{النواب» الليبي يسحب الثقة من حكومة «الوحدة»

«الأعلى للدولة» اعتبر القرار «باطلاً»... وبرلمانيون تحدثوا عن «تزوير» في جلسة التصويت

جانب من جلسات مجلس النواب الليبي (موقع المجلس)
جانب من جلسات مجلس النواب الليبي (موقع المجلس)
TT

{النواب» الليبي يسحب الثقة من حكومة «الوحدة»

جانب من جلسات مجلس النواب الليبي (موقع المجلس)
جانب من جلسات مجلس النواب الليبي (موقع المجلس)

في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، قرر مجلس النواب الليبي، أمس، سحب الثقة من حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في مؤشر واضح على انهيار اتفاق «ملتقى الحوار السياسي»، الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية العام الماضي.
ويعني هذا القرار، أن حكومة الدبيبة ستواصل عملها كحكومة «تصريف أعمال» فقط، حتى يحين موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال عبد الله بليحق، الناطق باسم المجلس، إنه تقرر سحب الثقة من الحكومة بأغلبية 89 نائباً من أصل 113 نائباً حضروا الجلسة المغلقة، التي عقدها المجلس أمس، برئاسة المستشار عقيلة صالح وبمشاركة نائبيه الأول والثاني بمقره في مدينة طبرق (شرق).
وأوضح بليحق لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الخطوة جاءت بعدما طالب 45 نائباً باستجواب الحكومة، ومساءلتها في بنود عدة، موضحاً أن سحب الثقة لا يحتاج إلى تصويت الأغلبية المعتادة التي تشترط توافر 120 صوتاً، بل الغالبية المطلقة، التي يمثلها طبقاً للوضع الراهن للمجلس 86 صوتاً.
وقال بليحق لاحقاً، إن سحب الثقة من الحكومة يدخل ضمن صلاحيات مجلس النواب وفق الإعلان الدستوري، نافياً تأثيره على إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد.
وكان مجلس النواب قد قرر مساء أول من أمس تشكيل لجنة للتحقيق مع الحكومة في الاتفاقيات والتكليفات والقرارات، التي اتخذتها في عدد من الملفات، على أن تُنجز أعمالها في غضون أسبوعين من تاريخه. كما أعلن تشكيل لجنة أخرى لدراسة القانون الخاص بانتخاب مجلس النواب، ودراسة التعديلات اللازمة له لعرضها على مجلس النواب، وأن لهذه اللجنة الاستعانة باللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس على أن تقدم مقترحها خلال جلسة الأسبوع المقبل.
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من الدبيبة، الذي أجرى اتصالات عاجلة مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي المتواجد حالياً في نيويورك، كما عقد اجتماعاً مغلقاً مع نائبيه بالعاصمة طرابلس، وقال مساعدون للدبيبة، إنه سيصدر لاحقاً بياناً بهذا الشأن.
في المقابل، أعلن المجلس الأعلى للدولة في بيان مقتضب للناطق الرسمي باسمه، محمد عبد الناصر، رفضه هذا الإجراء واعتبره «باطلاً لمخالفته الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي»، وقال إنه «يعتبر كل ما يترتب عليه باطلاً أيضاً».
في غضون ذلك، قال بعض أعضاء مجلس النواب، إن الجلسة التي عقدها أمس «شهدت تزويراً في عملية التصويت على القرار»، الذي قضى بسحب الثقة، ويلغي تلقائياً جميع القرارات الصادرة عن الحكومة مؤخراً. وقال أكثر من 30 نائباً وقّعوا على بيان، إنهم «لم يصوّتوا لسحب الثقة من الحكومة»، واتهموا رئاسة مجلس النواب بالعمل على تشكيل حكومة موازية. كما جادل أعضاء في «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في جنيف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ببطلان إجراء سحب الثقة، واعتبروه مخالفاً للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري.
وتنص المادة الخامسة من اتفاق جنيف على أنه لا ينظر في سحب الثقة من الحكومة إلا بطلب مكتوب من 50 عضواً، وبعد التشاور مع المجلس الأعلى للدولة، وبموافقة 120 عضواً من أعضاء مجلس النواب.
إلى ذلك، أحال المجلس الأعلى للدولة مشروعاً، أعدّه لقانون القاعدة الدستورية والعملية الانتخابية، إلى مجلس النواب لغرض التوافق، وإلى مفوضية الانتخابات، وبعثة الأمم المتحدة لإبداء أي ملاحظات فنية تجاهها، لافتاً في رسالة وجهها إلى مجلس النواب، إلى أنه نظراً لضيق الوقت واقتراب موعد الانتخابات، فإنه يأمل التوافق بشأن هذا القانون خلال أسبوعين، وفقاً لاتفاق جنيف.
بدورها، نقلت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية الليبية، عن وفد أميركي التقته مساء أول من أمس في نيويورك، برئاسة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، إعرابه عن حرص الولايات المتحدة على أمن واستقرار ليبيا، لافتاً إلى الدعم الأميركي لمبادرة استقرار ليبيا، التي أعلنتها حكومة الوحدة مؤخراً، والمؤتمر الدولي الذي سيعقد لبحث هذه المبادرة الشهر المقبل.
كما أكد الجانب الأميركي، وفقاً لبيان وزعته المنقوش، على أهمية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها المحدد، وفقاً لمقررات مؤتمر برلين.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».