ماكينة «داعش» الإعلامية بيد المتطرفات

46 ألف حساب على موقع «تويتر» مؤيدة للتنظيم الإرهابي

تغريدة من أم حفص وصورة لمقاتلات يحملن الكلاشنيكوف في سيارة من طراز «بي إم دبليو»
تغريدة من أم حفص وصورة لمقاتلات يحملن الكلاشنيكوف في سيارة من طراز «بي إم دبليو»
TT

ماكينة «داعش» الإعلامية بيد المتطرفات

تغريدة من أم حفص وصورة لمقاتلات يحملن الكلاشنيكوف في سيارة من طراز «بي إم دبليو»
تغريدة من أم حفص وصورة لمقاتلات يحملن الكلاشنيكوف في سيارة من طراز «بي إم دبليو»

يتمتع حضور تنظيم داعش على الإنترنت بدرجة كبيرة من سوء السمعة، حيث خلصت إحدى الدراسات إلى أن عدد الحسابات المؤيدة للتنظيم الإرهابي على موقع «تويتر» لا يقل عن 46 ألف حساب في عام 2014.
وفي حين أن غالبية المحتوى المعروض من قبل «داعش» يحمل قدرا مؤلما من الوحشية والفظاعة، فإن الكثير منها في واقع الأمر يعبر (بنسبة ما) عن الجانب اللين.
من الأمثلة على ذلك: خلال الأسبوع الماضي، انتشرت صورة على الإنترنت توضح مجموعة من النساء يرتدين أغطية من رؤوسهن وحتى أقدامهن يجلسن داخل سيارة فارهة ويلوحن بالأسلحة الأوتوماتيكية. ويبدو أن أول حساب عمل على نشر الصورة يعود إلى مواطن أسترالي كان قد انضم إلى التنظيم الإرهابي.
ليست تلك الصورة إلا أحد الأمثلة من الصور الدعائية التي تتبادلها النساء اللاتي يعشن في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، وقد عمل إيلي هول، من موقع «باز فيد»، على جمع العديد من تلك الصور. وعلى الرغم من أن بعض الصور توضح درجة من التبجح الشديد، فإن بعضها الآخر يرسم مجالا أكثر اعتدالا لحياة المرأة تحت تنظيم داعش. وتظهر الصور في الغالب الأطفال، والغذاء، أو المرافقة النسائية في بعض الأحيان.
يقول «جيه إم بريغر»، الباحث لدى معهد بروكينغز، إنه ما من شيء جديد حول التغريدات التي تعبر عن النساء في المناطق الخاضعة لتنظيم داعش، على الرغم من وجود نوع من الزيادات الطفيفة في عدد تلك التغريدات بالآونة الأخيرة، خصوصا بعد عودة عدد من الحسابات التابعة لـ«داعش» بعد غيابها لفترة من الزمن. وأضاف بريغر في رسالة عبر البريد الإلكتروني «إن زاوية المجتمع المدني من الزوايا الرئيسية لتسويق صورة التنظيم في أي وقت من الأوقات».
في واقع الأمر، فإن الأدلة التي جمعها موقع «فوكاتيف» تشير إلى أن الرسائل الدعائية المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي غالبا ما تكون ذات تأثير إيجابي في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي، والتي تظهر المزايا والحياة اليومية الطبيعية داخل الخلافة المزعومة لـ«داعش». ويؤكد المؤيدون الغربيون للتنظيم الإرهابي أمثال أنجم تشودري على جوانب الرعاية الاجتماعية لدى «داعش» أكثر مما يشيرون إلى العنف المتأصل لديهم.
والمنطق الكامن وراء الترويج لذلك الجانب من الحياة في ظل تنظيم داعش من الوضوح بمكان: فالتنظيم يسعى لإقامة دولة حقيقية. ولتنفيذ ذلك فهو في حاجة إلى النساء والأطفال كما يحتاج للرجال سواء بسواء. بالإضافة إلى ذلك فإن التقارير الصحافية التي تأتي من جانب ليز سلاي بصحيفة «واشنطن بوست» تشير إلى أن تلك المساعي لا يبدو أنها تتجسد على أرض الواقع. ويمكن للصور التي تمثل النساء اللاتي يتمتعن بحياة طبيعية في ظل تنظيم داعش أن يكون الهدف منها عكس تلك الحقيقة.
بطبيعة الحال، فإن الصور التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تعكس الحقيقة على الدوام. ففي حين أن بعض النساء اللاتي انضممن لتنظيم داعش قد منحن مناصب في لواء الخنساء النسوي بالتنظيم، وهو اللواء المسؤول عن الشرطة الأخلاقية هناك وغالبيته من النساء، إلا أن الحقيقة تفيد بأنهن يقمن بدور خاضع ومنصاع أكثر من كونه دورا قياديا.
خلال العام الماضي، خلص أحد تقارير الأمم المتحدة إلى أن هناك قيودا شديدة على النساء اللاتي يعشن في الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي، حيث يقتصر وجود النساء على المنازل وإقصاؤهن تماما عن الحياة العامة. وتقول إحدى الوثائق المنسوبة لتنظيم داعش والمنشورة هذا العام إن «هناك ضرورة أساسية للنساء لكي يتمتعن بنمط حياة مستقر». وبالطبع، كانت هناك تقارير عدة حول حالات العنف بحق النساء التي يرتكبها مقاتلو تنظيم داعش.
تقول ميا بلوم، وهي أستاذة الدراسات الأمنية لدى جامعة ماساتشوستس في لاويل، إن الصور المتبادلة من جانب النساء اللاتي يعشن تحت حكم داعش قد تكون مصممة لإغراء واستمالة النساء الغربيات للانضمام إلى التنظيم الإرهابي، حيث توحي إليهن الصور بانطباع كاذب ووهمي حول حياة النساء في ظل «الخلافة». وقد تكون تلك الصور مصممة كذلك لاستمالة جانب آخر من الجمهور: الرجال.
حيث توضح السيدة بلوم أن «تجنيد النساء، إلى جانب مضاعفة قاعدة موارد التنظيم، له تأثير في جذب الرجال للمشاركة. فبالنسبة للرجال الرسالة واضحة: إذا لم تلحق بنا، فعلى النساء حمل السلاح بدلا منك».

• خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.