«النقد الدولي» يراقب تصرفات حكومة ميقاتي في ملفي الكهرباء والمحروقات

ترقب تواصل رسمي خلال أسبوع للتمهيد لاستئناف المفاوضات

TT

«النقد الدولي» يراقب تصرفات حكومة ميقاتي في ملفي الكهرباء والمحروقات

تبلغ مسؤولون واقتصاديون لبنانيون يتواصلون مع إدارة صندوق النقد الدولي في واشنطن، أجواء إيجابية بشأن قرب استئناف جولات التفاوض مع الفريق الاقتصادي الذي ستعينه الحكومة، بحيث يرتقب أن تبدأ الاتصالات الرسمية المباشرة بين الطرفين قبل نهاية الشهر الحالي، على أن تدخل في صلب برنامج التمويل المطلوب عقب تسلم الصندوق الخطة المحدثة للإنقاذ والمبنية في مفاصلها الأساسية على الخطة السابقة لحكومة حسان دياب.
وأفاد مسؤول - فضل عدم الكشف عن هويته - من المشاركين في الاتصالات الاستطلاعية، بأن الفريق المعني في المؤسسة الدولية يتابع عن كثب تطور الأمور في لبنان، وقد وضع ما يشبه المؤشرات المرجعية التي سيستند إليها في تقييم منهجية التعاون التي ستعتمدها الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، بدءا من المقاربات التي ستقررها بشأن ملفات حيوية وعاجلة تتصل مباشرة بالأزمة المعيشية المستفحلة واعدة تنظيم الأسواق النقدية وتصحيح أوضاع القطاع المالي وتفعيل قوانين الحوكمة ومكافحة التهريب والهدر والفساد.
وأضاف في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «ما فهمناه من دون أي مواربة، أن خبراء الصندوق أدرجوا ضمن أولويات التحقق والمتابعة ما ستقرره الحكومة في كيفية إنفاق حقوق السحب الخاصة البالغة نحو مليار و140 مليون دولار والتي تم إيداعها لصالح الدولة في البنك المركزي، والأهم تصرفاتها الإجرائية في سياق معالجة أزمتي الكهرباء والمحروقات على وجه الخصوص، فضلا عن إدارة ملف البطاقة التمويلية المخصصة لنحو 500 ألف أسرة، بالتعاون مع البنك الدولي كمانح شبه وحيد.
ورصد المشاركون في الاتصالات مع مسؤولين كبار في إدارة الصندوق، ارتياحا أوليا للتوجهات اللبنانية المستجدة مع انطلاق الحكومة الجديدة، إنما تبقى المحاذير مرتفعة استنادا إلى التجربة غير الناجحة التي استغرقت نحو عام كامل مع فريق الحكومة السابقة وما شابها من تباين كبير في المقاربات العلاجية وتقديرات الخسائر. وزاد في التعقيدات المسبقة للمفاوضات المرتقبة، تفاقم الأزمات المتفجرة في لبنان على نحو دراماتيكي وخطير، بحيث ارتفعت نسبة الفقر إلى حوالي 80 في المائة من السكان، وانعدم تقريبا توفر الكهرباء والمشتقات النفطية، بموازاة استنفاد كامل كتلة الاحتياطيات الحرة لدى البنك المركزي وبما يتعدى 10 مليارات دولار خلال سنة وأكثر.
وأبلغ مسؤول في إدارة الصندوق مراجعيه من الاقتصاديين أن من مصلحة لبنان واقتصاده إيلاء اهتمام استثنائي في المرحلة المقبلة لتنمية الصادرات إلى الخارج، كونها تكفل إعادة تنشيط القطاعات الإنتاجية التي تعاني حاليا ضغوط أزمتي الكهرباء والمحروقات، وتعظيم دورها في النهوض المستهدف من جهة، ثم بوصفها قناة مهمة لتدفق العملات الصعبة إلى جانب القناة الرئيسية التي تتصف بالديمومة وتصب فيها تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين بنحو 7 مليارات دولار سنويا، ويرتقب ارتفاعها بشكل ملحوظ انطلاقا من العام المقبل كنتيجة لموجة الهجرة الكبيرة التي شهدتها البلاد خلال العامين الأخيرين، ولا سيما من قبل فئات مهنية ومحترفة تلقت عروض عمل في بلدان الخليج وأوروبا وسواها، مع التنويه بالآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية التي ستضرب قطاعات حيوية ومتميزة بسبب هذا النزوح للكفاءات والمهنيين.
وفي السياق، دعت جمعية المصارف، والتي تشكل ركنا أساسيا في القطاع المالي الذي تشمله خطة الإنقاذ، الحكومة الجديدة إلى اعتماد نهج مختلف والالتزام بالبنود والوعود التي أدرجتها في بيانها الوزاري لإخراج لبنان من أزمته، وأن تبادر فورا إلى تطبيق التزاماتها بحسب بيانها الوزاري الذي لحظ استئنافاً فورياً للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لمعالجة الآثار السلبية للسياسات السابقة الخاطئة، وإطلاق المفاوضات مع الدائنين لإعادة سداد التزامات الدولة اللبنانية وصولا إلى إصلاح القطاع المصرفي وإقرار الموازنة العامة.
وإذ لاحظت في البيان الصادر عن رئيس الجمعية سليم صفير، أن خطة الإنقاذ التي اعتمدتها الحكومة السابقة، كانت وبشكل واضح قائمة على إلغاء مديونية الدولة من خلال اقتطاع على الودائع مباشر وآخر مقنع، فقد أكدت أن أموال المودعين هي حقوق يكفلها الدستور والقانون في دولة مؤسسات قوية وفاعلة. وانطلاقاً من هذه الحقيقة «لا بد للدولة من تحمل مسؤولياتها تجاه كل القطاعات الاقتصادية ومنها القطاع المصرفي الذي تعرض للاستنزاف والعمل دون هوادة لإعادة الانتظام إلى مؤسساتها وإعادة تفعيل القطاع الخاص.
ويطالب القطاع المصرفي بشراكة حقيقية تصون أحد أهم أعمدة الاقتصاد والتوظيف والإيرادات المحققة للدولة. فهو، بحسب البيان، شكل قبل الأزمة قاطرة النمو في البلاد عبر تسليفات فاقت حجم الاقتصاد (نحو 55 مليار دولار) ووظف أكثر من 25 ألف لبناني وضرائبه النظامية هي أحد أهم بنود إيرادات الخزينة العامة. أما فروع المصارف وعددها يفوق الألف فإنها بمنزلة مراكز اقتصادية منتشرة في كل المناطق في خدمة الاقتصاد. وذكر المجلس النيابي أن المصارف التي «وظفت فائض سيولتها في مصرف لبنان وليس في جناتٍ ضريبية أو في توظيفات عشوائية، سعت ومنذ اليوم الأول لحماية ما تبقى من نقد أجنبي في البلاد ولحماية أموال المودعين فطالبت بإقرار قانون تقييد الرساميل (الكابيتال كونترول) فيما الصيغ المتعددة التي تم عرضها كانت أشبه بصيغ هدفها تشريع السحوبات النقدية والتحويلات إلى الخارج.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.