أميركا ـ إسرائيل: 4 أزمات رئيسية كبرى

أميركا ـ إسرائيل: 4 أزمات رئيسية كبرى
TT

أميركا ـ إسرائيل: 4 أزمات رئيسية كبرى

أميركا ـ إسرائيل: 4 أزمات رئيسية كبرى

يواجه بنيامين نتنياهو إحدى أسوأ الأزمات التي عرفها رئيس وزراء إسرائيلي، في علاقاته مع البيت الأبيض الذي لا يبدي أي استعداد لقبول اعتذاراته أو تفسيراته للتصريحات التي أدلى بها في سياق الحملة الانتخابية.
وأكد جوناثان رينولد مؤلف كتاب «حديث عن العلاقات بين البلدين» أن العلاقات بين الحليفين لم تكن أسوأ مما هي الآن. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «الطابع العام لهذا العداء المتبادل (بين نتنياهو وأوباما) يمثل أدنى مرحلة (في العلاقات). لا أعتقد أنه كانت هناك انتقادات شخصية عنيفة بشكل عام في السابق». وقد مرّت العلاقة بين الحليفين الأميركي والإسرائيلي بالأزمات الرئيسة التالية:
أزمة سيناء عام 1975
قامت واشنطن بالضغط على إسرائيل للانسحاب من شبه جزيرة سيناء التي احتلتها بعد حرب عام 1967. لكن إسرائيل رفضت القيام بذلك من دون اتفاق سلام مع مصر، مما دفع الرئيس الأميركي في حينه، جيرالد فورد، إلى إبلاغ رئيس الوزراء إسحق رابين أن واشنطن ستقوم «بإعادة تقييم» العلاقات الثنائية بين البلدين. وتم إيقاف شحنات الأسلحة الموجهة إلى إسرائيل خلال فترة إعادة التقييم، وهي تعد خطوة كبيرة نظرا لكون الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات المالية والعسكرية للدولة العبرية. ووافقت إسرائيل في نهاية المطاف، على الانسحاب من سيناء في اتفاق أصبح رسميا عند توقيع اتفاقية السلام عام 1979 مع مصر واستؤنفت شحنات الأسلحة الأميركية.
قضية جوناثن بولارد عام 1985
اعتقل بولارد، الخبير السابق في البحرية الأميركية، في الولايات المتحدة في 1985، لنقله إلى إسرائيل آلاف الوثائق السرية حول نشاطات الاستخبارات الأميركية في العالم العربي. وحكم على بولارد اليهودي بالسجن مدى الحياة، وتطالب الحكومات الإسرائيلية المتلاحقة منذ سنوات عدة الولايات المتحدة بإطلاق سراحه، وهي قضية ما زالت تثير التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة.
رقم هاتف البيت الأبيض عام 1990
في بداية سيئة للتعاون بين إدارة جورج بوش الأب ورئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه إسحق شامير، انتقد وزير الخارجية الأميركي، جيمس بيكر، إسرائيل علنا للشروط المسبقة التي سعت إلى فرضها على محادثات السلام مع الفلسطينيين. وقال بيكر في تصريحات موجهة إلى شامير بعد لقاء مع لجنة الشؤون الخارجية: «أريد أن أقول لكم إن الجميع هناك يجب أن يعلموا أن رقم الهاتف هو (...) وعندما تصبحون جادين بشأن السلام، اتصلوا بنا».
خطاب الكونغرس حول النووي الإيراني عام 2015
توجه بنيامين نتنياهو إلى واشنطن قبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية، وألقى خطابا أمام الكونغرس الأميركي بدعوة من رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري، جون باينر، من دون إبلاغ الرئاسة الأميركية في تجاوز للبروتوكول. وقاطع أوباما وعشرات النواب الديمقراطيين الخطاب الذي أكد فيه نتنياهو معارضته لعقد اتفاق نووي مع إيران.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.