سراح 1000 أسير فلسطيني. وتم إرسال الاتفاق إلى القيادة السياسية لإقراره بشكل نهائي، ولكن نتنياهو تراجع عنه.
وقال كونراد إن ما رفضه نتنياهو في 2009 وافق على ما هو أسوأ منه في سنة 2011، إذ ارتفع العدد في الصفقة الثانية إلى 1050. كما تضمنت الصفقة الثانية أسماء لم تكن إسرائيل قد وافقت عليها في حينه.
ويعتقد كونراد أن سبب تغيير موقف نتنياهو هو أوضاعه الداخلية، حيث إن هبَّة شعبية ثارت ضده على خلفية الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وربما أسباب أخرى. يُذكر أن أنباء نقلت على لسان «مسؤول إسرائيلي كبير» أفادت بأنه «تلوح في الأفق (فرصة فريدة ونادرة) للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع حركة (حماس)، في قطاع غزة». وحسب القناة «13» الإخبارية الإسرائيلية، فإن الصفقة مع «حماس» ستنص على أن يستعيد الجيش الإسرائيلي جثماني الجنديين أورون شاؤول وهدار غولدين، بالإضافة إلى المواطنين المدنيين اللذين تحتجزهما «حماس»، وهما أبرا منغيستو وهشام السيد، «لكن هناك خلافاً حول نوعية وعدد الأسرى الذين ستطلق إسرائيل سراحهم. ويخشى كثيرون أن يتم التراجع فجأة وتجهض هذه العملية، وهذا ما جعلهم يرون في تصريحات كونراد تحذيراً للإسرائيليين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.